الحصار يُجهز على رمق الحياة الأخير في تعز
الحديدة نيوز / خاص
قالت منظمة مواطنة لحقوق الانسان إن على قوات جماعة الحوثي والرئيس السابق صالح الكف عن حصارها المطبق على مدينة تعز جنوب اليمن وتقييد وصول السكان إلى الغذاء والماء والوقود والدواء ، وأكدت على أن التشديد الخانق للحصار منذ ثلاثة أسابيع على المدينة المكتظة بالسكان يدفع بالمدنيين نحو الهلاك، مُحملة جماعة الحوثي المسلحة-أنصار الله-وقوات الرئيس السابق صالح مسؤولية التداعيات الإنسانية الكارثية لسياسة العقاب الجماعي التي تمارسها ضد المدنيين في خرق واضح للأعراف الإنسانية والقانون الإنساني الدولي.
وأفادت شهادات لسكان محليين لـ منظمة مواطنة أن قوات الحوثي والرئيس السابق صالح تمنع دخول المواد الأساسية والاغاثية بما في ذلك الماء والغذاء والدواء إلى المدينة عبر نقاط العبور التي تسيطر عليها هذه القوات في المنافذ الرئيسية للمدينة التي يقطنها نحو سبعمائة ألف نسمة. كما قام باحثو منظمة مواطنة في الأسبوع الأخير بمهمة لتقصي الحقائق في المدينة وشاهدوا الوضع المتردي للحصار وأثاره البالغة على المدنيين لا سيما النساء والأطفال والمرضى في المستشفيات الشبه متوقفة.
وتفيد عشرات الشهادات بحظر قوات الحوثي وصالح دخول الماء والغذاء والدواء والوقود إلى المدينة التي تشهد منذ نحو سبعة أشهر قتالاً عنيفاً بين قوات الحوثي وصالح وبين قوات المقاومة الشعبية الموالية لحكومة الرئيس هادي، أدى هذا القتال – حسبما وثقت منظمة مواطنة – إلى قتل وجرح المئات من المدنيين الذين علقوا وسط الإشتباكات ، غالبية القتلى من الأطفال والنساء ، وأدى القتال كذلك إلى إلحاق أضرار بالغة بالممتلكات الخاصة والبنية التحتية للمدينة.
وقال عبدالله محمد حسن ، 34 عاماً ، لمواطنة ، وهو قريب لعبد العزيز نصر 22 عاماً ، تاجر بيع أسطوانات الغاز المنزلي الذي احتجزته قوات الحوثي وأطلقت عليه النار عندما حاول إدخال الغاز المنزلي إلى المدينة في 10 أكتوبر 2015م : ” كان عبدالعزيز قبل يومين محتجز لدى الحوثيين في منطقة البعرارة ، غرب المدينة ، بسبب محاولته إدخال سيارة تحمل مائه وخمسون دبه غاز منزلي إلى الدمينة، و فرض عليه مسلحوا الحوثي مبلغ ثلاثمائة ألف ريال يمني لكي يسمحوا له بدخول مدينة تعز فدفع لهم المبلغ الذي فرضوه عليه بدون أي وجه حق لكنه مجبر، وبعد أن دفع لهم سمحوا له أن يمر من إحدى الطرق وما أن بدأ بالتحرك بعد أقل من خمس دقائق قاموا بإطلاق النار عليه هو وسائق السيارة، وأصيب عبدالعزيز بطلقات نارية في الرجلين واليد، وتم منع الشحنة من الوصول إلى المدينة. وأصيب طلال المقرمي 30 سنه ، بائع خضروات في حي المسبح السكني وسط المدينة، قال لمواطنة: ” منذ شهر ونحن نتعرض للمنع من إدخال الخضروات إلى المدينة، وتقوم قوات الحوثيين المتمركزة في منطقة ثعبات (نقطة عبور شرق المدينة) باحتجاز الشاحنات.”
هارون مرشد، 20 سنه، صاحب متجر مواد غذائية واستهلاكية أفاد لمواطنة أنه ” يوم 7 أكتوبر 2015م تم إيقاف شاحنة مياه شرب تابعة من قبل نقطة تفتيش تابعة لجماعة الحوثي المسلحة وقوات الرئيس السابق صالح في منطقة بير باشا (نقطة عبور جنوب غرب المدينة) وتم إفراغ كمية الماء الى الأرض لمنعها من قبل المسلحين بعد أن صعد أحد المسلحين وتبول داخل خزان الماء على متن الشاحنة.”
وبالإضافة إلى حصار المواد الأساسية، تواجه المستشفيات القليلة والمكتظة بالمدنيين حالياً أزمة حادة في المواد الطبية والعلاجية وعناصر التشغيل بما في ذلك الماء والوقود مما أدى الى توقف معظم الوحدات فيها، والعمل بضغوط متزايدة في بعض الوحدات الطارئة كقسم الغسيل الكلوي بنفقات يتحمل المرضى جزء كبير منها.
وقال الدكتور عصام مهيوب دحان مدير قسم الكلية الصناعية بمستشفى الجمهوري الحكومي في المدينة إن قسم الكلية الصناعية قد أغلق يوم الأربعاء 7 أكتوبر 2015م بسبب نفاذ المحاليل الخاصة بغسيل الكلى وأن قوات الحوثي وصالح تمنع دخول شحنة محاليل دم تبرع بها فاعل خير والهلال الأحمر القطري. ”
وأضاف دحان “نعاني كذلك في المستشفى من نقص المياه التي هي اساس عمل القسم وايضا الديزل غير متوفر وهذا سبب في انطفاء المولدات وإيقاف العمل بالقسم، هناك ديزل خاص بالمستشفى من شركة النفط لكن ممنوع دخوله ومحجوز في منشئات شركة النفط.”
ويمثل تعمد استهداف المدنيين وحرمانهم من الإمدادات الأساسية للحياة مثل المياه والغذاء والدواء جريمة حرب وانتهاك جسيم للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان على حد سواء.،ووصنف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولي للعام 1998م إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة للمدنيين من الانتهاكات الجسيمة. ونص البند 25 من المادة (8)\ب على أن تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم , بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف، جريمة حرب.
وقالت رضية المتوكل، رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الانسان ” إن الحصار المشدد الذي تفرضه جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق صالح في تعز إنما يستهدف السكان المدنيين بدرجة رئيسية، وليس الجماعات المسلحة المقاومة في المدينة.”
وأضافت المتوكل: ” بينما تعيش مدينة تعز وضعاً إنسانياً في غاية التدهور بسبب القتال المستمر فيها منذ نحو سبعة أشهر راح ضحيته المئات من المدنيين ، يدفع الحصار الذي اشتد مؤخراً بما تبقى من حياة في المدينة إلى حافة الهلاك.”
وطالبت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان جماعة الحوثي المسلحة والقوات الموالية للرئيس السابق صالح بسرعة فك الحصار عن سكان مدينة تعز ، والكف عن منع وصول الاحتياجات الأساسية للسكان .