الحديدة.. غياب فواكه كثيرة عن الأسواق في عز موسمها

‏  5 دقائق للقراءة        996    كلمة

الحديدة نيوز_متابعات

كانت أسواق بيع الخضروات والفواكه بمحافظة الحديدة تشهد كل عام خلال فصل الصيف ازدحاماً كبيراً من البائعين والمشتريين لاسيما فيما يتعلق بثمرة شجرة المانجو، والتي يمتد موسمها إلى أواخر شهر سبتمبر الجاري، فضلاً عن تسويقه إلى الكثير من أسواق المحافظات الأخرى وعدد من الدول الخليجية.

ويشكل السهل التهامي الموطن الأول في البلاد لملكة الفاكهة (المانجو) التي تتكيف على طول سهول تهامة من الحديدة إلى حجة بكافة أنواعها: كمانجو السوداني، وقلب الثور، والسمكة، والتيمور.. وغيرها الكثير.
مواطنون: الحوثيون أجبرونا على ترك مزارعنا وحولها كمخابئ لمعداتهم العسكرية

وبحسب تقارير زراعية، بلغت كمية الصادرات اليمنية من المانجو منتصف العام 2014 أكثر من 30 ألف طن؛ منها 28 ألفا و831 طناً صدّر من منفذ حرض الحدودي، فيما تتم تصدير الكمية المتبقية جواً عبر مطار صنعاء الدولي، وكانت المانجو اليمنية تغذي الأسواق السعودية بنسبة تتجاوز الـ 70 %.
وتقدر الهيئة العامة للتنمية الزراعية والريفية عدد أشجار المانجو المزروعة في البلاد بـ “مليونين و17 ألف شجرة”، نصف العدد يزرع في محافظتي حجة والحديدة.

 أسواق بلا فواكه  
هذا العام يغيب المانجو في أسواق الحديدة والسبب واضح هو الحرب التي أحرقت شجرتها بشتى وسائلها.

مطلع يوليو قبل الماضي أقبلت الحديدة على معركة لم يكتب لها أن تحسم حتى اليوم، حيث بدأت بدمار أريافها وإحراق مزارعها وتوقفت عند أطراف المدينة، ونثر قذائف الموات على المواطنين وسط المدينة. 

حرمان 

في كل موسم جني كانت فاكهة المانجو تزين البوفيهات بحبال ترتص بها ثمارها، وتستمر حتى في غير الموسم على خلاف هذا العام التي استبدلها أصحاب الوفيات بفواكه أخرى. 

وأوضح سكان في المدينة أن غياب هذه الفاكهة شكل فراغاً في الأسواق وحرموا من الاستمتاع بأكلها والتي كان يصل سعر الكيلو الواحد منها إلى مائة ريال وكانت في متناول الجميع.

تقول حسناء سالم، وهي إحدى سكان الحديدة: “إنه مع بداية شهر مايو من كل عام تتكدس المانجو في الأسواق ويتم بيعها بواسطة ملاك المزارع بأسعار رخيصة عدا النوع الفاخر منها، والتي تواجدت في الأسواق بعد ثورة 11 فبراير الشبابية 2011م، نتيجة لتوقف تصديرها إلى الخارج كمانجو قلب الثور والتيمور”.

وتضيف: “كنا في هذا الموسم نشتري كمية ونقوم بعصرها في دبب كبيرة ونضعها في الثلاجات.. ما كنا نحتاج للعصائر المصنعة، وحالياً لا مانجو في الأسواق ولا كهرباء في المنازل لنتمكن من تشغل الأجهزة لعصرها إذا ما حصلنا عليها”.

المواطنة دولة قائد واحدة من أبناء المدينة ممن اضطروا لبيع مزارعهم بعد عجزها عن زراعتها والاعتناء بها.

تقول في حديثها “صحيح مزرعتي سلمت من الحرب لكن ما قدرت أوفر الديزل للمولد لأجل استخراج الماء وأسقيها.. ولما رأيت المانجو يتساقط بسبب الجفاف وماتت أشجار كثيرة قررت أبيعها”. 

