قال ان : وصول المساعدات الإنسانية في تعز ومناطق أخرى في البلاد بات صعب على نحو متزايد
مسؤول سابق في بعثة اللجنة الدولية للصليب الاحمر في تعز: تعز واحدة من المدن التي تضررت بشدة من النزاع الدائر في اليمن
الحديدة نيوز / وائل حزام
في مقابلة قصيرة مع السيد أوليفير شاسوت، المدير الاسبق للبعثة الفرعية للجنة الدولية للصليب الأحمر في تعز ، تحدث فيها عن الوضع الإنساني المأساوي في البلاد و في تعز على وجه الخصوص. ووصف السيد شاسوت مهمته التي استمرت اثنا عشر شهراً في اليمن انها كانت مليئة بالتحديات والمصاعب بسبب الوضع الأمني غير المستقر في تعز حيث كانت الغارات الجوية والقناصة والقصف في كثير من الأحيان جزء من الحياة اليومية .
وبالإضافة إلى ذلك ، تحدث السيد شاسوت أيضا عن العمل والتحديات ومخاوف اللجنة الدولية وانعكس ذلك على عمل اللجنة.
موقع ( الحديدة نيوز ) ينشر نص المقابل: – كيف تقيمون الوضع الإنساني في مدينة تعز؟ ما قدمت اللجنة الدولية في مجال المساعدة الإنسانية والطبية للمتضررين داخل هذه المدينة المحاصرة ؟ مما لا شك فيه ان تعز واحدة من المدن التي تضررت بشدة من النزاع الدائر في اليمن، وخاصة في أجزاء منها بسبب القتال البري المكثف وكذلك الغارات الجوية المستمرة .
عندما تصبح المدينة ساحة المعركة ، تتأثر جميع جوانب حياة الناس .وقد تأثر قطاع الرعاية الصحية بشكل كبير . فأقل من نصف المستشفيات التي مازالت تعمل اضطرت إلى التعامل مع أعداد كبيرة من الجرحى . وكذلك تعاني المدينة من شحة المياه وانقطاع الكهرباء حتى الآن . الى جانب شحة الإمدادات الغذائية في أجزاء من المدينة. ومنذ بدء الصراع، يعيش حوالي 200,000 شخص الذين اختاروا البقاء في مدينة تعز وضعاً معشياً صعب في ظل انعدام الأمن وتجدهم يكافحون للحصول على الرعاية الطبية والغذاء والمياه. وأصبح انتقالهم من مساكنهم والتجمع في بيوت اقربائهم في محاولة لإبقاء أطفالهم وذويهم في مأمن، و للأسف اصبح الوضع مألوف بالنسبة للبعض. كما انه وطوال فترة الصراع القائم، عملت اللجنة الدولية بكل جهدها لتقديم خدماتها للمتضررين من هذا القتال في المدينة.
وخلال الأشهر الستة الأولى من عام 2016، قدمنا دفعات من الإمدادات الطبية المنقذة للحياة إلى 11 مستشفى في تعز بما في ذلك مستشفى الثورة والحكمة والجمهوري والتعاون. وفي مجال المياه والصرف الصحي، أنشأنا العديد من نقاط تجميع المياه داخل المدينة. كما تم دعم حوالي 80 بالمائة من الآبار التي تديرها سلطات المياه في المدينة، حيث ما زال الحصول على المواد الغذائية صعباً في أجزاء من المدينة، تحاول اللجنة الدولية أيضا أن تبحث عن وسائل بديلة لتحسين فرص الحصول على الغذاء من خلال الدعم المباشر للمخابز المحلية في منطقة القاهرة والمظفر وصالة.
بالإضافة إلى كل ما سبق، وبالتعاون مع السلطات المحلية، تم دعم إزالة وجمع القمامة في المدينة من خلال مشروع العمل مقابل النقد الذي استفاد منه أكثر من 500 من الأسر المحتاجة. كما تم دعم حوالي 2,000 أسرة مالياً معظمهم من النساء وذوي الإعاقة، كون تلك الشريحة وبشكل خاص يصعب عليها في كثير من الأحيان اتعامل مع المشاكل التي اوجدها الصراع. – كثيرا ما تتهم اللجنة الدولية بعدم القيام بما يكفي في تعز، هل تعتقد أن ما قامت به اللجنة الدولية و تقوم به في تعز يكفي لتلبية احتياجات الناس المتضررين هناك ؟ لا يمكن أن تكون الاستجابة الإنسانية كافية عند النظر إلى الاحتياجات الإنسانية الهائلة في تعز و في البلاد بشكل عام. علينا أن نكون واضحاً أن الاستجابة الإنسانية، مهما كانت كبيرة، لا يمكن أن تلبي الحاجة لجميع السكان. وعلاوة على ذلك ، فإن وصول المساعدات الإنسانية في تعز ومناطق أخرى في البلاد بات صعب على نحو متزايد، وخاصة في مناطق المواجهات. فعملية الحصول على الضمانات الأمنية من جميع الأطراف تستغرق وقتاً وجهداً كبير للغاية . والأهم من ذلك، أن تلك الضمانات لا تترجم دائما على ارض الواقع، ويرجع ذلك إلى اسباب كثيرة منها تعدد تلك الأطراف. وفي العديد من المرات علقت فرقنا في مناطق تبادل إطلاق النار. لدينا أيضا زملاء قتلوا واختطفوا في اليمن . وهذا بالطبع له أثر على قدرتنا على تقديم المساعدة. – هناك انتقادات شديدة ضد اللجنة الدولية لصمتها ازاء الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية، وخاصة مرافق الرعاية الصحية في تعز، ما هو تعليقك على ذلك؟ أصدرنا عدة بيانات التي عبرنا عن قلقنا العميق لتزايد عدد الضحايا المدنيين في تعز وما حولها. وفي نوفمبر (تشرين الثاني )عام 2015، أصدرنا بيان صحفي يدعو لوقف كافة الهجمات ضد مرافق الرعاية الصحية. وبالإضافة إلى تلك البيانات، فنحن في حوار ثنائي وسري مستمر مع أطراف النزاع لـيشد انتباههم لتلك الانتهاكات المفترضة. وفي نهاية الامر، فانها مسؤولية أي طرف في أي نزاع ان يتخذ جميع التدابير الاحترازية للحد من الضحايا في صفوف المدنيين. وهذا ما نصت عليه قواعد القانون الدولي الإنساني. لكن للأسف، ما زلنا نرى عدم احترام لتلك القواعد. فضلا عن تجاهل صارخ للسكان المدنيين، وخاصة في المناطق الحضرية حيث يرجح ان يكون عدد الضحايا فيها عالي جدا. وهذا أمر مقلق للغاية.
ووفقا للاحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة العامة، ان أكثر من 25 بالمائة من المرافق الصحية في اليمن تضررت منذ مارس 2015. و للأسف كان نصيب تعز هو الأعلى طبقاً لتلك الإحصاءات. – تداولت وسائل الإعلام مؤخرا تقارير عن دور اللجنة الدولية في تبادل المعتقلين بين الحوثيين ( انصار الله) والمقاومة الشعبية في تعز. هل فعلاً لعبت اللجنة الدولية دوراً في ذلك ؟ في العام الماضي، لعبنا دور الوسيط المحايد وسهلنا نقل مجموعة من المحتجزين المفرج عنهم من صنعاء إلى عدن والعكس. ومايخص التبادلات الخيرة في تعز، لم تلعب اللجنة الدولية دوراً لكننا قد أجرينا مناقشات مع أطراف النزاع فيما يتعلق بذلك. ومع ذلك، فإن اللجنة الدولية تكرر دائما عن استعداده للعمل كوسيط محايد وتسهيل نقل المزيد من المحتجزين اذا طلب منها أن تفعل ذلك بشكل مباشرة من قبل الأطراف المعنية وان تتفهم وتحترم تلك الأطراف بشكل كامل اسلوب عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر عند نقل السجناء المفرج عنهم . – كيف تعاملت اللجنة الدولية مع قضية اخلاء الجثث خلال الحرب المستمرة؟ وهل لديكم إحصاءات؟ أود أولاً توضيح أن المسؤولية الرئيسية لاخلاء الجثث تتحملها دائما السلطات المحلية وأطراف النزاع. وفي ظل غياب الخدمات الطبية والانقاذ في المناطق المتضررة بشدة من القتال، لعبت جمعية الهلال الأحمر اليمنية دوراً هاماً في عملية اخلاء الجثث التي للأسف كانت ملقا في شوارع تعز لعدة أيام، ومنذ بدء الصراع في مارس عام 2015، عملت اللجنة الدولية مرارا بصفتها وسيطا محايدا، في التفاوض مع أطراف النزاع في تعز ومناطق أخرى من البلاد، لتأمين ضمانات السلامة وتمكين فرقها والهلال الاحمر اليمني لاخلاء حوالي 200 جثة في تعز والمحافظات المجاورة لها. وفي مختلف مناطق الصراع في البلاد، تم اخلاء حوالي 900 جثة حتى الان. – ما هي الصعوبات التي تواجهها اللجنة الدولية في القيم بدورها الإنساني في تعز؟ على الصعيد العالمي، آخذت الاحتياجات الإنسانية في الارتفاع بسبب زيادة العنف والصراع الدولي وغير الدولي والفقر المدقع وموجات الهجرة. والعمل في المجال الإنساني اليوم اصبح اكثر تحدياً وتحاول المنظمات الاستجابة لأزمات معقدة بشكل مستمر. والتوقعات المرجوة من المنظمات علية جدا، دون النظر الى جميع القيود التي تواجهها تلك المنظمات لتكون قادرة على الاستجابة للاحتياجات. وفي اليمن، الصعوبة الرئيسية التي تواجهنا هي الحصول على ضمانات أمنية من جميع الأطراف التي تستغرق وقتا طويلا للغاية، خاصة في ظل تعدد الأطراف .ومع ذلك، نحاول باستمرار إلى تحقيق توازن بين الاحتياجات الملحة للمتضررين وسلامة فرقنا.
ونحن على استعداد لقبول بعض المخاطر، ولكننا لا يمكن أن نقبل أن نستهدف بشكل مباشرة. – قبل ان نختم المقابلة ، ما هي نظرتك للمستقبل في اليمن و تعز على وجه الخصوص؟ يحدوني الأمل في أن ينعم اليمن واليمنيين بوضع أفضل من مهم عليه الان. قد لا تكون المؤشرات مبشرة في الوقت الحالي ولكن اليمنيين الذين التقيت بهم في تعز ومناطق أخرى في اليمن اشداء وقادرين على تجاوز خلافاتهم . وأنا مغادرة البلاد ومتوجة إلى مهمتي القادمة في أفغانستان، اُسلم إدارة البعثة الفرعية للجنة الدولية في تعز لزميلتي نانسي حمد . وفي الختام، أود أن أشكر الجميع ومنهم المنظمات المحلية ونظيراتها في تعز على دعمهم القيم.