نازحو الحديدة بصنعاء.. كالمستجير من الرمضاء بالنار

‏  4 دقائق للقراءة        689    كلمة

عند مدخل أحد الفصول في مدرسة أبي بكر الصديق بحي عصر غربي العاصمة صنعاء يقف سالم تراب، وبجسده الهزيل يتعلّق طفله (أربعة أعوام)، ويرتدي معطفا شتويا في فصل الصيف، كما بدا الندم على الأب الذي قرر النزوح من منزله في مدينة الحديدة (غربي البلاد) إلى العاصمة.

ببالغ الأسى، يقول سالم إنه لو كان يعلم أن الحراك الدبلوماسي الأممي سينجم عنه بعض الهدوء في مدينته لما غادرها قبل أسبوعين، ولقرر البقاء مع أطفاله الخمسة وزوجته، فهو يعيش أوضاعا أكثر صعوبة في صنعاء، وتابع أنه سيعود إذا سنحت له أي فرصة.

وأوضح أن الأخبار كانت تتحدث عن معارك شوارع وهجوم على الحديدة، “أفزعونا وأجبرونا على مغادرة منازلنا دون مأوى، لكن حتى اليوم لم يحدث ما كنا نخشاه”.

وتحدث سالم عن معاناة طفلته الصغيرة سلوى التي تبلغ عاما وبضعة أشهر، وتعاني من مرض سوء التغذية، وقال لم نحصل لها على الحليب من منظمات الإغاثة، “وأنا لا أقدر أن أشتري لها، فنحن مساكين وفقراء”.

وأشار إلى أن العشرات من النازحين أُصيبوا بالزكام، بسبب درجة الحرارة المنخفضة في العاصمة صنعاء مقارنة مع الحديدة، خاصة مع هطول الأمطار، ولولا حصولهم على بعض الملابس الشتوية المستخدمة من خلال مبادرة شبابية خيرية لساءت أوضاعهم بشكل أكبر.

واعتاد سكان مدينة الحديدة على العيش في ظل مناخ حار، تصل درجة الحرارة فيه إلى نحو أربعين درجة مئوية.

لم تكن حالة سالم استثناء؛ فالإحصاءات تفيد بأن نحو 7700 أسرة نزحت من الحديدة إلى صنعاء، أي ما يقارب أربعين ألف نازح، ضمن 121 ألف نازح أجبروا على النزوح جراء المعارك الدائرة في الحديدة والساحل الغربي، حسب بيانات للأمم المتحدة.
وأوضح مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في اليمن أن النزوح من محافظة الحديدة لا يزال مستمرا، وأن الشركاء المحليين تحققوا من نزوح أكثر من 17 ألفا و350 أسرة، أي أكثر من 121 ألفا منذ الأول من يونيو/حزيران الماضي.

وفي ظل موجة النزوح، قلت الوحدات السكنية المعروضة للإيجار في صنعاء، وارتفع إيجار المتوفر منها بشكل مضاعف، بينما اتهم النازحون ملاك العقارات باستغلال أزمتهم الإنسانية، ودفعهم في نهاية المطاف إلى السكن في الأقبية والحوانيت الصغيرة.

أحد هؤلاء صدام علي محمد الذي يسكن مع زوجته وطفليه في حانوت صغير بحي الحصبة وسط صنعاء، في حين لجأ شقيقه إلى قبو يستعمل مستودعا في أطراف المدينة الشرقية، ضمن أربع أسر نازحة، ولا تتوفر في هذه المساكن دورات مياه ولا صرف صحي، مما يضطر النازحين للجوء إلى المساجد المجاورة.

وإزاء هذا الوضع، دعا نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إلى فتح المساجد أمام النازحين، وتوفير مأوى وسكن لهم، بدل تكريس هذه المواقع للطائفية والاقتتال في بلد منهك بالحرب منذ أربعة أعوام.
ويجمع النازحون على أن منظمات الإغاثة الدولية والأممية تخلت عنهم، ولم تقدم لهم المساعدات والمساكن اللازمة، كما عبروا عن استيائهم من وضع المساعدات التي تقدم لهم، فهي إما “ملابس ممزقة أو غذاء لا يستساغ”.

لكن تقرير الأمم المتحدة قال إنه تم تقديم المساعدة لأكثر من عشرة آلاف أسرة نازحة، مما يعادل ثمانين ألف شخص، وشملت تلك المساعدات مستلزمات الطوارئ، وغيرها من أشكال الدعم المنقذة للحياة.

ويحاول النازحون العودة إلى منازلهم في مدينة الحديدة، إثر معاناتهم الكبيرة، لكن قيمة المواصلات التي ارتفعت أسعارها أيضًا إلى الضعف حالت دون ذلك.

وبكلمات تعبر عن حسرته، مضى سالم تراب قائلا “نحن منتهكون في بلادنا، وأتمنى أن أعود لمنزلي، وليحدث ما يحدث، لن يكون أقسى مما وجدناه، وإذا جاء الموت فالموت في منازلنا أعز
في المقابل، عبر بعض النازحين عن خشيتهم من العودة إلى الحديدة نظرا لانقطاع المياه في المدينة في ظل ارتفاع درجة الحرارة، والخوف من عودة تفشي الأوبئة والأمراض.

ومنذ 13 يونيو/حزيران الماضي، ينفذ التحالف العسكري السعودي الإماراتي عملية عسكرية للسيطرة على مدينة الحديدة ومينائها الإستراتيجي على البحر الأحمر، وهو ما أسفر عن أوضاع معيشية صعبة للسكان نتيجة المعارك والغارات الجوية.

المصدر : وكالة الأناضول

عن arafat

شاهد أيضاً

تعيين “زيد الوشلي” رئيساً تنفيذياً لـ”مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية”

‏‏  2 دقائق للقراءة        243    كلمة الحديدة نيوز / أحمد كنفاني صدر قرار رئيس المجلس السياسي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *