|
الحديدة نيوز // كتب // عبد السلام الغباري
تواصل المرأة اليمنية نشاطها الحيوي والفعال في وسائل الإعلام المحلية المختلفة مستعصمة بصوتها القوي وإيمانها الصلب بقدرتها على وقف الحرب، ومداواة جراح اليمنيين الغائرة، غير مكترثة بالعراقيل التي تواجه مسار السلام والمتأرجحة صعوداً وهبوطاً وفقا للتطورات الدولية.
في محافظة مأرب شمال شرق اليمن تجسد عائشة عبد الله وزميلاتها هذا النشاط من خلال إعداد وتقديم البرامج الإذاعية الهادفة إلى تنمية وعي المجتمع في بناء وتعزيز فرص السلام وإنهاء الحرب التي امتدت لنحو عشرة أعوام.
عائشة عبد الله، إعلامية من مواليد صنعاء مديرية شعوب نزحت في كانون الأول/ سبتمبر 2017، إلى محافظة مأرب برفقة عائلتها واستقر بها الحال بالقرب من معاناة السكان في مخيم الجفينة، تقول عائشة، “خلال الأيام الأولى لي في مأرب عايشت ويلات الحرب، والنزوح معا، كان ذلك مؤلما”.
وتضيف في حديثها لمنصة هودج أن “تلك الظروف رغم قسوتها لكنها كانت أيضًا دافعًا لي نحو العمل وبذل الجهد للاستقرار مع عائلتي، واقتناص فرصة العمل في إذاعة الاتحادية للمساهمة في ترسيخ ثقافة مجتمعية تنهي الحرب وتدعم السلام”.
في كانون الثاني/ يناير 2020، التحقت عائشة بطاقم فريق “إذاعة الإتحادية” لتساهم بتقديم برامج مجتمعية في جوانب التعايش، الصحة النفسية، والتعايش، وبناء السلام، وأبرز تلك البرامج هي “اسمعني واسمعك، وجمهورية حواء“.
تؤكد عائشة أن حضور المرأة في وسائل الإعلام ومنها “الإذاعة” خطوة غاية في الأهمية لما لذلك من تأثير على الفرد والمجتمع، موضحة أن أثير “الإذاعة يلامس مسامع مئات الآلاف من السكان في المحافظة التي تحتضن نحو مليوني نازح يتوزعون في أكثر من 130 مخيم بحسب إحصائية الوحدة التنفيذية“
اسمعني واسمعك ..
برنامج “اسمعني واسمعك” والذي يتميز في عنوانه، إذ يوحي للمستمع بالدعوة للحوار واستماع كل طرف للأخر، واحد من البرامج المتميزة التي انتجتها الإذاعة خلال العام 2022- 2023م، تقول “عائشة ” “تم اختياري لإدارة وتنسيق البرنامج، وكنت سعيدة بذلك، وقد اقترحت تسميته وأيدني فريق الإذاعة دون استثناء”.
وأوضحت: استطعنا إنتاج 45 حلقة إذاعية، ولمسنا تفاعل مجتمعي إيجابي مع أفكار الحلقات حيث استضفنا نحو 40 من الخبراء والخبيرات للمشاركة في الحلقات، لكن للأسف لم نستطع الاستمرار نتيجة ضعف التمويل”. مضيفة إنها عملت أيضاً مع عدد من الزميلات في برنامج جمهورية حواء الموجه للنساء منذ خمسة أعوام.
وبحسب مدير إذاعة الاتحادية، محمد الجماعي، فإن 50% من العاملين في الإذاعة نساء، ساهمن بفاعلية في إنتاج وإنجاز 12 برنامجًا مجتمعيًا، منها برنامج “اسمعني واسمعك” الذي أدارته عائشة، وبرنامج “عيادة الاتحادية” الذي ركز على الصحة النفسية وأدارته الزميلة يسرى بيرق وفاز بجائزة التأثير الدولية.
موضحًا في تصريح لمنصة هودج أن “الزميلات استطعن من خلال تلك البرامج تقديم رسائل توعوية كان لها أثر في تنمية الوعي المجتمعي بأهمية السلام”. مؤكدا أن “صوت المرأة الداعي إلى السلام له وقعه وتأثيره المختلف على المجتمع”.
يقول الدكتور والمدافع عن حقوق الإنسان، عبد الله شداد، إن النساء جزء من الحياة الاجتماعية، وإن حضورها في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة لدعم السلام والتعايش خطوة أساسية تستوجب دعمها من كافة المنظمات المحلية والدولية، بما فيها الأممية.
تهميش متعمد ..
منذ اندلاع الحرب بين الأطراف اليمنية، قدمت النساء أدوارًا كبيرة ما تزال مستمرة للتخفيف من تداعيات الحرب، لكن تلك الجهود طالها التهميش من جميع الأطراف خلال الفترة الماضية، وهو ما أثار سخط التكتلات النسوية اليمنية بمختلف توجهاتها.
تقول وزيرة حقوق الإنسان السابقة، حورية مشهور، إن صوت المرأة على صعيد المجتمع المدني والعمل في المسار الثاني للسلام كان حاضرًا وجهودها ملموسة لكنها غابت في المسار الأول، المسار الرسمي، بسبب إحجام أطراف الصراع عن إتاحة الفرصة لها للتمثيل في الوفود الرسمية.
وأشارت مشهور إلى أن “التمثيل الرمزي البسيط لوفد الحكومة المعترف بها دوليًا خلال محادثات ستوكهولم في ديسمبر 2018 يستثنى من ذلك، إضافة إلى المشاورات اليمنية بالرياض في مارس-أبريل 2022 والتي تمخض عنها تشكيل المجلس الرئاسي وهيئة التشاور والمصالحة بتسمية خمس نساء من إجمالي الهيئة المكونة من 50 عضوًا”.
نشاط متواصل ..
ومع تعثر جهود السلام، تواصل المرأة نشاطها في وسائل الإعلام المختلفة ومنها الإذاعية للدفع بالجميع نحو إيقاف دائم للحرب. وهو ما أكدته مدير البرامج في إذاعة الجوف، زينة عباس لمنصة هودج.
وأشارت عباس إلى أن صوت المرأة كان وما يزال حاضرا وفاعلا في المجتمع اليمني واليوم يعول عليه لوقف الحرب.
الإعلامية في إذاعة “وئام” بمحافظة شبوة، مروى صالح، قالت إن استمرار الحرب وما آلت إليه البلاد من تطورات في كافة القطاعات خصوصًا الجانب الاقتصادي جعل الإذاعات المحلية تكثف برامجها ومحتواها الداعم للسلام، وتصدرت المرأة هذه الجهود من خلال إعداد البرامج وتقديمها.
وأضافت: “انتجنا في إذاعة وئام برامج متنوعة تهدف التعايش والسلام المجتمعي ومنها “واحة وئام، وهن الحياة، وهي برامج تلامس هموم السكان في شبوة وتطلعاتهم ومنها السلام ونبذ العنف، خصوصا وان شبوة يكاد يسيطر عليها الثأر وأصبح الانتقام ثقافة سائدة”.
ورغم الأهمية الاستراتيجية لصوت المرأة الداعم للسلام، لفتت صالح إلى أنه مهدد بالتوقف نتيجة ضعف وشحة الدعم المادي المساند للإعلاميات وبرامجهن، وغياب التدريب الحقيقي للإعلاميات بهدف التأهيل.
ودعت الإعلامية صالح في ختام حديثها، الأمم المتحدة والمنظمات المحلية والدولية، إلى دعم وسائل الإعلام المحلية المستقلة والبرامج الهادفة لإبراز دور المرأة وصوتها الداعم للسلام.
تم نشر هذه المادة في منصة هودج