اللقاء الصحفي الأول مع أقدم وأشهر المصورين في الحديدة .
أنور الطيب -خاص الحديدة نيوز
يتجوَّل الحاج “العزي محفوظ” ، 65 عاماً، بشكل يومي في شوارع وحارات مدينة الحديدة، منذ نصف قرنٍ تقريباً ،
حاملاً معه حقيبته وكاميرا التصوير الخاصة به ؛ بحثاً عن زبائن ليلتقط لهم صوراً لذكرياتهم الخاصة ، وليحقق من مهنة التصوير مصدر دخل له ولأسرته.
اشتهرَ بين أوساط مدينة الحديدة -التي ولد ونشأ بها – بلقب “مصوِّر الذكريات” إلى جانب لقب ” إرشيف الذكريات ” نظراً للكم الهائل من الصور التي التقطها ومازال يحتفظ بها منذ عشرات السنين .
بدايات عمله في مهنة التصوير
يتحدث ” محفوظ “لموقع (الحديدة نيوز) أنَّ البداية كانت في عام 1971م وهو في سن الـ 15 سنة ، حيث اشترى كاميرا قديمة ، ومع استخدامها المتكرر اكتسب خبرةً في التصوير الفوتوغرافي،
وأصبح التصوير هوايته ومهنته وعمله المفضل.
.
ويضيف ” أحتفظُ بآلاف الصور القديمة التي التقطتُها للمعالم الأثرية والدينية والسياحية لمدينة الحديدة، وبعض تلك المعالم قاموا بترميمها وتجديدها حديثاً ، والبعض منها لم تعد موجودة بسبب التوسع العمراني، والبناء العشوائي،
كما قمت بتصوير عدد من الأماكن لعدة مدن عربية قمت بزيارتها قديماً ، مع تصوير عدد من الشخصيات الفنية المشهورة في الوطن العربي ” .
استعراض إرشيف الذكريات
اكتسب “محفوظ” شهرة واسعة بمجال التصوير الفوتوغرافي
وأصبح بمجرد دخوله في الحارات أو الأسواق الشعبية والتجارية بالمدينة؛ يتجمَّع ويتزاحم عليه الكثير من الناس؛
لأجل استعراض صور الذكريات القديمة التي يحتفظ بها للأماكن أو للأشخاص الذين كانوا يعملون بتلك المحلات ، والبعض منهم يطلبون منه تصويرهم .
يتابع ” أغلبهم يحبون مشاهدة تلك الصور القديمة ، لما لها من تأثير كبير ، ولحظات جميلة عالقة بذهنهم تستوقفهم عند ذكريات ذلك الزمن، كما أنهم يستمتعون عندما يشاهدون صورهم القديمة، ويحزنون كذلك عندما أستعرض لهم صور أقربائهم أو أصدقائهم أو زملائهم في العمل، البعض منهم قد توفاهم الله، والبعض منهم انتقلوا للعمل في مدن أو دول أخرى ، فيطلبون منِّي أن أنسخها لهم ليحتفظوا بها كذكريات تربطهم بهؤلاء الأشخاص أو الأماكن “.
ظل “محفوظ “يعمل بمهنة التصوير الفوتوغرافي إلى جانب وظيفته الحكومية في فرع شركة النفط اليمنية بالحديدة ، إلى أن أصبح التصوير عمله الوحيد ، ومصدر الدخل الأساسي الذي يقتات منه هو وأسرته ؛ بعد أن أُحيل للتقاعد قبل عشر سنوات تقريباً.
الأرباح التي يكسبها من الصور .
وعن أسعار الصور التي يتقاضاها يقول بأنه يستلم على نسخ الصورة 150 ريال يمني ، حيث أنه يدفع لمركز التصوير 70 ريال مقابل طباعة الصورة الواحدة ،
ويضيف ” أقطع مسافةً طويلة مشياً على الأقدام من منزلي لأجل الوصول إلى هذا المركز لأربحَ بعد الصورة مبلغ 80 ريال، وأحياناً أضطر لركوب دراجة نارية، فيذهب المكسب الذي سأربحه ؛ خصوصاً إن كان العدد قليلاً للصور التي سأطبعها ” .
الكاميرات التي استخدمها
أكثر من عشرين كاميرا قديمة اشتراها واستخدمها منذ بدء عمله في مجال التصوير وما يزال يحتفظ بها كذلك،
وجميع تلك الكاميرات كانت تُستخدم عبر أشرطة الأفلام القصيرة التي تحوي عدداً محدوداً من الصور وتكون ما بين 24 الى 36 لقطة، ويستخدم حالياً كاميرا رقمية عادية، فهو يتمنى أن يحصل على كاميرا
رقمية احترافية ذات عدسات مكبِّرة، غير أنَّه لم يستطع شراءها .
ويرجع سبب ذلك لأسعارها وتكلفتها المرتفعة، إضافةً إلى عجزهِ في توفير قيمتها الشرائية ؛ لظروفه المادية الصعبة التي يعيشها .
يقول محفوظ ” أصبح الوضع المادي والمعيشي صعباً للغاية ؛ خصوصاً بعد أن أحالوني للتقاعد من وظيفتي الحكومية ، وانقطاع الرواتب ، حيث أصبح يُصرف نصف راتب فقط بعد مرور عدة أشهر ، كما أن طلبات التصوير خفَّتْ كثيراً ولم تعد كما كانت عليه سابقاً “.
ويرى بأن التقدم الإلكتروني والتكنولوجي الذي اكتسحَ الساحة اليمنية مطلع القرن الحادي والعشرين ، وشَهِد به توفراً للجوالات المزودة بالكاميرا ، وكذلك الكاميرات الرقمية الاحترافية، بالإضافة إلى كثرة محلات التصوير ، ووجود المصورين المنافسين .. جعل عمله يتأثر بذلك، ويخفّ الإقبال والطلب عليه .
يختم العزي محفوظ حديثه لـ (الحديدة نيوز) قائلاً :” أصبح الغالبية العظمى من الناس يعتمدون بالتصوير عبر جوّالاتهم أو كاميراتهم ، أو في مراكز التصوير ، وللأسف لا تتوفر لديَّ الإمكانيات كي أكون منافساً ؛ بالإضافة لكونني مازلت أميَّاً في التعامل الرقمي مع منصات التواصل الاجتماعي ، والتي لجأ إليها الكثير من المصورين، وشاركوا عبرها في عدة مسابقات خاصة بالتصوير الفوتوغرافي ، وحصدوا كذلك الكثير من الجوائز ، وحصل بعضهم على فرص عمل أيضاً ، فأنا أتمنى أن أتغلَّب على هذه الصعوبات والمعوِّقات ، وتتوفر لديَّ الموارد لأواكب تطورات هذا العصر “.