إلى أمهات الشهداء… أنتن العيد الحقيقي !!

‏  3 دقائق للقراءة        554    كلمة

الحديدة نيوز / رحيم باري

اندريه قصاص

Doc-P-568330-636887510848832552.jpg

مهما قيل عن الأم وفيها يوم عيدها يبقى أقل مما تستحق، وهي التي تكرس 364 يومًا في السنة، وكل سنة، من اجل عيالها، وهي التي تحرم عن نفسها الكثير مما تشتهيه لتقدمه إلى فلذات أكبادها. لست أدري من كان قبل: الأم أم التضحية، أم كلاهما كانا معًا وتلازما حتى أصبحتا عنوانًا لقصيدة الحياة، التي تُختصر بأول كلمة يتفوه بها كل طفل، وهي الكلمة الوحيدة التي ترافقه في كل مراحل حياته، وبالأخص عندما يقع في الضيق، فتراه يردد لا شعوريًا: وينك يا أمي أو دخلك يا أمي، وبالتالي فإن الأم هي الوحيدة التي تعني حقيقة ما تقول عندما ترى أحد أبنائها مريضًا، فتطلب من الله، ومن كل قلبها، وتردّد من دون تردّد: يا ريتني أنا يا رجوتي ولا أنت.

هي وحدها المستعدة لتضحي بنفسها لتفتدي أولادها، وهي الوحيدة التي تعطي من دون حساب ولا تنتظر مبادلة العطاء بعطاء آخر، لأنها تعطي من قلبها ومجانًا، إذ لا مقياس لهذا العطاء، الذي يوازي كل العطاءات في هذا الكون الفسيح.

ولأن لكل أم لا تزال على قيد الحياة من يفكر بها ويحيطها بالحب والحنان، ولأن لكل أم في السماء من يصلي لأجلها أو يطلب منها التشفع له لدن الباري الرحمن الرحيم، أخصّ هذا اليوم لكل أم فقدت أحد أبنائها، وبالأخص أمهات شهداء الجيش وسائر القوى الأمنية، أو أي أم فقدت ولدها في الحروب المتعددة الأسماء، التي تركت بصماتها السوداء في كل حي وفي كل دار، وتركت وراءها أحزانا كثيرة تهد الجبال وتزلزل الأرض من تحت الأقدام.

أمام كل أم تقف اليوم باكية على قبر ولدها الشهيد، وهي التي لم تتوقف يومًا عن البكاء، أنحني خاشعًا، واعود في التاريخ 2019 سنة حين وقفت أول أم شهيد أمام وحيدها المعلق على الصليب، ولا أستطيع أن أتخيل مدى الالم الذي عاشته، وهي العاجزة حتى عن لعن الجلادين، لأنها كانت تسمع ذاك المثخن بالجراح من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه يقول: إغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدركون ماذا يفعلون.

وحدها الأم الثكلى تعرف معنى فقد الأبن، وتعرف عمق الحزن، الذي يمزق قلبها إربًا إربًا.

لكل أم تنهمر اليوم من عيونها الدموع كالأنهر لا يسعنا إلاّ أن نطلب منها السماح لأننا لم نستطع أن نحافظ على وطن الشهداء، ولسنا في مستوى تضحياتها، ولأننا لا نزال نبدّي مصلحتنا الذاتية على مصلحة الوطن، الذي ضحّى الشهداء بأرواحهم في سبيل أن نعيش نحن أحرارًا، وأن نبني وطنًا يستحق منا أن نضحّي من أجله، كما فعل شهداؤنا، وكما تفعل أمهاتهن المجلببات بالحزن والسواد.

لأمهات الشهداء، ولكل أم تضحي وتصلي، ألف تحية إكبار، وألف ألف قبلة على جبينكن.

عن gamdan

شاهد أيضاً

الفـــرق بين مــمارسة الطب ومــمارسة الجريمة ..

‏‏  3 دقائق للقراءة        519    كلمة الحديدة نيوز / كتب / محمد الشيباني   يقسم ممارس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *