الحديدة نيوز _ الحديدة _عاصم الخضمي
“حلمي ان اصبح صحافية مشهورة واشتغل مثل الآخرين” بهذه الكلمات اختصرت اماني عبدالكريم (19عاما) “للحديدة نيوز”، حلمها الذي رسمته في مخيلتها منذ سن مبكرة قبل ان تفقد بصرها قبل اعوام
فقدت بصرها نتيجة لخطأ طبي ارتكبه أحد الاطباء بمحافظة صنعاء (وسط اليمن ) اضافة لتأخرها عن السفر جراء إغلاق المطارات نتيجة للحرب التي تسببت بوفاة كثير من المرضى وحالة اسرتها المادية حسب حديث والدها “للحديدة نيوز”، إلا ان ذلك لم يمنعها من مواصلة تحقيق حلمها الذي يروادها صباح مساء أن تصبح صحافية ..
قبل ايام اكملت تعلم دورة الابرايل بالمركز الثقافي للمكفوفين بجامعة صنعاء وشريكه جمعية الأمان للكفيفات، والتي من خلالها ستكون قادرة على قراءة الكتب والملازم بطريقة الابرايل
تعد اماني واحدة من عدد كبير من الذين فقدوا اعينهم نتيجة لأخطاء طبية ويقدر عدد المكفوفين باليمن بعشرات الألاف ويستفيد عددا ضئيلا منهم من الخدمات والأنشطة التي تقدمها الجمعيات المعنية برعاية المكفوفين وفقا لتقارير
تخرجت من الثانوية العامة قسم ادبي السنة الماضية بمعدل 84% في مدرسة حكومية عامة لا تتوفر فيها ادنى وسيلة تعليمية خاصة بالمكفوفين ..
ولا زالت المعاملة السيئة التي تلقتها محفورة في مخيلتها فقد تعرضت بعد فقدانها لبصرها للإساءة والمعايرة بشكل دائم حتى انتهت من دراستها للثانوية في مدينة الحديدة الساحلية (غرب اليمن ) التي يقطن فيها اهلها ولم تقتصر تلك الاساءات من زميلاتها في المدرسة بل تعدى خارجها إضافة للمعاملة السيئة التي يتم التعامل بها من قبل الكثيرين وبصوت متحسرا تقول “اتمنى من كل انسان ما يجرح إنسان أعمى ”
وبصوت مجروح تواصل سرد معاناتها جراء فقدانها لبصرها وان كثيرا من صديقاتها استغنين عنها بعد ان اصيبت بالعمى، الا ان كل ما تلقته جعلت منه حافزا لها في مواصلة تعليمها وتجاوز مرحلة الثانوية على امل مواصلة التعليم الجامعي حتى النهاية
حياة طبيعية
تعيش اماني حياتها بشكل طبيعي وتمارس حياتها كغيرها من الآخرين وافضل منهم حسب حديثها وذلك بفضل والديها اللذان سخرا كل جهدهما لراحتها وراحة أختها الاكبر منها سنا والتي تعاني من قصر النظر وتدرس شريعة وقانون بمستوى اول بالجامعة، ولديها أخ يعاني من اعاقة ذهنية متوسطة بسبب حمى السحايا ولدية جهاز مزروع خلف أذنه برأسه يعمل على نقل السوائل للبطين
وبسبب الحرب وصور الاطفال المؤلمة، ترجوا اماني من الله ان تظل على ماهي كفيفة ” ما عاد اشتي نظري يرجع، لاني ما اشتي اشوف الاطفال والشباب والكبار والامهات اللي يموتوا بسبب الحرب، او اشوف بلادي تدمر، خلوني كذا اعمى افضل لي واذا ربي قدر لي ارجاع نظري اتمنى ان ترجع بلادي لما كانت عليه ”
وبصوت حزين توجه رسالة لاطباء العيون وللاطباء جميعا قائلة ” حاجة تعرفوها سووها، حرام تلعبوا بخلق الله، والله حرام تتحملوا ذنوب الناس، وحرام تفعلوا عملية جراحية للذي نظره ضعيف وتعموه الى الاخير او اللي يكون مريض وتمرضوه اكثر، والشهرة مش ضروري الا لما تكونوا تشتغلوا تمام ”
تؤكد اماني ان فقدانها لبصرها جعلها تتشبث بحلمها اكثر وانه لا حياة مع اليأس والى جانب حلمها بإكمال التعليم الجامعي وممارسة العمل الصحفي تحلم بحفظ القرآن الكريم، وتقول انها عندما كانت تشكو لوالدها من المعاملة السيئة التي تتلقاها كان يشد على يديها بالصبر وتحمل اذى الناس، ولا تنسى من تقديم شكرها للاساتذة (فاطمة شريف، وفائزة فراش، هاشم بكري، عارف عبدالوارث العبسي الذي كان يعلمها القراءة ويدرسها كل الدروس )
وتتمنى في ختام حديثها ما احد يزعلها او يجرحها بأي كلام بسبب انها كفيفة، لأنها عانت وتلقت كثيرا من الكلام الجارح وانها ليست متوقعة كيف تجاوزت كل ذلك وان الحمدلله الذي بفضله تعدت كل المعوقات التي واجهتها بأن تصبح مثل بقية الناس الاخرين
تأثير الحرب
وبسبب الحرب الدائرة في البلاد منذ قرابة 5 اعوام لم تسلم اي شريحة من المجتمع من الحرب، فقد تأثرت الحياة بشكل عام وتقول دنيا العبسي مسؤولة المركز الثقافي بجامعة صنعاء والذي يساند المكفوفين من بداية دخولهم الجامعة وحتى تخرجهم، ان الحرب اثرت بشكل مباشر على انشطتهم
وتضيف “للحديدة نيوز” ان اول المشاكل تمثلت بشحة الدعم ما ادى لتعثر الكثير من الخطط وتوقف الكثبر من البرامج والانشطة والفعاليات التي يقيمها المركز بالجامعة للمكفوفين وتوقف مستحقات كثير من الطلاب
وتشير العبسي الى ان المركز لديه عقد بالشراكة مع جمعية الامان ويستقبل المكفوفين من الجنسين الذين يرغبون بالالتحاق بالجامعة وان عدد المقيدين لهذا العام الجامعي بلغ 231 طالبا وطالبة وان من خدماته التي يقدمها لهم هي توفير الوسائل التعليمية والمقررات الخاصة بهم ومتابعة مستحقاتهم الجامعية وعمل دورات تدريبية وتأهيلية في الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب للمكفوفين وغيرها
وتقول العبسي ان ابرز الصعوبات التي يواجهها الكفيفين هي النظرة القاصرة من المحيطين حولهم او الاهتمام الزائد بهم والنظر اليهم بصورة تجعلهم كبارا وانهم يتعرضون لإحباط نفسي من المجتمع المحيط وانه لداعي لدراستهم بالجامعة وان عليهم الجلوس في المنزل وتحفظ القرآن الكريم
وتشير الى ان من ابرز المشاكل هي عدم توفر المناهج والمقررات الدراسية الخاصة بهم وعدم التعاون من قبل الدكاترة، مشددة على ان الكفيف يحتاج لمعاملة خاصة وان لديه مهارات وقدرات وان هذا يعود نتيجة لعدم وجود وعي وخلال المرحلة القادمة ستقام حملات توعوية تؤكد على ان الكفيف انسان عادي وله حقوق وعليه واجبات مع مراعاة خصوصيته وان من المشاكل التي يواجهها الطالب الكفيف هي رداءة الخط في اوراق اسئلة الإمتحانات
وتختم حديثها بالإشارة الى وجود توجه مستقبلي لتفادي مشكلات الطلاب الكفيفين الملتحقين بالجامعات وبعد اجراء الدراسات سيتم انشاء معمل حاسوب في كل مزود ببرنامج ناطق وتجرى فيه الامتحانات للكفيفين بعد وضع المدرس لمادته في الجهاز .
hi