«ندى الاهدل» .. من ضحية لزواج القاصرات إلى ناشطة مناهضة للعنف ” تفاصيل ” 

‏  6 دقائق للقراءة        1134    كلمة

الحديدة نيوز- خاص – علاء الدين حسين :

كانت الطفلة ندى الاهدل تعيش مع والديها حياة بسيطة مستقرة في منزلهم الواقع بمحافظة الحديدة غربي اليمن، لكن ذلك الاستقرار لم يدم في يوليو/ تمّوز 2013،وهو العام الذي تقدم فيه أحد الأشخاص للزواج من الطفلة ندى ذات الأحد عشر ربيعاً.حينها قررت ندى أن ترفض ذلك الزواج وتواجه مشكلتها عبر هروبها إلى بيتها عمها حتى لا تصبح ضحية جديدة لظاهرة زواج القاصرات.في ذلك الوقت نشرت ندى فيديو لها عبر شبكة الانترنت تشرح فيه الضغوط التي مارسه أهلها لإجبارها على الزواج، وتتحدث فيه عن فرارها من منزل والديها تجنبا لزواج قسري كاد أن يتحقق.أحدث ذلك الفيديو ضجة إعلامية كبيرة،وتعاطف الكثيرمن الناس في اليمن ومختلف دول العالم،حتى أن العديد من المنظمات الحقوقية أبدت تضامنها المطلق مع ندى التي أصبحت اليوم أشهر وأصغر ناشطة يمنية مدافعة عن حقوق الأطفال،وتدير مؤسسة ندى المعني بحماية حقوق الطفل،وقد ورشحت لجائزة نوبل العالمية،لها كتاب مطبوع مترجم بالفرنسية والهولندية ولغات أخرى ..

وفي حديثها الخاص لـ”الحديدة نيوز”، تحكي ندى عن قصتها،وعن أهم الانجازات والمشاريع التي نفذتها مؤسسة ندى التي تديرها،وعن مشكلة تنامي العنف الموجه ضد الأطفال اليمنيين خلال فترة الحرب الحالية،وعن أحلامها وطموحاتها المستقبلية.

إصرار وعزيمة :
عقب فترة مكوثها في مبنى خاص برعاية الأطفال تابع لإتحاد نساء اليمن،ومن ثم في منزل عمها عبدالسلام في العاصمة صنعاء،مرت ندى بتجربة نفسية قاسية جراء الضغوطات الإعلامية والاجتماعية التي مورست ضدها.لكن ندى تجاوزتها من خلال اتجاها في التعلم والتدريب على مناصرة أقرانها الفتيات الصغار اللواتي تعرضن لخطر الزواج القسري،وأنتقلت ندى في عدد من عواصم الدول العربية والعالمية،مستفيدة من ورش التدريب والندوات المعينة على مناصرة حقوق الطفولة.تقول ندى لـ”الحديدة نيوز”،« بحكم الحرب والصراعات المستمرة في اليمن حاولت بكل استطاعتي بأن أنشر الوعي من خلال برامج مؤسستي مؤسسة ندى ، وعبر السوشيال ميديا كونها اقرب وسيلة للمجتمع ,نحن نؤمن بان الوعي هو حل حقيقي لأي معتقدات خاطئة أخذناها من أجيال سابقة وهي تدمر الأجيال القادمة فالعنف ليس فقط مسألة أسرية بل أنها مسألة تؤثر بمجتمع كامل , الطفل غدا سوف يصبح أب، إن تعرض لعنف سوف ينقل العنف الذي تلقاه لأبنائه، وكذلك إن أصبح مدرس أو قائد سوف ينقل عنفه للمجتمع الذي يعيش فيه وسيكون هناك عصابات إجرامية وقتل ونهب ،بعكس كذلك لو كان تعلم على يد أسرة متعلمة وواعية سينقل علمه للمجتمع الذي حوله,نحن نحاول جاهدين بان نغير قناعات مجتمعنا حتى نحمي الأجيال القادمة ولقد حصلنا على إقبال كبير من قبل الأسر والأهالي«.


تأسست مؤسسة ندى لحماية حقوق الفتيات عام 2017، وتعمل المؤسسة على مشاريع لحماية الفتيات الذين مروا بتجربة الزواج المبكر،وتستثمر مؤسسة ندى في الجيل الذي سيعيد بناء اليمن عندما تنتهي الحرب،ومن أجل القيام بذلك، تقول ندى لـ”الحديدة نيوز”،« تم إنشاء مشروع “أحلامنا التي تزدهر” في المؤسسة للوصول إلى الفتيات النازحات بسبب العنف والنزاعات الكارثية في البلاد.أيضاً ركزت المؤسسة على مشاريع التعليم،لأن تعليم الفتيات يحمي حقوقهن الإنسانية ويغير المواقف التقليدية تجاه الزواج المبكر. ويساهم في غرس الثقة والكرامة ،كما أن التعليم يرفع آمال الفتيات في تحقيق أحلام حياتهن. وتضيف ندى ،القول «نفذت أيضاً مؤسسة ندى مشروع “الملاذات الآمنة” وفيه مساعدة الفتيات اللائي أجبرن على الزواج مبكراً ،واللواتي تعرضن للعنف المنزلي.يستخدم المشروع خدمات أمنية لإنقاذ الفتيات القاصرات وحمايتهن وفقًا للمبادئ التوجيهية المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل ، وهي معاهدة صادقت عليها اليمن».كما تدير مؤسسة ندى عدد من برامج التوعية،أبرزها برنامج توعوية لمعالجة المعتقدات الخاطئة للجمهور بنسبة الزواج المبكر. وفي هذا البرنامج يتم التعامل مع المخاوف المتعلقة بالقيم التقليدية والمسائل المتعلقة بحقوق الطفل،والتي يلتزم اليمن بها بموجب القانون الدولي،ويتم توضيح الأضرار التي لحقت بالمجتمع والأفراد بسبب هذه الممارسة.

