|
الحديدة نيوز-خاص : سهيرعبدالجبار ومنتهى حسين:
يُسمي أهالي مدينة الحديدة ليلة الخامس عشر من شهر شعبان بـ”ليلة أمبهجة”،وهي ليلة تُمارس فيها طقوس
دينية وعادات اجتماعية متفردة ،تحرص الأجيال المتعاقبة حتى وقتنا الراهن على إحياءها،”الحديدة نيوز“،يُسلط
الضوء عليها في هذا التقرير.
طقوس متنوعة
تبداء ليلة البهجة مع مغرب يوم 14 شعبان وتنتهي مع فجر يوم 15 شعبان من كل عام. وفيها كان الناس في
الحديدة يحرصون على ارتداء الملابس الجديدة وتنظيم كرنفال ديني وإعداد الأكلات الشهية،
ومن بين الطقوس التي يمارسها أهالي محافظة الحديدة،استقبال ليلة النصف من شعبان بالصيام،وتجهيز وجبة
العشاء بالأكلات الشهية في الحديدة كالمدفون وفتة التمر والصيادية والكبسات والى جانب الحلويات .
وتخرج من منازل الحديدة في ليلة امبهجة روائح العطور والبخور الذي يُعدُ خصيصاً للإحتفاء بالمناسبة،وبعد أداء
صلاة العشاء يتجه الناس إلى الخارج لمواصلة إحياء فعاليات هذه الليلة العيدية المنيرة بالقمر المكتمل .كما يقول
الباحث في التراث صالح مصقري لـ”الحديدة نيوز“.
وفي ذات أليلة يخرج الأطفال والشباب ليحتفلوا بالمناسبة،مرددين الأهازيج الفرائحية،بعد أن يقومو بإشعال النار
فوق سطوح المنازل والمرتفعات والساحات لساعات طويلة وهم يدورون حولها ويقفزون فوقها و بالقرب منها.
سبب التسمية
ويرجع الدكتور عبد الودود مقشر باحث تاريخي سبب تسمية ليلة الشعبانية أو ليلة النصف من شعبان
بليلة”امبهجة” لدى أهالي الحديدة،إلى حرصهم على قراءة كتاب (بهجة الأنوار وحضرة الأسرار وفي فضيلة لا إله
إلا الله في مجالس الأذكار) حيث يجتمع الناس في المساجد و في المنازل الكبيرة لقراءة ذلك الكتاب ما بين
المغرب والعشاء.
وفي سياق متصل يرى الناشط علي مغربي،أن ثمة ارتباط وعلاقة بين طقوس وعادات ليلة امبهجة،وبين عادات
وتقاليد متوارثة لأهالي تهامة قبيل دخولهم الإسلام،وبالأخص ما يتعلق بإشعال النيران،واللعب والهو فيها،إذ أن
التهاميون،وبعض الشعوب كانوا يعتقدون،أن النار قوة محرضة للشمس،وأنه في نهاية العام وقبيل الانقلاب
الشتوي تكون الشمس قد أرهقت ووهنت ، ولذلك فهي تحتاج إلى إشعال كومات سحرية من الحطب تعيد إليها
قوتها وتبعث فيها الحياة من جديد ، وهو بحسب مغربي طقس يختلط فيه الدين بالسحر .
ويدلل مغربي صحة ماذهب إليه ،قائلاً:يأن« قبيلة “نافاهو “الهندية الحمراء لازالت تقوم في يوم معين من السنة
بإشعال كومات هائلة من الحطب تترك مشتعلة حتى الفجر حيث يجتمع المحتفلون الذين يقومون باللعب والرقص
وهم يدورون في مواكب مغلقة حول اللهب يغنون ويقفزون مقتربين من النار قدر الممكن ، وهم يقلدون مسار
الشمس بالقفز من الشرق الى الغرب والعكس،وهو نفس الطقس الذي يتشابه إلى حد التطابق مع ما يفعله
أهالي الحديدة في ليلة البهجة أو ليلة أمبهجة.
تراجع ملحوظ
وتراجع الناس في إحياء بعض طقوس ليلة امبهجة،منذ بدء الأزمة التي يعاني منها اليمنيون،وأهالي الحديدة على
وجه التحديد،وعن ذلك،تقول الناشطة غدير طيره،«عشت بالحديدة أيام لطيفة ولهذه الليلة معنى خاص لدي كنت
في حارة “الصديقية” وكان منزلنا بالقرب من مقبرة الصديقية التي كان يهل الناس إليها من كل صوب لزيارة مقابر
موتاهم»
وتضيف غدير«بعد ذلك كان الناس يجتمعون بمنازل أقاربهم وتستمر الاحتفالات بهذه الليلة إلى الفجر،وما يلاحظه
الناس في الآونة الأخيرة تناقص مظاهر الفرح بعض الشيء ،من حيث شراء الملابس الجديدة ونوعية الطعام
والوليمة التي تقام»
سبب آخر
وفي رأي أخر،تشير الناشطة سوسن حيسي،أن،سبب تراجع التهاميون لممارسة طقوسهم المعتادة في ليلة
البهجة هي الأزمة الاقتصادية الطاحنة،ونزوح وتشرد الآلاف.
وتقول حيسي لـ”الحديدة نيوز“،«يجب على الصحفيين والباحثين والمهتمين بعادات وتقاليد أهالي الحديدة توثيق
تلك طقوس تلك العادات والتقاليد،بشتى الأساليب والوسائل من أجل الحفاظ عليها من الاندثار».
وُتعد ليلة امبهجة أو الشعبانية من أهم الليالي في العالمين العربي والاسلامي، حيث يحتفل المسلمون بها وكلِ
له تسميته الخاصة،ففي دولة الكويت تسمى بليلة قرقيعان ،وفي سلطنة عُمان تسمى بليلة قرقيعون.