الحديدة نيوز/خاص
عمر هائل
“4 حبات جحش ب2000 ريال” يرتفع صوت الرجل الثلاثيني في مزاد علني في ميناء الاصطياد السمكي بالمحوات بمدينة الحديدة(غرب اليمن) للترويج عن محصول ما اصطاده من البحر بينما يقف العشرات من الصيادين في زوايا مختلفة من السوق كلاً يستعرض قدراته على إقناع المتسوقين بالشراء.
اصوات الباعة ترتفع أكثر لكن محمد الصياد البالغ من العمر36 عاماً استطاع بمهارته على الاقناع ان يلفت الانظار ويشد إنتباه المشترين ليتجمع حوله العشرات. “سمك طري ايش تشتي جحش ، باغه ، هامور” يتأكدون أن السمك غير مغشوش”بائت” و يقول احدهم “سمك حلو ياعم جيب لنا 6حبات وهذي حسابك 3000” يذهب مبتسماً ممسكاً السمك بيده بينما يواصل “محمد” التسويق لبضاعته هامور ب3000″ هامور ب”3000″ مازال تجمع العشرات حوله يجذب بقية الراغبين بشراء سمك بجودة أفضل غير مغشوش يناوله صالح 2000ريال “هات لي هذي” يشير لسمك الهامور بينما محمد يخبره بزيادة المبلغ “هذي مش حق البهذلة في البحر والخوف من اي قصف للقوارب” هذي 2500 اعجبك والا بروح مكان ثاني” يتمتم محمد بكلمات غير مفهومة ليقبل باخذ ال2500 ريال” ونكسبك زبون” يختتم حديثه مع كل زبون ياخذ منه سمك . صالح مواطن بسيط كان يريد شراء بعض السمك هدية لوالدته وهو احد النازحين العائدين الى الحديدة التي هجرها في بدايه الحرب .
مكثَ صالح في صنعاء لفترة بسيطة لكنه اضطر الى العودة للحديدة نظرآ لعدم تلقيه أي مساعدة من المنظمات الانسانية بصنعاء ويعمل صالح حاليآ في احد المحلات التجارية باجر لا يتخطى 60000الف ريال يمني .
يشتد الحر بينما تشير عقارب الساعة ال12 ظهراً ولايزال محمد مستمر في الترويج لبضاعته تبقى لديه القليل من السمك و صار المكان خاليا من اي مشتري إلا القليل من الباعة.. تحدث محمد ل ” الحديدة نيوز ” عن معاناته برفقة أصدقائه أثناء ذهابهم للصيد في وسط البحر و شعورهم بعدم الأمان نتيجة الحرب وعدم قدرتهم على التوغل لمسافات كبيرة في البحر كما كانوا يفعلون قبل الحرب. حاليا لهم حدود معينة اذا تم تجاوزها قد يتم قصفهم بالطيران او بالاباتشي لتتلاشى احلامهم البسيطة في توفير إحتياجات أسرهم اليومية.
ويضيف محمد ” أن أنواع السمك أنخفض مقارنة بفترة ما قبل الحرب ونزوح المدنيين عن المدينة منذ بداية الحرب في يونيو 2018 ساهم بشكل كبير في إنخفاض نسبة الدخل.” ويتابع محمد”نعيش على البركة فقط نغطي خرجنا ومصاريفنا وما تبقى نعطيه للاسرة يوم نخسر ويوم نكسب لكن ليس كثيراً كما كنا قبل الحرب” .
محمد كغيره من صيادي الحديدة مجبور على العمل فلا يوجد لديه مصدر دخل اخر .
حال محمد كحال المئات من الصيادين يحاولون التغلب على الظروف الصعبة نتيجة الحرب وحصرهم في حدود معينة للاصطياد إلا انهم يكافحون لاجل توفير إحتياجات اسرهم.
فالقصف والإختطاف والتهديد كانت أحد أهم العوامل لنزوح الصيادين بإتجاه مناطق خارج مدينة الحديدة كالمخا والخوبة والخوخة
فالطيران كان يستهدف إي هدف متحرك في حدود تم رسمها، عشرات الصيادين فقدوا نتيجة للقصف الذي طالهم خلال السنوات الماضية حيث تشير احصائيات ان 473 من الصيادين بين قتيل وجريح في مختلف سواحل وموانئ المحافظة حتي نهاية عام 2018م
يغادر محمد المحوات باتجاه منزله ومعه 5 حبات جحش لرؤية أطفالة ال3 وزوجته بعد غياب دام ل6 أيام في كفاحه المستمر وسط البحر والمخاطر، أقسمَ الا يعود دون توفير المال الكافي لشراء أدوات المدرسة وتأمين وجبات الغذاء لأطفاله بينما هو سيمضي حتى الفجر برفقتهم وسيغادر بتجاه البحر صديقه الأبدي ولسان حاله يقول”لو أن الحرب توقفت وعادت الحياة كالسابق ونستطيع التجول في البحر كما نشاء لن يصيبنا الإرهاق هكذا ويغزونا الشيب قبل آوانه فمهنة الصيد حياتنا لن نتخلى عنها توارثنها عن أجدادنا ولا عمل لدينا غير ذلك”