التنمية والمناصرة بالتعليم :
ساهمت الحملات الإنسانية التي نفذتها ندى الاهدل برفع مستوى الوعي بشكل كبير لدى المجتمع،وترى ندى،بأن«الناس في السابق يعتبرون الفتاة التي تهرب من أهلها بسبب زواج القاصرات أو العنف قد اقترفت خطأ كبير ويحاول المجتمع الإساءة لها وإعادتها إلى أهلها ومن يقدم لها المساعدة يتم شيطنته ومعاقبته أحيانا ،ولكن بعد رفع مستوى الوعي لدى المجتمع والاهتمام الكبير بهذه الظاهرة وتجريمها أصبح المجتمع ونشطاء حقوق الإنسان يعتبرون الفتاة المتمردة عن هذه الظاهرة بطلة وتسند بقوة من قبل نشطاء حقوق الإنسان والصحافيين والمجتمع ،ويقوم شيوخ القبائل بعمل عظيم في حمايتها ومناصرتها وإجبار أهلها بعدم تزويجها أو تعنيفها»،وتشير ندى لـ”الحديدة نيوز”،أنها«تتلقى شكاوى من فتيات تعرضن للعنف،ويتم التواصل مع أهاليهن لإحباط هذه الزيجات»وتقول ندى«الكثير من العائلات تتعاون معي في أول اتصالاتي لها، وهذا يعود الفضل إلى قوة شخصية الفتيات ضحايا الزواج القسري، ووعي المقربين منهن»، ومن وجهة نظر ندى ، فإن هو الأساس لخلق التغيير الاجتماعي والنمو الاقتصادي في اليمن، ومن أجل ذلك ،ركزت مؤسسة ندى على تعليم الفتيات،وبالأخص تعليمهن اللغة الانجليزية بسبب أنها لغة التواصل مع العالم.

ندى الصباح :
كتاب ندى الصباح تحدث عن تجربة الناشطة ندى الاهدل وتجربة خالتها وأختها في الزواج المبكر وهي تجارب يمر بها الكثير من الفتيات في اليمني، فكان للكتاب صدى رائع لأنه يتحدث عن تجارب فعلية موجودة في المجتمع وأصبح اليوم من أكثر الكتب انتشاراً في فرنسا وهولندا.ونظراً لأنشطة ندى الاهدل في مناصرة حقوق الفتيات في اليمن والوطن العربي تم ترشيحها لجائزة نوبل للطفل العالمي،وعن ذلك تقول لندى متحدثة لـ”الحديدة نيوز”،«مسألة ترشيحي في تلك الجائزة يعني لي الكثير، فهو بالنسبه لي أن مسيرتي نحو مناهضة زواج القاصرات والدفاع عن الفتيات وصلت للعالم، ويكفي أن اعرف للعالم بالجرائم الإنسانية التي تحدث في اليمن حتى يبدأو بالعمل من اجل إيقافها، وإيجاد بدائل لعملية التعليم المتوقفة بسبب الحرب وإنقاذ ما تبقى من الفتيات الذين قد يصبحن ضحايا انتهاكات هذه الزيجات،هدفنا الدائم هو إيجاد ملاذات أمنه لهن، ومساندة قانونية تحميهن ، والضغط على أصحاب القرارات لإيجاد دعم أمني للفتيات».
تطمح ندى توسيع نشاطات مؤسستها بحيث نكون قادرة الوصول لأكبر عدد من الفتيات ،وتحلُم ندى بأن يتمتع الفتيات في الحديدة واليمن بحماية تساعدهن على أن يصبحن قائدات التغيير مستقبلا.
تختتم الناشطة الحقوقية ندى الأهدل حديثها لـ”الحديدة نيوز”، قائلة«يجب على كل أب وأم يمتلكون الوعي،ويخشون عدم خسارة مسقبل إبنتهم، يجب أن يعطوا الطفولة حقها,حقها بضجيجها وبراءتها لنثريها بالعلم والأمل، بالزاد الكافي القادر على ضمان العيش الكريم، و لنفسح المجال أيضا لاختبار مرحلة المراهقة بما تحملها من تخبطات وأفكار متقلبة لأن كل يوم سيثري خبرتهن في الحياة أكثر» . وتضيف ندى ،القول «يقولون بأن السعادة اختيار وأنا أرى أنه يتحتم علينا ألا نختار عوضا عنها ،فواجبنا أن نعد الفتيات ليكن أكثر حكمة واستقلالية ونضجاً،و أن نريهن بأن العمل والعلم هما ركيزتان أساسيتان في الحياة وبأنها ليست مقتصرة على الزواج فقط أو رجل سيحقق للفتاة الأحلام، لنعطي الفتاة القدرة على قبول هذا القرار أو رفضه، دون أساس صحيح ومتين لن نكون قادرين على الوصول والارتقاء لأعلى درجات التحضر والإنسانية».

عن gamdan

شاهد أيضاً

فريق نادي سهام المراوعة يغادر للمشاركة بالبطولة العربية للشطرنج المقامة بسلطنة عُــمان

‏‏  2 دقائق للقراءة        236    كلمة الحديدة نيوز / محمد العبدلي غادرت بعثة نادي سهام المراوعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *