كفى لعباً بالنار
بقلم/
للأسف الشديد أن الجميع يتابع ويعيش تطورات ومستجدات أسوأها تلك المتعلقة بجماعات أو بالأصح ميليشيات مسلّحة تواصل صناعة بؤر التوتر والأزمات, وما أن نكاد نفرح لإطفاء نار جبهة حتى نتفاجأ بكونها تفتح جبهة أخرى, في وقت لم يعد الوطن يتحمّل مزيداً من هذه المعارك الجانبية التي تستنزف طاقاته وتضاعف معاناته وتصرفه عن معركة رئيسة لتجاوز الوضع الراهن والخروج إلى بر الأمان.
وبصورة أكثر تحديداً فإن هذه المستجدات غير الإيجابية التي ارتبطت بجماعة الحوثي خلال الآونة الأخيرة من عمران إلى الجوف ثم إلى همدان، ومن يدري أين سيتم فتح جبهة جديدة, هذه المستجدات تفرض تساؤلات أقلُّها: ماذا تريد هذه الجماعة التي يُفترض أنها كانت جزءاً من مؤتمر الحوار الوطني وشاركت في صياغة مخرجاته وبالتالي عليها أن تشارك في بلورة نتائجه لا الظهور في الضفة المناوئة لما بعد المؤتمر..؟!.
البعض يقرأ الأمر من زاوية أن الجماعة تعمل على فرض وقائع على الأرض أو واقع جديد يمكّنها من المساومة من منطق قوة للحصول على مكاسب سياسية ومصالح مادية نفوذاً وثروة، والبعض الآخر يذهب أكثر من ذلك ويؤكد أنها تنفّذ أجندة تخدم أطرافاً إقليمية ظل الحوثيون متهمين بتلقّي الدعم الكامل منها.
وفي الحالتين فإن استعراض العضلات وممارسة الابتزاز على دولة تعاني ووطن يئن هي انتهازية سياسية غير أخلاقية، كما أن تمرير أجندة أخرى ليست وطنية هي جريمة, وعلى هذه الجماعة أن تثبت براءتها من هذه التهم، وأن تؤكد فعلاً أنها قوة سياسية وأيديولوجية ولدت من رحم مظالم وهدفها رفع مظالم لا مضاعفة أوجاع ومظالم ونكء جروح وطنية وجهوية وتوسيع رقعة نزعات عنصرية ونزاعات طائفية.
مؤخراً قامت المملكة العربية السعودية بإدراج جماعة الحوثي في القائمة السوداء للجماعات الإرهابية، كما أن موقف المجتمع الدولي ورُعاة التسوية السياسية في اليمن عبّروا عن قلقهم من المواجهات الأخيرة التي حدثت على مقربة من العاصمة.
ولا أدري هل أن الجماعة لديها ما يكفي من الرُشد لتقييم كل تلك المواقف ومراجعة الحسابات وتصحيح الأخطاء، أم أنها سوف تستغل ذلك التصنيف الإقليمي وتلك المواقف الدولية لإظهار نفسها كقوة مقاومة وممانعة تتعرّض لحرب شعواء صهيونية إمبريالية..؟!.