الحديدة نيوز / حسن يحيى / خاص
ما إن يتم التخلص من بقايا الأكل لسكان مدينة الحديدة في مقلب القمامة والنفايات حتى تبدأ حكايات أخرى تروي معها تفاصيل مؤلمة للبحث عن كسرة الخبز من أجل البقاء.
فعندما تغادر مدينة الحديدة متجهاً نحو الشمال , تستوقفك قرى (المهوب وحارة السلام الغربية والشرقية), والتي يعتمد سكانها على مقلب القمامة وبقايا الأكل كمصدر غذاء لهم.
لم يكن الطفل عيسى محمد (12 عاماً) يعرف تفاصيل أكثر عن حقوقه في الحياة كالتعليم والرعاية سوى تلك المساحة التي خصصت لمقلب القمامة والتي تقع بالقرب من قريته (المهوب) والتي تبعد عن مدينة الحديدة حوالي 7 كم تقريباً.
بدأ الطفل عيسى يروي تفاصيل حياته اليومية التي يعيشها مع بقية أطفال قريته الذين اعتادوا على زيارة مقلب القمامة يومياً منذ الصباح الباكر للبحث عن بقايا الأكل التي يتم التخلص منها في مقلب القمامة عبر بوابير صندوق النظافة والتحسين التي تنقلها من مدينة الحديدة إلى المقلب لجمع تلك البقايا من الروتي والخبز في أكياس ويعود إلى منزله المبني من الصفيح ظهراً.
يقول (عيسى) في حديثة ل ” الحديدة نيوز ” اننا نأكل من المقلب فـ(الروتي والخبز المليح) نأكله , وبعضه للدواب ونأكل بقايا الدجاج والمعلبات ونجمع الكراتين والعلب ونبيعها ونعيش على هذا الحال.
أما الحاج علي عايش (55 عاما )فيبدأ حديثه قائلاً (أكبر نعمة حصلنا عليها قدمتها هي مقلب القمامة ,نقتات منها أنا وأبنائي ونأكل نحن ودوابنا حيث نرسل الأطفال منذ الصباح الباكر ألى المقلب والذي يجدون فيه ما نأكله وما نبيعه.
تنتشر بين أوساط سكان هذه القرى الأمراض الجلدية والسل الرئوي بشكل مخيف, فهم أشبه بنازحين من أدغال القرن الإفريقي , حيث شاءت الأقدار أن تحتويهم هذه المساحة الموبوءة التي شطبت من الخارطة.
ويعزو أطباء انتشار هذه الأمراض إلى موطن سكنهم الذي يقع بالقرب من أحواض مياه المجاري ومقلب النفايات, فيما يؤكد عدد من المواطنين البحث عن لقمة العيش من مقلب هذه النفايات من خلال الدجاج منتهي الصلاحية والغير صالح للاستخدام الادمي والذي يتم التخلص منه في هذا المقلب خصوصاً البضاعة المستوردة من قبل بعض التجار ويتم ضبطها في هيئة المواصفات والمقاييس وضبط الجودة بميناء الحديدة.
وعملت إحدى المنظمات حملة طبية عاجلة الأسبوع الماضي لقرى المهوب والسلام، حيث اكد القائمون على الحملة ان التشخيصات السريرية والفحوصات الطبية كشفت عن إصابة غالبيتهم بالإلتهابات الرئوية والحميات وامراض جلدية خطيرة وإصابة أطفالهم بسوء التغذية.
يقول الدكتور / علي عبد الرحمن في حديثة ل ” الحديدة نيوز ” أن أغلب الحالات التي تم تشخيصها تبين إصابة معظم الأطفال في المنطقة التي تقع بالقرب من أحياء مدينة الحالي بالالتهابات الرئوية وسوء التغذية الحاد وأمراض مزمنة نتيجة لعدم النظافة والحالة الصعبة التي يعيشها هؤلاء السكان وهم بحاجة لمتابعة طبية مستمرة وتكاثف الجهود للقضاء على هذه الامراض الفتاكة المنتشرة وسط الاهالي .
أما أخصائي الأمراض الجلدية الدكتور محمد حميد سالم فيقول ل” الحديدة نيوز ” ان بين الحالات التي تم الكشف عليها اتضح اصابتهم بالتحسس والاكزيما وحالة فيها اشتباه بحالة جذام تم التوجيه بنقلها الى المستشفى وحالة اخرى مصابة بالبرص.
حول هذه القرى تنتشر المدن السكنية والتي انتزعت آلاف المعادات من الأراضي وحولتها الى مدن سكنية يتقاسمها التجار والمشايخ والنافذون ولا يجد الأهالي من اراضيهم التي تباع بالملايين سوى تلك العشش الصغيرة والصفيح الذي يعيشون فيه بلا ماء ولا كهرباء ولا صحة ولا تعليم، تتجاذبهم الأمراض وفقر أنهك السكان.