الحديدة نيوز/متابعات
أكد أكاديميون وخبراء التنمية والاقتصاد في عدد من الجامعات اليمنية أن النمو الاقتصادي لم يعد مرتبطاً فقط بالتقدم التكنولوجي وثورة المعلومات، بل أصبح مرتبطاً بمدى قدرة العنصر البشري والمادي على الإبداع والابتكار في إدارة الأعمال والمشاريع التي تقدم حلولاً واقعية لكثير من المشاكل المجتمعية وتحقق التنمية المستدامة.
واعتبر الخبراء والأكاديميون تنظيم مركز تقنية المعلومات التابع لوزارة التعليم العالي مسابقة وطنية لطلاب وطالبات الكليات التقنية والهندسية في الجامعات اليمنية خطوة في الاتجاه الصحيح لتوثيق مشاريع الجامعات في نافذة موحدة وخلق نوع من التنافس بينها لتقديم مشاريع نوعية تلبي الاحتياجات وتساهم في عملية البناء والتنمية.
وأوضحوا أن إقامة هذه المسابقة على مستوى الجامعات سيفتح المجال أمام الطلاب والطالبات المبدعين لعرض نماذج من مشاريعهم وأفكارهم والتعريف باختراعاتهم وتقييمها عبر لجان أكاديمية متخصصة فضلاً عن تبادل الخبرات والبحث عن تمويلات لتحويلها إلى مشاريع تساهم في تحقيق التنمية.
وأجمع الخبراء والأكاديميون أن نظرية النمو الاقتصادي نابعة في الأساس من التقدم التكنولوجي والمعلوماتي وارتباطها بمجموعة واسعة من المؤسسات التعليمية والإنتاجية، مشيرين إلى أن معظم اقتصاديات المعرفة حالياً مثل مايكروسوفت وجوجل ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الشركات العالمية، كانت في أساسها مشاريع تخرج لطلاب مبدعين في مختلف جامعات العالم.
يقول نائب رئيس جامعة ذمار للشئون الأكاديمية الدكتور عبد الكريم زبيبة أن إجراء مسابقة تنافسية بين الجامعات اليمنية في غاية الأهمية لما لها من فوائد على المستوى العلمي والبحثي وكذلك الإسهام في تشجيع الطلاب على مزيد من الإبداع والابتكار في مشاريع ترتبط بالتنمية والاستفادة منها في حل كثير من المشاكل التي تواجه البلد.
وأكد ضرورة قيام مركز تقنية المعلومات بعمل قاعدة بيانات لكل المشاريع المقدمة لأبحاث التخرج في جميع الكليات والمعاهد والجامعات بهدف التنسيق وعدم تكرار بعض المشاريع .. لافتا إلى أن هذه المسابقة سيكون لها دور كبير في خلق تنمية مستدامة وإفادة البحث العلمي والمجتمع بشكل عام.
فيما أشار رئيس الجامعة الإماراتية الدولية الدكتور نجيب الكميم إلى إن الاهتمام بمثل هذه المسابقات يمثل خطوة نوعية باتجاه تجسيد مشاريع التخرج لتصبح واقعاً ملموساً مبشراً ومفيداً، كون مشاريع التخرج فرصة عملية لإظهار مهارات وأفكار الطلاب في مختلف المجالات، وتُساعدهم للتعرف على المجال المهني الذي يحدد رغباتهم بعد التخرج في البحث عن فرص عمل تناسب مستواهم الدراسي.
وأوضح أن أفضل مشاريع التخرّج هي التي يُمكنها توفير حلول عملية قابلة للتطبيق في الوقت والبيئة والظروف الحالية، وهو ما يُمثل فرصة حقيقية للطلاب لبدء مُستقبلهم المهني والعملي وكبداية لخلق تنمية مستدامة حقيقية وإفادة المجتمع بشكل علمي وواقعي.
ورأى الكميم أن حفظ هذه المشاريع في مركز تقنية المعلومات فرصة لإنشاء “بنوك معلومات” تسهل العودة لتلك المشاريع مستقبلاً وجعلها مراجع يمكن الاستناد إليها في مشاريع تنموية أو بحثية قادمة تهم المجتمع .
واتفق رئيس جامعة الحديدة الدكتور محمد الأهدل مع رئيس الجامعة الإماراتية بأن المسابقات العلمية تمثل إحدى وسائل الجامعات لخدمة المجتمع بالإضافة إلى دورها الريادي التنويري في خلق جيل متسلح بالعلم والمعرفة قادر على المنافسة والإبداع والابتكار وحرص الجامعات على تبني هذه المشروعات كثقافة علمية وسلوك معرفي.
وأكد أن الممارسة التطبيقية في الجامعات تمكن من إنتاج طاقات علمية شبابية وهو مالم يتأتى إلا بنشر هذه المشروعات والترويج لها وتشجيعها واستخدامها وتطويرها وتطويعها في خدمة المجتمع.
وأشار الدكتور الأهدل إلى أن إشراك مشروعات التخرج ضمن مسابقة علمية وطنية سيخلق مناخاً تنافسياً لدى الجامعات بهدف الحصول على التميز والريادة في المشروعات المقدمة وتحفيزها لتقديم مشاريع نوعية بغية الحصول على مراكز متقدمة في المسابقة، فضلاً عن السعي لابتكار مشاريع تعالج مشكلات البيئة بكافة عناصرها وإيجاد الحلول الناجعة لها.
بدوره أشار عميد كلية الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات بجامعة العلوم والتكنولوجيا الدكتور عبد القادر العبادي إلى أهمية إقامة المسابقة الوطنية لمشاريع تخرج الكليات التقنية لتحسين وتجويد المخرجات وتحقيق التنمية المستدامة والنهوض بواقع اليمن إلى مستويات أفضل .. موضحاً أن الكلية شاركت في المسابقة بثمانية مشاريع في مجالات” الذكاء الاصطناعي ولغات البرمجة وتصميم وبرمجة اجهزة معتمدة على البرمجيات إضافة إلى مشاريع هندسية وتقنية.
وأكد أهمية هذه الأنشطة التنافسية في رفع المستوى العلمي والمهني لخريجي الجامعات المشاركة، وكذا تحفيز الطلاب والجامعات على الإبداع والابتكار والتجديد والإسهام بشكل مباشر في تقديم أفكار للطلبة وتشجعهم لاختيار مشاريع تخرج تخدم سوق العمل والتنمية وتكون قابلة للتنفيذ في مختلف المجالات التقنية والطبية والهندسية .
ودعا الدكتور العبادي، القطاع الخاص والشركات المعنية للاطلاع على هذه المشاريع التقنية وتبني النوعية منها وتنفيذها في الواقع خصوصاً أن كثير من المشاريع التقنية العملاقة كـ ” مايكروسوفت وجوجل وياهو ويوتيوب، وفيس بوك وتويتر، ما هي إلا مشاريع تخرج لطلاب مبدعين تبنتها شركات عالمية ودعمتها وأصبحت من كبريات شركات العالم، وتحقق إيرادات سنوية تقدر بـ 2.7 تريليون دولار، أي ما يعادل المرتبة العاشرة لأكبر اقتصاديات في العالم.
رئيس جامعة حجة الدكتور محمد عبد الوهاب الخالد أشار إلى فوائد ومزايا إقامة مسابقة وطنية تعنى بمشاريع التخرج للطلاب وفي مقدمتها دعم وتشجيع البحث العلمي ووضع الجامعات في مكانها العلمي الصحيح بربطها بالواقع و تحقيق الهدف الفعلي الذي أنشئت من أجله المتمثل في العملية التعليمية والبحث العلمي وخدمة المجتمع، ودورها في ربط المشاريع البحثية بالواقع، وخلق روح التنافس بين الجامعات في المجال البحثي وتوجيهها بما يتلاءم مع متطلبات واحتياجات التنمية الشاملة.
وأكد أن المسابقات الوطنية تسهم في تثقيف الطلاب وهيئة التدريس وتوعيتهم بأهمية نقل التكنولوجيا الحديثة إلى المجتمع ، وتوجيههم نحو الاختصاصات العلمية في المراحل المتقدمة من التحصيل العلمي إضافة إلى أنها تنمي المواهب والقدرات الإنتاجية وتبادل الخبرات مع الفرق المنافسة لزيادة المعرفة وتطوير الأداء وتجويد المخرجات.
من جهته نوه نائب رئيس جامعة الحكمة الدكتور ماجد القطوي بهذه المبادرة النوعية لإطلاق مسابقة وطنية تعنى بمشاريع التخرج التقنية والهندسية ودورها في تحفيز أعضاء هيئة التدريس لإقامة ورش عمل في كل كلية يتم فيها وضع الخطوات والإجراءات لتحقيق الهدف من المشاريع وتصويبها في خدمة البناء والتنمية.
وأشار إلى الدور الرئيس الذي يلعبه الابتكار كمحرك للتنمية، وضرورة أن يمتلك صناع السياسات القدرة على قياس النتائج وتقييمها.. معرباً عن أمله بان تصل المسابقة خلال أربع سنوات قادمة إلى تغطية 50% من احتياجات التطوير البرمجي لجميع القطاعات الحكومية.
ولفت إلى أن هذه المسابقة ستعمل على إبراز طاقات الشباب في تنفيذ مشاريع تقنية نوعية وتشجيعهم على كيفية تحويلها إلى مشاريع ملموسة تخدم البلاد .. مبينا أن الهند أكثر دولة استفادت من هذا الجانب كونها تجني أرباح من منتجات الشركات التقنية والبرمجية تفوق أرباح الوطن العربي بأكمله.
رئيس لجنة المسابقة العلمية بمركز تقنية المعلومات الدكتور عبد الله راشد أشار إلى مراحل المسابقة وفكرتها وأهدافها والمعايير والضوابط المعتمدة لاختيار الفائزين .. مؤكداً أن هذه المبادرة تسعى إلى ربط الجامعات اليمنية بجوانبها الأكاديمية والتعليمية ودراسة الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع ومعرفة مدى ملائمتها للسوق اليمنية.
وأوضح أن عدد المشاريع التي تقدمت للمنافسة على أفضل مشروع تقني بلغت 65 مشروعاً من مختلف الجامعات اليمنية تم اختيار 49 مشروعاً في المرحلة الأولى تنوعت بين التطبيقات الخدمية، ومشاريع الذكاء الاصطناعي، مشاريع الحلول الذكية، أمن المعلومات، التشفير، أمن السيارات وحل مشاكل الفواتير والأطراف الصناعية والكراسي المتحركة والطيران المسير، وغيرها من المشاريع المتعلقة بالأنظمة التكنولوجية الحديثة التي تواكب التطورات في هذا المجال.
فيما تطرق رئيس جامعة الناصر الدكتور عبدالله طاهش إلى أهمية المسابقة ودورها في تحقيق طموحات الطلاب عبر إتاحة مشاريع تخرجهم في مجال تقنية المعلومات والهندسة للمنافسة على الحصول على أفضل المشاريع وأثرها المستقبلي في تحسين مستوى مشاريع التخرج وتشجيع الطلاب المبدعين والمبتكرين على الإبداع والابتكار وإمكانية تحويلها إلى منتجات ملموسة في المستقبل القريب .
رئيس جامعة اقرأ للعلوم والتكنولوجيا الدكتور أشرف الكبسي يقول “في ظرف وطني استثنائي بالغ التعقيد ، تأتي هذه المبادرة لمركز تقنية المعلومات بوزارة التعليم العالي، وكادره المتميز لتعبر عن روح متقدة وفكر مستنير يدرك أهمية ربط مخرجات التعليم الجامعي بسوق العمل من خلال تنظيم مسابقة تجمع مشاريع التخرج في جامعات عدة وتحكيمها على أساس تنافسي يحفز الطاقات الإبداعية لخدمة المجتمع وتلبية حاجاته في مجالات الحوسبة وتقنية المعلومات.
من جانبها أشارت مدير مركز الاستشارات الاقتصادية والتدريب الإداري بجامعة ذمار الدكتورة أمل المجاهد، إلى دور مركز تقنية المعلومات في تقديم خدمات تواكب التطورات في مقدمتها هذه المسابقة الوطنية التي تهدف إلى تعزيز روح الإبداع لدى الطلاب والقيام بدور نشط في تحويل تكنولوجيا المعلومات إلى مشاريع ملموسة وكذا الحصول على الجائزة، وكذلك دور البوابة الإلكترونية للتنسيق والقبول والبوابة الإلكترونية الخاصة بمكتبات الجامعات الحكومية والأهلية التي وفرت للباحثين الجهد والوقت والتكاليف للبحث عن أي مواضيع تتعلق بأبحاثهم.
فيما أوضح رئيس قسم علم الحاسوب بجامعة الحديدة الدكتور جميل الوصابي أن تنظيم هذه الأنشطة في مثل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب اليمني دليل على أن اليمنيين كالذهب كلما اكتوى بالنار ازداد توهجاً ولمعاناً .
وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قد أعلنت الاثنين الماضي عن الفائزين بالمسابقة الوطنية لمشاريع تخرج طلبة الكليات التقنية بالجامعات اليمنية التي تبناها مركز تقنية المعلومات التابع للوزارة.
حيث فاز مشروع تصميم وتنفيذ ماكينة رقمية للكتابة والحفر بالليزر من قسم هندسة الميكاترونيكس كلية الهندسة بالجامعة الإماراتية بالمركز الأول، وحصل مشروع تخرج مقدم من مجموعة من الطالبات بكلية علوم الحاسبات ونظم المعلومات بجامعة ذمار على المركز الثاني عن مشروعهن ” أنا أرى للمكفوفين” الخاص بالهواتف الذكية، فيما فاز مشروع ” آلة التقطيع الذاتية ” المقدم من جامعة الحديدة بالمركز الثالث.
سبأ