اكتفت دولة بمزرعة صغيرة استطاعت أن تحافظ عليها وتهتم بها، وكثير من أبناء هذه المناطق أجبروا إلى استبدال الزراعة هذه الفاكهة بمحاصيل أخرى كالخضروات التي تحتاج جهد وتكلفة أقل مقارنة بالمانجو.
 
معاناة كبيرة
ياسين الفقيه أحد أبناء المحافظة المغتربين في المملكة العربية السعودية ترك مزرعته لأسرة تهتم بها منذ 12 عام، مقابل تقاسم ما تنتجه فيما بينهم، ونتيجة للوضع وجدت هذه الأسرة المزارعة معاناة كبيرة ولم تستطع الحفاظ عليها وتخلت عن مسؤوليتها.

يقول الفقيه في حديثه لـ “الأيام”: “غادرت المنطقة والمزرعة في خير، ومع تدهور الوضع وعجز من سلمته المزرعة عن الاستمرار بها تواصل بي وأخبرني عن عدم مقدرته عن مواصلة عمله وطلب مني العودة قبل أن تنتهي المزرعة بالكامل نتيجة لصعوبة توفير الديزل وارتفاع أسعاره وأخرى من الأمور”، مضيفاً: “عدت للوطن وبسبب الوضع الذي وصلت إليه المزرعة أجبرت على بيعها والعودة إلى خارج الوطن”.

ليست فاكهة المانجو الوحيدة غير المتواجدة في الأسواق هذا العام؛ بل هناك فواكه وخضروات تواجدها بات نادراً، وإن تواجدت بأسعار جنونية وفي قلب مواسمها.

البلح (الرطب) الفاكهة التي تواجدت بشكل ضئيل في الأسواق هذا العام بعد أن كانت تغرق الأسواق كل موسم وبأسعار رخيصة، حيث كان يصل الكيلو الواحد إلى 400 ريال فقط.

كان أغلب سكان الساحل الغربي يعتمدون على زراعة النخيل، حيث يزرعون مليونين ومائتي ألف شجرة نخيل في مناطق الساحل، بحسب آخر إحصائية صادرة عن هيئة تطوير تهامة (حكومية) في عام 2014م.

ويبلغ الإنتاج السنوي التقديري للنخيل في سهل تهامة ما يقارب 35 ألف طن من البلح تقريبا، وفق الهيئة.
يقول حميد زبيدي وهو من سكان المدينة: “ذهبت إلى السوق لأشتري بلح فوجدت مائة حبة بألف ريال، وأحيانا لا أجده نهائياً”.
 تضرر 
المساحات الزراعية في ساحل تهامة والتي كانت ترفد الأسواق في عموم محافظات البلاد هي الأخرى تضررت بشكل كبير تارة بسبب الحرب وتارة أخرى نتيجة الإهمال والرعاية الزراعية.

البامية من أكثر الخضروات التي ارتفع سعرها بشكل غير مسبوق، وبحسب باعة، فقد وصل سعر السلة إلى 25 ألف ريال، الأمر الذي جعل كثير من سكان الحديدة يتخلون عنها رغم أنها من أكثر الخضروات أفضلية، والتي تعتبر شيئاً أساسياً في مكونات وجبة الغذاء بسبب توفرها ورخصها قبل الحرب.

أم سلمة تشكي عدم قدرتها على شراء البامية التي كانت تعتبر أرخص أنواع الخضروات في أسواق الحديدة، وتضيف: “ما كان في بيت من بيوت سكان الحديدة يتخلى عن خصار (إدام) البامية، أما الآن لا نستطيع نشتريها ولو مرة في الأسبوع”. 
وفي المقابل، وجد موزعو الخضروات صعوبة في تحميلها للمدينة بسبب بعد المسافة وقطع الطرق المؤدية إلى المدينة عدا طريق واحد فقط، فضلاً عما تكلفه مادة الديزل لنقل الخضروات من المزارع إلى الأسواق من تلك الطريق.​

عن arafat

شاهد أيضاً

قحيمان .. استفاد الوطن ولم تخسر الحديدة .. 

‏‏  4 دقائق للقراءة        792    كلمة                     أول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *