ضحايا تشابالا !
بقلم / زين بن سميط
تطرأ على الناس في واقع حياتهم نكبات وحوادث ولكن الذي يحدد حجم الكارثة هي الخسائر التي تنتج عنها، ومنها مايمكن تلافيه وتعميره ومنها مالايتدارك ولا يستعاد، لذلك كان من المفترض علينا أن نقف ونضع ميزاناً لكل حادثه ونعيد حساباتنا اتجاهها ونتعرف على هوية من راحوا ضحيتها، وفي هذه السطور نحب أن نبرز ما خلفه فينا ذلك الإعصار الذي طال مؤخراً منطقتنا وطال قبلها أيادي وألسن وخيالات، لنقف على خسائرنا في العقول والقيم التي أكثر منها في الأرواح والمباني.
سأبدأ بالضحايا وكلنا بالمنطق من ضحاياه، لكن عسى بالتنبيه يحصل الإنتباه.
- ضحايا المصطلحات: كثيراً ما تأتي المسميات غير مطبوع عليها بلد المنشأ ولا حتى توضيح عن المعنى لتجد لها رواجاً على ألسنتنا وتتصدر قوائم صحفنا وإذاعاتنا بل وحديث مجالسنا وخطب منابرنا، لندرك أننا أمةً مستورده بل ومروجة بغض النظر عن صحة الكلمة أو مصدر اشتقاقها، ولا أقصد المصطلح بذاته ولكن الاستتباع لكل مايلوح بريقه أو يُسمع نعيقه.
- ضحايا الخوف والهلع: عندما نعلم أن مصدر التخويف وهمي ومبني على الظن أو في بعض الأحيان يكون التخويف مقصوداً لذاته لا مجرد التحذير والإنذار، وليس لذلك علاقة بأخذ الحيطة والحذر مع طمأنينة القلب بقضاء الله والثقة به ولكنة الخوف المُشغِل للبال المورث للخبال، في حين لا يخالط ذلك الخوف قلوبنا عندما نقارف المعصية ونرتكب مع إنا من الوعيد على يقين.
- ضحايا الإرجاف: يسابقون الريح في حمل الأخبار الموهومة بل والمكذوبة أحياناً ليدركوا السبق ويظفروا بلفت النظر، دون أن يأبهوا إلى ما تخلفه أخبارهم من الذعر محلياً وخارجياً في قلوب من لا يعرفون عن الواقع ولا الحاصل إلا ما يُنقل ليدخلوا في عموم حديث من روّع مسلماً.
- ضحايا المسئولية الآنية: كلما تداعت الحادثات أعلنوا صفارات إنذارهم ليتحسسوا من مهامهم التي أغفلوها أو تخاذلوا عن القيام بها ومتابعتها ليديروا أعمالهم بالأزمات وفي الوقت الضائع بمسح الوجوه المغبرّة وتسريح الشعور المبعثرة لتأتي النتائج هزيلة أو ربما عكسية في الغالب.
- ضحايا الاستغلال والاستثمار: الذين يجعلون من الأزمات موسماً لملئجيوبهم أو من يرفعون قوائم خسائرهم التي لم تكن الحوادث سبباً فيها ولا طرف، طمعاً منهم في المتاع اليسير على حساب قيمهم وأخلاقياتهم بل وإنسانيتهم في سلب المستحقين حقوقهم.
ربما يكون هؤلاء نموذج لكثير من الضحايا الذين يفرزهم الواقع الموبوء بالأمراض ولم تُرفع بياناتهم في نشرات الأخبار لأن ما يثير في الشاشة الميت لا الحي وظاهر الدمار لا باطنه مع إغفال الباحثين الحقائق وغياب المعتبرين من الحوادث لتكون النتائج أرقام وبحث عن المساعدات ومضي في الاستتباع.
ولكن لا تخلو الأمة من معتبرين ولاجئين إلى رب العالمين في كل ما يحدث وما ينزل وإلا لما شاهدنا ألطاف الله الحاصلة التي خابت بها كل التوقعات، علموا الحقيقة وتيقنوا أن لاشيْ يخرج عن إرادته وتدبيره فهرعوا إليه وتوكلوا عليه فملئ قلوبهم طمأنينة وأراضيهم سلامة.