|
شيماء فتاة يسلبُ كورونا سعادتها
كتب / خلود علي الحمادي
قضت طفولتها تحت رعاية جناحان لطالما كانا لها عونآ وسنداً ومصدر سعادة إلا ان الأقدار شاءت للظروف ان تتبدل عندما بدأ ريش هذان الجناحان بالتساقط فتساقطت معهُ سعادتها..
شيماء محمد الطفلة التي قضت طفولتها تتناقلها الأيادي لنقلها من مكان الى آخر بين غرف المنزل ،وخارجة
قضت طفولتها دون أمٍ ترعاها وأبٍ يحميها،،قضتها بين أخوين يسنداها وزوجة أخ أصبحت لها الأم والأخت والمربية..
ارتادت شيماء مدرسة لذوي الإعاقة تقع في الحي الذي تسكن فيه كل صباح تستيقظ بنشاط وشغف كبيران يملئان قلبها البريء اجتازت المراحل الأساسية بتفوقً ونجاح على طلاب صفها ، دوماً ما تحتل المراتب الأولى في موادها الدراسية.
فرحة التعليم
كما جرتِ العادة في مجتمعاتنا الشرقية ان يُحكم على من هم مثل شيماء ان لايكملو دراساتهم وان تكون
المدارس الخاصة بهم محدودة المراحل يصل فيها الطالب/ة الى مرحلة معينة فلا يجد مكانًا سوى
مدرسة اخرى لكن تكاليفها باهضة الثمن .
كان دخل أخيها المعيشي لايسمح بإرسالها الى مدرسة اخرى وسداد رسومها الباهظة سنة دراسية كاملة
ضاعت من بين ايدي الطفلة الحالمة..
لم يكن بوسعِ اخيها عمل شيء سوى تشجيعها على القراءة واستعارة بعض الكتب من جارهم لتثري معلوماتها، وذات يوم سُمع باب المنزل يُطرق ،سمعت طرق الباب ولم تبالي كعادتها.،مرت ساعة وسمعت مرة اخرى صوت الباب ،يبدو وكأن الزائر المجهول قد غادر وانتهت زيارته ، فجأه التفت لتجد زوجة أخيها فرحة تخبرها انه تم تسجيلها في مدرسة للبنات وطوال تلك المدة ظل اخيها يبحث عن مدرسة يستطيع إدخالها اليها لتكمل تعليمها .
انهالت دموع شيماء فرحاً عند سماعها خبر تسجيلها بالمدرسة ، وجلست على كرسيها المتحرك تراقب السماء
،وتنتظر بزوغ الفجر بعينان تلمعان كالنجوم لبدء يوم دراسي جديد .
حل الصباح واستيقظت شيماء ولم تكن كعادتها بل افضل حالاً من قبل وذهبت للمدرسة ، واستمرت حتى أكملت
المرحلة الإعدادية؛ وخلال العطلة الصيفية لم تكل ولم تمل من قراءة كتب المنهج الدراسي استعدادا لبدء المرحلة
الثانوية.
إقرأ ايضاً:كورونا ثقب أسود يلتهم النساء الحوامل !
الحديدة | في اليوم العالمي للمرأة : تعيش المرأة أوضاعاً صعبة ومعاناة مستمرة
الحدث الجلل (covid_19)
فرحة شيماء بحصولها على مدرسة لإكمال تعليمها لم تستمر ، ففي منتصف إحدى الليالي كانت تتصفح بريدها الإلكتروني ومن بين الرسائل الواردة اليه رسائل تتضمن اخباراً عن انتشار كورونا وتوقف الحياة في مختلف دول العالم ، حينها أحست بالخوف وبكل ما تعانيه واكملتُ تصفحها بين آخر أخبار الفيس بوك حول (جائحةِ كورونا).
لم تستوعب شيماء كل ما يجري حولها فهذا الحدث يهدد التعليم بشكل كبير ، ويهدد حياة الملايين وكل مجالات الحياة ، وهو ما حدث فعلاً حتى مدرستها توقف التعليم فيها بسبب جائجة كورونا ، حتى الخدمات الاجتماعية وخدمات رعاية الأطفال الخاصة بذوي الإعاقة توقفت هي الأخرى ، حينها شعرت بالحزن ورأت ان حلمها سيتعثر ، كما ان حياتها العائلية تغيرت ايضاً بسبب فقدان شقيقها لوظيفته ، الأمر الذي انعكس سلباً على وضعه المعيشي والاقتصادي ، وهو ما جعله يتغير في طباعه ، فلم يعد ذلك الأخ الحنون ،بل اصبح يغضب كثيراً ويصيح على الجميع نتيجة الازمة المالية التي يمر بها وتدهور حالته المادية .
مشاكل عائلية
في ظل الحجر المفروض على المجتمعات تزايدت وتيرة المشاكل العائلية ،فعائلتها التي كانت ترعاها بحب كبير ويسودها الألفة والمحبة،،..أصبحت تعيش ظروف مالية خانقة وصراعات بين افرادها (الأخ وزوجته )
وهو ما جعل اليد الحانية عليها ،زوجة أخيها ترفض مساعدتها على النهوض وإعطاءها احتياجاتها الخاصة
كونها لا تستطيع الوقوف على قدميها .
انعزلت شيماء في غرفتها خوفاً وقلقاً من فيروس كورونا ، الى جانب عدم قدرتها على المشي وفقدانها للحب الذي كان يغمرها ، فشقيقها يأتي لنقلها الى فراشها قاطباُ حاجبيه دون أن يتكلم معها او يحن عليها بكلماته كما اعتادت منه ،لا شيء سوى الصمت ولا يبدو على ملامحهِ سوى الضجر ،وهكذا قضت شيماء فترة الحجر الصحي في ظلِ covid_19 وأصبح يسلبُ كورونا سعادتها.
” تم نشر هذه المادة بدعم منJDH/JHR صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا”