أخبار عاجلة

من هو المناضل ” أبو القصب الشلال” .. شهيد المعاش؟ (بورتريه)

‏  10 دقائق للقراءة        1843    كلمة

الحديدة نيوز- خاص- علاء الدين حسين :

كانت “تهامة” ومازالت أرض خصبة تُخرج المبدعين والمبدعات في مختلف المجالات بما فيها الثقافية والأدبية،لكنهم ضلوا بعدين عن الأضواء لسنين عديدة بفعل عوامل سياسية واجتماعية فرضتها السلطات الحاكمة، فكان “ألتهميش”سمة لصيقة بالشخصيات التهامية البارزة التي ناضلت من أجل صون الحقوق والحريات وإعلا قيم الحب والتسامح،ونشر مبادىء الثقافة والفن وكل ما هو جميل في موطن متعدد المسميات متوحد أهلة في تجرع المصائب والمُلِمَّات.
وحينما يتحدث المرء عن الإبداع والثقافة في تهامة،فمن الواجب أن يتذكر أعلامها،ومنهم” أبو القصب أحمد الشلال العقيلي”الشاعر والكاتب والروائي والصحفي الذي ولد وترعرع في مدينة الحديدة العام 1949.ومنها أخرج إلى اليمن نتاج ثقافي وأدبي وإعلامي يُـعد مفخرة لكل النخب اليمنية بشتي انتمائتها الفكرية والسياسية والاجتماعية.

لماذا “أبو القصب”:

كان ميلاد “أبوالقصب الشلال”، بعد عدة مواليد توفوا عقب مولدهم ،ففي يوم من الأيام ووالدة “أبوالقصب” تحمل في أحشائها طفلا،رأت في منامها الولي الصوفي “أبو العباس الزيلعي”، ينصحها بتسمية ولدها المرتقب،وحينما ولدت الأم ،قررت تسمية ولدها الجديد بـ”أبو القصب” تيمنناً بالولي الزيلعي.
تربى الشاعر والإعلامي الكبير”أبو القصب الشلال”، يتيماً حيث توفي والده مبكراً وعمره لا يتجاوز الثلاثة أعوام ،ليعيش أبو القصب في كنف عمه” محرم أبكر شلال” الذي كان يعمل وكيل محكمة (محامي).


وفي عروس البحر االاحمر ،مدينة “الحديدة”، عاش أبو القصب طفولته وسنوات المراهقة ما بين حارة “السور” حيث يعيش عمه وحارة “اليمن” حيث تعيش “آمنة يحي جيلان” والدته التي رفضت الزواج بعد وفاة والده و اوقفت حياتها لتربية ولديها “أبو القصب” ومن بعده”يحي” ـ
وليلتحق “أبوالقصب” للدراسة فيماكان يُـعرف عند اليمنيين بـ”ألمعلامه” فتتلمذ على يد الفقيه مكرم في أصول الدين والفقه والشريعة،وينظم للدراسة في المدرسة “السيفيه” التي سميت فيما بعد بمدرسة “الوعي”.

مهن متعددة :
والى جانب الالتحاق بالصفوف التعليمية، كان يعمل “أبو القصب”،صياداً ،كون غالبية أبناء حارته يعملون في الصيد،ومن ثم كاتباً لصياغة الاتفاقيات بين الفلاحين الذين يأتون ببضاعتهم من خارج المدينة ومن يسوقها داخل المدينة .
وبعد أن أكمل دراسته الثانوية بعد الثورة اليمنية في الـ26من سبتمبر1962. عمل في مشروع الطريق الرابط بين الحديدة وتعز وبعد إنتهاء العمل بهذا المشروع أنتقل في بداية العام 1968، للعمل في مكتب إعلام الحديدة بطلب من الأستاذ “العزي مصوعي”،و خلال نشاطه العملي وتنقله الوظيفي كان له نشاط سياسي أيضاً فقد كان واحداً ممن ساهم في تكوين “نقابة العمال” في “الحديدة” وعضواً نشطاً في “إتحاد الشبيبه الديموقراطية “، كما أنه يُـعد واحداً ممن شارك في تأسيس “إتحاد الأدباء والكتاب اليمنين” العام 1970في مدينة عدن.

شغوفاً وشاعراً :
كان”أبو القصب الشلال”، قارئاً نهماً خصص جزء من راتبه لشراء الكتب الثقافية كما أنه كان يحصل عليها من “المركز الثقافي البريطاني والروسي والصيني” في ذلك الوقت كان أكثر أعجاباً بالكتاب ” سلامة موسي , يوسف السباعي جبران خليل جبران عباس محمود العقاد , الكواكبي , محمد عبده , درويش , سمح القاسم , محمود زياد , غسان كنفاني , البياتي , الجواهري” , وغيرهم من الكتاب العرب الذي تحوي مكتبته كتبهم.
و بدأ “أبو القصب” كتابة الشعر في سن مبكرة لأن القصيدة بالنسبة له كانت هي المساحة التي يستطيع التعبير فيها عن معاناة تهامة ـ وكانت قصيدة” قرى الصمت المعتق” تعبر عن هذه المعاناة عندما إحترقت مدينة الحديدة العام 1968م وتركت السلطة المحلية النيران تلتهم المدينة ولم تقدم لها أبسط المساعدات .
حينها كتب الشاعر القدير”أبو القصب ”
أهنئكم إخوتي الكادحون بيوم الحريق
أهنئكم حين أمسيتمو عراةً ـ تنامون عرض الطريق
أهنئكم كل يوم وأنتم تعيشون في ظل عهد عتيق
فاءن تحرق النار أمتاعكم ترد أليكم بخلق جديد
وأن تحرق النار أكواخكم فقادرة جلها أن تشيد
فسبحانها دولة القادرين على ما تشاء وما قد تريد
وأن يصقع البرد أجسامكم مساءاً فهذا قرار سديد
وأن تنضج الشمس أرواحكم ويُسِكِرُ أنف الفضاء الصديد
فخروا سجوداً ومن يمتنع فقد خالف الشيخ فيما يريد
أهنئكم إخوتي الجائعون وبعد الحريق ـ بقيد حديد شديد
فما ذاك إلا أكاليل غار يحلى بها الشيخ عنق العبيد
فسبحانه جلّ ما قد عطىّ فزيدو خشوعاَ لهُ كي يزيد

غنت للشاعر الكبير”أبو القصب الشلال” الفنانة ” أمل كعدل” نشيد “بلادي أحييك فلتسلمي” وهي القصيدة الوحيدة المغناة له ،وله ثلاث دواوين شعر ،ولم يطبع له أي عمل شعري أو إبداعي ،ومن أبرز الانتاجات الأدبية والثقافية التي صدرت عن “أبو القصب الشلال “،
(ديوان “قلبي على وطني” ،”زهرة الشفق المستديرة” ،”أجمل الكائنات” ،ومسرحية شعرية بعنوان “ما في الجبة إلي الجحش “كتبها في سجن الحديدة عام 1978م وهي عن الفساد السياسي الحكومي ،”رحلة إلي وادي العسجد” وهي رواية عن فساد المنظمات الحزبية والسياسية، ورواية ” خلدون لن يسافر”وهي عن الفساد المجتمعي،ورواية” الخياط الشجاع” ،و كتاب “الفاظ ومعاني عربية لم تعد متداولة”،ومجموعة قصصية بعنوان “عام الغراب”ومجموعة من الدراسات والابحاث التراثية الشعبية ومنها:” الشاعر سي شعيب ،وكتاب “الشعر الشامي في تهامة” ومرويات بعنوان ” شر البلية ما يضحك” و”قاموس لغوي”
و مذكرات عن حياة السجن بعنوان “الفجر المرتقب ليلة القبض على أبي القصب” وفيها سرد حي للواقع الأليم الذي يعيشه المثقف في فترات الملاحقة للحد من دوره) وغيرها الكثير من الأعمال الإبداعية).

“أبو القصب” الإعلامي :

ساهم الأستاذ “أبو القصب” مع الأستاذ” العزي مصوعي”، وزملائه في تشغيل إذاعة” الحديدة” العام 1968م ،وفيها قدم عدة برامج ،كما شغل فيها عدة مناصب ادارية كان أبرزها “مدير البرامج” إضافة إلي سكرتارية صحيفة “الثغر” الصادرة عن مكتب الإعلام بالحديدة ثم مدير تحريرها .
عقب تلك الفترة ذهب إلي العراق في منحة دراسية حكومية في معهد الإذاعة والتلفزيون في “بغداد” في العام 1972، وهو في طريقه إلي بغداد كان عن طريق الكويت التي إستضافة فيها الطلبه اليمنين الدارسين في الكويت ونظموا له محاضرة لقراءة شعره وحول التغيرات في اليمن , وعند وصوله بغداد أستدعاه سفير اليمن في الشطر الشمالي آنذاك “أحمد المروني” وأخبره بأن رساله جاءت من صنعاء تطلب إنهاء منحته الدراسية وسحب جوازه وإعادته إلي صنعاء مخفوراً , لكن “أبو القصب” رفض هذا الطلب وأصر على إنهاء دراسته ،وهدد أنه سيسلم جوازه إلي سفير اليمن الجنوبي ،ثم عاد إلي اليمن بعد إكمال الدورة التدريبية وبقي متخفياً لمدة ستة أشهر عند زميله “عز الدين ياسين” ، حتي تم التوسط له لدي وزير الإعلام آنذاك “أحمد دهمش” من أجل عودته الى عمله ،و في العام 1973م سافر”أبوالقصب” إلي “موسكو” لحضور مؤتمر الكمسمول ( إتحاد الشبيبة الروسية ) من مدينة الحديدة عبر طيران “الآيرفلوت” التي صعد على متنها كعامل لنقل عفش الركاب ـ , ثم عاد عن طريق مدينة “عدن” مجتازاً الحدود بين البلدين مشياً على الأقدام .
وفي العام 1974، أغلقت الدولة المراكز الثقافية الأجنبية وأنشأت مراكز ثقافية محلية،حينها عين مديراً “للمركز الثقافي بالحديدة” إلي جانب عمله الإعلامي وكلفه محافظ الحديدة بإصدار نشرة إخبارية لأبرز الأخبار المحلية والدولية لتوزيعها على الدوائر الحكومية.
وكانت نواة لوكالة الأنباء من بداية العام 1976 ،حيث شارك مع زملائه في تأسيس “جمعية الصحفيين” فيما بعد .

بعد اعلان الوحدة اليمنية العام 1990، عاد الأستاذ “أبو القصب” إلي “اليمن” وعُـين موظفاً جديداً في “وزارة الثقافة”، وشارك مع وجهاء الحديدة في تأسيس “جمعية أبناء الحديدة التنموية الخيرية” عام 1992،كما أسس “دار الأزمنة الحديثة للدراسات” عامي 94ـ 95 وفي عام 2014، أسس مؤسسة “تهامة اليوم للإعلام والصحافة” وقناة “تهامة اليوم ” الفضائية

المناضل اليساري:

وفي السادس من أغسطس 1976، تم اعتقاله في “الحديدة” وأرسل إلي “صنعاء” من قبل ماكان يُـعرف بـ ” الأمن الوطني” سيئ السمعة آنذاك , وخرج من السجن نهاية مايو من العام 1978، وعاد إلي عمله في الحديدة وفي أغسطس أصدر جريدة الفجر وكان يملكها وأوقفت بعد صدور عددين فقط , وتم اعتقاله للمرة الثانية في أكتوبر من العام 1978، من قبل الأمن الوطني ـ وخرج منتصف عام 1979.،
وتوجه بعد ذلك إلي “عدن”، ومن هناك سافر إلي “لإتحاد السوفيتي” مع طفليه،ثم التحق بجامعة “الصداقة بين الشعوب”
وعاش ظروفاً اقتصادية قاسية ،كون المنحة المالية التي كان يحصل عليها لا تكفيه مع طفلية، إضافة إلى أن الحكومة في الشمال أوقفت راتبه ،وحكومة الجنوب رفضت أعطائنه مساعدة ماليه بسبب رفضه الإنخراط في “الحزب الاشتراكي” بعد دمج كافة الأحزاب في الجنوب وإختزالها في حزب واحد وهو ” الإشتراكي” .

أتصل بصديقه “عمر الجاوي” في بداية “الثمانينيات” كان حينها يشغل منصب”رئيس إتحاد الأدباء”، ولثقته به من أجل الاتصال بالدكتور عبد العزيز المقالح من أجل تعيينه مراسلاً أكاديمياً لمركز الدراسات والبحوث اليمني لدي أكاديمية العلوم الشرقية في موسكو براتب 1000ريال يمني والذي كان يعادل في ذالك الوقت” 200″ دولار أمريكي ،

في أغسطس من العام 1982م، تم ترشيح”أبو القصب” للإشتراك في مسيرة السلام التي جابت كل أوروبا لمناهضة الحرب وسباق التسلح ومن هذه المسيرة أخذت صورته ورفعت في الحديدة في مقر وكالة “تاس” في قلب “موسكو” كما رفعت في مصنع أسمنت “باجل” الذي كان يديره الروس ،و في موسكو أنتخبه الطلاب رئيساً لإتحاد الطلبة الشماليين لأربع سنوات .

أبو القصب الإنسان :
أهتم “أبو القصب” هو وزوجته الصحفية “فاطمة الشريف”بتعليم أولاده منذ نعومة أظفارهم حتى برعوا في إجادة اللغات “الإنجليزية والروسية”، بطلاقة ،وأصبحوا يتمتعون بمهارات عاليه في “عزف الموسيقى,والمهارات الرياضية”،
خلال فترة الحرب الحالية التي ما يزال يعاني من ويلاتها اليمنيون شمالاً وجنوباً،تعرض الأستاذ “أبو القصب” لوعكة صحية فأنهكه المرض والفقر حتى توفي في مدينة عدن يوم السادس عشر من ابريل العام2018، وهو يبحث عن مرتباته التي لم تصرف إلى حد الآن رغم التوجيهات الصريحة والواضحة بصرفها من الرئيس “عبد ربه منصور هادي” .

عن gamdan

شاهد أيضاً

اعداء النجاح في كهرباء الحديدة !

‏‏  3 دقائق للقراءة        408    كلمة الحديدة نيوز / كتب/ ماجد عمر ثلة قليلة لا تشكل …

تعليق واحد

  1. بسمة المفلحي

    هل يوجد تكريم لهؤلاء الشعراء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *