بقلم : أدهم شرقاوي
قرأتُ البارحة معلومة تقول إنّ الكنديين هم أكثر شعوب الأرض استخداماً لكلمة أنا آسف! وهم يستخدمونها من باب اللباقة وتطييب خاطر الشخص المقابل وليس بالضرورة للاعتراف بالخطأ! *بل إنهم في العام 2009 أقروا قانوناً يُدعى (APOLOGY ACT قانون الاعتذار)*، وينصُّ القانون على أنّ اعتذار طرف للطرف الآخر عند وقوع حادث لا يمكن استخدامه ضده في المحكمة كدليل على إقراره بالذنب، حيث إن الكثير من الكنديين يعتذرون كسلوك مهذب وليس لأنهم مخطئون!
والشيء بالشيء يُذكر أنّ أكثر ما يستند عليه المحامون في أميركا كدليل إدانة هو اعتذار المُدّعى عليه خصوصاً في حوادث الطرق!
الغاية من هذه المقدمة ليست مدح الكنديين ولا ذم الأميركيين، بقدر ما هو *إناخة مطايا الكلام عند باب ثقافة الاعتذار!*
وهي للأسف ثقافة ليست متجذرة فينا وإن كان فينا الكثير من الأخلاق النبيلة التي يفتقر إليها الكثير من شعوب الأرض، والسبب برأيي أن الإنسان العربي فيه من الكبرياء الشيء الكثير وهو خُلق محمود في مجاله مذموم في غيره!
*كثيرٌ من الأرحام والصداقات والزيجات قُطعت بسبب عزة نفس ليست في موضعها*، ولو مشى كل واحد منا خطوة تجاه الآخر لما كانت القطيعة ولكننا نقف قبالة بعض كالجبال تفصل بيننا أودية بسيطة ولكننا نتسمَّر أماكننا! *وكلما زاد الانتظار تضاعف الجفاء!*
*عندما يعتذرُ إليك إنسان فليس بالضرورة أنه مخطئ وأنك على حق، ربما أراد أن يقول لكَ إن علاقتكما أهم من كبريائه!*
أنا آسف تعني أحياناً أنني أريد الاحتفاظ بك بغض النظر عن أي شيء، فلا تأخذك عزة النفس أبعد مما ينبغي، رمم كبرياءه على الفور، هؤلاء البشر لا يمكن العثور عليهم كل يوم!
*عندما تتصدَّعُ المنازل لا نهدمها مادام هناك فرصة لترميمها، والعلاقات البشرية كذلك*، وقد قالت العرب: الحُرُّ من راعى وداد لحظة، وأكثر بيت شعر أحبه قول بشار:
ومن ذا الذي تُرجى سجاياه كلها
كفى المرءُ نُبلاً أن تُعد معايبه
أما أمُّ المصائب أن نكون على خطأ، ونمشي في طريق العناد ألف خطوة كان يكفينا مؤونتها كلمة اعتذار! إن الذي يعتذر لا ينحدر وإنما يتسامق، فتباً للكبرياء!