أخبار عاجلة

الحديدة : ميناء الصليف..قصة ميناء تعرض للأحتلال البريطاني منذ القدم !!

‏  8 دقائق للقراءة        1450    كلمة

الحديدة نيوز / الدكتور / عبدالودود مقشر
احتلال بريطانيا لشبه جزيرة الصليف لكن الحدث الأهم هو احتلال الصليف من قبل بريطانيا، ثم انسحابهم منها نتيجة –كما يؤكد الكاتب– للمقاومة اليمنية الشرسة التي أرغمت هذه القوات على الجلاء، أوردت أحداث احتلال بريطانيا أغلب المصادر، ومنها مشاركة الضابط البحري البريطاني الجنرال كونراد كاتو Cato Conrad في حرب الصليف وكتابه (THE NAVY EVERYWHERE ) والذي طبع في 1919م، ثم التقارير والصحف العالمية.

سرد كاتو وبولدري والذي اعتمد على الارشيف البريطاني وقائع احتلال الصليف فقال: “وقد وقع أهم عمل ضد الصليف بين يومي 12 – 14 يونيو 1917م [ 22- 24 شعبان 1335هـ] عندما استخدمت خمس سفن في محاولة لإزالة الموقع العسكري التركي، ففي خلال ليل 12 يونيو اتخذت السفن مواقعها وهي:
سفينة نورث بروك (Northbrook).
سفينة توباز (Topaze).
سفينة اشبيجل(Espiegle).
سفينة منتو (Minto).
سفينة أودين (Odin)تحت قيادة الكابتن بويل (Boyle).
جماعة إنزال من السفينة (Suwa).
فصيلة بحرية صغيرة من السفينة بيرث (Perth).

وعند الفجر، ذهبت جماعة الهبوط القوية المؤلفة من 250 رجلاً إلى الشاطئ بقيادة نائب الادميرالية وضابط في القوات البحرية البريطانية وودز (A.R.W.Woods)، وهاجمت موقع الصليف تحت غطاء من نيران مدافع السفن، ورغم أن المفاجأة كانت تامة، فقد تصدى الأتراك والعرب لجماعة الإنزال، وأيضاً فتحوا النيران على السفن، ولكنهم فشلوا في إحراز أي إصابة.. وفي الساعة الثامنة والنصف تم تطويق الموقع التركي من كل من الجانبين وأسرت الفصائل البعيدة عن المركز، وبعد ذلك بخمس عشرة دقيقة استسلمت الحامية، وقد قبض على ضابطين عسكريين وتسعة من المدنيين وثمانين جندياً من لواء المشاة السابع والخمسين ولواء المدفعية الثالث والعشرين، وثلاثين من المقاومة العربية اليمنية، وقد تم الاستيلاء على مدفعين جبليين من طراز كروب وثلاثة مدافع عيار بوصة واحدة من طراز نوردين – فيلدتس (Norden – Feldts) ذي المواسير الأربع وذخيرة ومستودعات وتبين أن مشروع السير جون جاكسون وشركاه (John Jackson and Co.,) والذي استخدم قبل الحرب في تحسين ميناء الصليف قد وجد أنه لا يمكن استخدام أدواته نتيجة فسادها ولكن كل أجزاء المكثف المفيدة قد نقلت إلى عدن، وأخيراً غادرت القوة البريطانية الصليف عند الغروب 14 يونيو.”.

أما المؤرخ المحلي الوشلي فسرد الرواية العربية وتكاد تتطابق مع الرواية البريطانية فقال: “وفي يوم الأربعاء الثاني والعشرين منه –شعبان 1335هـ / 12 يونيو 1917م- هجمت خمسة بوابير للانجريز ونحو عشرين ساعية على قرية الصليف مشحونة بالعساكر والأسلحة النارية من آلة الحرب، فأنزلوا بها جموعاً كثيرة، وأخذوا مآمير (ضباط) الدولة العثمانية وعساكرها الموجودين بها، وأطلعوهم إلى البوابير، ثم سيّروهم إلى عدن، وفتحوا الحرب على أهل القرية بالمدافع العظام من البوابير، فضربوا عليها نحو مائة قلة (قذيفة مدفعية)، وبفضل الله لم تصب أحداً، ولم تخرب بيتاً غير ثلاثة أشخاص قتلوا، فاستولوا على المعقل الكائن بجبل الصليف”.

لكن ما ميز المؤرخ الوشلي أنه رسم صورة لمأساة القصف البريطاني على الصليف والحالة الشعبية، فقد شرح تأثير ذلك الهجوم على الناس وفرارهم من القصف الشديد والذي طال كل شيء ودمرّ قرية وميناء ومناجم الصليف، ففرّ الناس جميعهم، أطفالاً ونساءً، ورجالاً أقوياء وضعفاء، أغنياء وفقراء، مات الكثير منهم من هول القصف البريطاني للصليف ومن شدّة العطش والجوع وصور ذلك في النص التاريخي التالي: “فخرج أهل الصليف فارين من ذلك الهول، فاستقبلوا في الطرقات يوماً حاراً، وأكثرهم ضعفاء ما بين نساء وأطفال وعاجزين وأقوياء، فهلك منهم بالظمأ والجوع خلق كثير في الطرق، فنسأل الله أن يعزّ الإسلام وأهله ويذل الشرك وأهله، ويقطع دابرهم”.

ثم ذكر أن الانجليز انسحبوا بعدما علموا أن هناك حراكاً شعبياً تقوده حركة المقاومة اليمنية والدولة العثمانية لطرد المستعمر البريطاني من الصليف يقوده رجل دين وعلم بسلطة روحية صوفية شعبية هو محمد بن يحيى الأهدل فقال: “ثم إن الانجريز ألقى الله في قلوبهم الرعب بعد أن مكثوا بالصليف ثلاثة أيام فطلعوا بأجمعهم إلى البوابير، ولم يبق أحد منهم بالصليف، ولكن كان رجوعهم متوقعاً فقامت حمّية أهل الإسلام من الدولة العثمانية بسوق العساكر والأسلحة النارية كالمدافع الكبار وغيرها، وما زالوا يجتمعون بالزيدية والمنيرة والقمة محل بمعدن الملح، وفي خلال اجتماعهم بالمحال المذكورة جمع السيد العلامة منصب المنيرة محمد بن يحيى الأهدل جموعاً كثيرة من القبائل ثم أرسلهم إلى الصليف وأصحبهم بأولاد قبيلته، وساق من الماء والزاد ما يكفيهم، فدخلوا إلى الصليف واستولوا عليه ورتّبوا المعاقل التي به، والدولة في خلال ذلك تجمع العساكر والمدافع العظام حتى اجتمع منهم نحو خمسمائة نفر، ومن المدافع خمسة بالمنيرة والقمة معدن الملح وبينما هم على ذلك ناوين الإقدام على دخول الصليف بالقوة، إذ أحجموا ورجعوا بعساكرهم ومدافعهم إلى الزيدية ومنها تفرقوا إلى الحديدة وإلى الجرب وهي قرية من قرى الواعظات وتركوا أمر الصليف وفوّضوه إلى السيد المُشار اليه وأمدوه ببنادق وجبخانة فأعطاها أهل المنيرة فكانوا يتناوبون الوصول إلى الصليف وهو يكفيهم بالماء والأكل وغير ذلك، فجزاه الله خيراً، وقد شاع وذاع أن دخول الإنجريز إلى الصليف كان بعناية بعض أهل البلاد وبعض مآمير الدولة المرتبين في الصليف، فكانوا يكاتبونهم خفية فأعطوهم من نقود الذهب شيئاً كثيراً فباعوا دينهم بدنياهم وأرادوا تمليك الكفار بلد أهل الاسلام.”

لا شك أن الحرب ضد الصليف وقصفها وجدت صدى في الصحافة الدولية، آنذاك، وقد وجد الكاتب عدداً كبيراً من الصحف تناولت ذلك لكم من وجهة النظر الرسمية البريطانية السابقة مع ذكر بعض التفاصيل الجزئية مثل مقتل جندي بريطاني وجرح آخر، وذكر أن الأسرى العثمانيين بلغ عددهم 94 أسيراً عثمانياً، وأن غنائم الانجليز هي بطاريتا مدفعية و3 بنادق آلية رشاش مع مخازن أسلحة متنوعة وجمال للحمل، ولكنهم فشلوا في استرجاع الأسرى البريطانيين لكون العثمانيين نقلوهم إلى الداخل، يراجع الصحف التالية:
The Beaver herald., January 24, 1918, p. 3. The Beaver herald., January 24, 1918. P. 3, Carrizozo news, January 11, 1918, p. 6. THE TOMAHAWK, DECEMBER 27 ,1917. P. 6.

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بهزيمة الدولة العثمانية ذكرت تقارير أمريكية أنه خلال الحرب العالمية الأولى دمرت الصليف بشكل شبه كامل، ودمرت بنيتها التحتية وأغلب المواد الحديدية والفولاذية، وقد طليت بالصدأ بعد الحرب، بل إن الرصيف الذي بني في العهد العثماني أصبح شبه مدمر ومهجور، وذكرت التقارير أنه “قد احتلت فصيلة من كمران مدينة الصليف في أبريل 1919م [رجب 1337هـ] لحماية الرصيف البحري وممتلكات السير جون جاكسون وشركاه ومنشآت الدين العام العثماني (O.P.D)، وكانت وزارة الخارجية قلقة للغاية، وكانت ترى أنه يجب ألا يقوم أحد بتشغيل الملاحات في انتظار التسوية الخاصة بأمور شبه الجزيرة العربية السابقة للحرب عندما كان الحكم التركي وفي نوفمبر 1921م [ربيع الأول 1340هـ] أعدت قائمة بكل الممتلكات الأجنبية في الصليف، وذلك قبل تسليم الصليف إلى الإدريسي في 14 نوفمبر 1921م [14 ربيع الأول 1340هـ] وهو يوم الجلاء البريطاني عنها”.

عن gamdan

شاهد أيضاً

اعداء النجاح في كهرباء الحديدة !

‏‏  3 دقائق للقراءة        408    كلمة الحديدة نيوز / كتب/ ماجد عمر ثلة قليلة لا تشكل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *