إعلاميات اليمن.. نماذج مشرقة في تحدي الحرب كلفتها مضاعفة

‏  8 دقائق للقراءة        1515    كلمة

الحديدة نيوز / تقرير خاص/ وليد عبد الواسع
يبدو واقع الإعلام في اليمن الأشد خطراً من أي وقت مضى، وهو بالنسبة للإعلاميات اليمنيات أكثر خطورة، وبسقف حريات حدوده عند أقرب كلاشنكوف، وما أكثرها في بلد يعيش تحت رحى حرب لا ترحم ولا تفرق بين طفل وشيخ امرأة.
خلال الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من ثلاثة أعوام كانت الكلفة مضاعفة على الصحفيات في البلد، ورغم ذلك قدمت مجموعة من الصحفيات نماذج مشرقة في تحدي الواقع والبروز كصحفيات حربيات مقتدرات.
لم يكن دور المرأة الإعلامية هامشياً أو رقماً عادياً، بل استطاع هذا التواجد أن يحصل على العلامة الكاملة، وبرزت أسماء صحفيات يمنيات تصدرن واجهة الإعلام وهن يخضن مغامرة نقل أحداث بلدهن من قلب المعارك.
وكشف تقرير معلوماتي حديث عن انتهاكات متعددة تعرضت لها الإعلاميات اليمنيات تنوعت ما بين القتل، والضرب والتهديد والفصل التعسفي، وقطع المرتبات، والحرمان من الوظائف، رغم عددهن المتواضع، مقارنة الإعلاميين الذكور.
وأوضح التقرير الصادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي بعنوان “الإعلاميات اليمنيات تحديات في السلم والحرب” بأن العاملات في الإعلام من النساء يشكلن نسبة 20 % من إجمالي العاملين في وسائل الإعلام و11 % من أعضاء نقابة الصحفيين اليمنيين فقط.
وأشار التقرير- حصلت “أخبار اليوم” على نسخة منه- إلى أن العاملات في الإعلام كن عرضة للتمييز خلال فترة ما قبل الحرب، حيث تتعدد مظاهر عدم المساواة بين الجنسين في المؤسسات الإعلامية باستحواذ الرجال على المناصب القيادية في المؤسسات الإعلامية، وضعف الرواتب الشهرية للنساء مقارنة بالرجال، وعدم التساوي في فرص التدريب وعدم مواءمة بيئة بعض المؤسسات الصحفية للصحفيات العاملات وتخصيص بعض المجالات المحددة التي تعمل فيها المرأة كنوافذ المرأة والحياة الاجتماعية.
مخاطر وقيود
ومثل العمل الإعلامي مهنة خطرة على النساء، مما أدى إلى عزوف معظم الصحفيات عن ممارسة المهنة الصحفية، سواء بسبب المخاطر الأمنية العالية، أو نظراً لتوقف صرف المرتبات، كما هو الحال في معظم المؤسسات الإعلامية الرسمية التي تتواجد فيها الصحفيات بشكل أكبر من غيرها من المؤسسات الإعلامية.
تحكي الصحفية فاطمة مطهر، وهي تشغل مدير تنفيذي لنقابة الصحفيين اليمنيين، كيف أصبحت البيئة الإعلامية طاردة للصحفيين اليمنيين، لاسيما الصحفيات.
تقول فاطمة، والتي حصدت أعلى الأصوات في انتخابات مجلس نقابة الصحفيين اليمنيين في آخر دوراتها الانتخابية 2009م،: “إذا كان الوضع الأمني الذي تعيشه اليمن بسبب الحرب يشكل خطورة على النساء في الوظيفة العامة بشكل عام، فإن الأمر يبدو أسوأ كثيراً بالنسبة للصحفيات اللاتي يتعاطين مع الشأن السياسي والعسكري”.
“الصحافة في اليمن أصبحت مهنة محفوفة بالمخاطر، وهي الأخطر على الصحفيات حيث تعرضت بعضهن للتهديد والاعتداء ومحاولات اغتيال”: تضيف مطهر التي تتواجد تتواجد حالياً في العاصمة المصرية القاهرة، ولا تستطيع العودة على بلدها اليمن، خوفاً على حياتها، كونها صحفية معروفة.
وتؤكد أن الثقافة الاجتماعية والقبلية التي كانت تعطي المرأة وضعية خاصة في عدم الاعتداء عليها أو إيذاءها تتراجع عندما يتعلق الأمر بعمل المرأة الإعلامي، بل إن جماعة كالحوثي أنشأت جناح أمني نسوي متخصص ربما للتعامل مع الناشطات من النساء، وهو ما حدث في أكثر من حالة، وفقاً لـ”فاطمة مطهر”.
وعملت الحرب على انكفاء معظم الصحفيات العاملات في المؤسسات الرسمية وتركهم للعمل الإعلامي.. تقول مطهر: “للأسف جلبت الأطراف السياسية والجماعات المختلفة الإعلاميات المحسوبات عليهم فيما بقت معظم الصحفيات المهنيات في البيوت يخشون مخاطر الخروج للعمل أمنياً ويعانين من قيود الحرية في عملهن المهني”.
قصص ملهمة
الصحافة هي مهنة المتاعب، وفي ظل بلد يسودها الحرب ومنع حرية التعبير ليس بالأمر الهين أن تعمل المرأة في مجال الصحافة في بيئة ترى بأن عمل المرأة “أي عمل” شيئاً معيباً وخارج عن المألوف، فكيف بأن تكون صحفية وفي بيئة خطرة.
لكن الصحفيات اليمنيات أصررن إلا أن يواصلن الكفاح لكسر هذه الصورة النمطية التي رسمت لهن، واستطعن أن يتواجدن في الميدان ونقل أحداث الحرب التي تدور رحاها في اليمن، إضافة إلى المأساة الإنسانية التي يعيشها اليمنيون جراء استمرار الحرب.
ويعد حصول الصحفية اليمنية/ هديل اليماني- مراسلة قناة الجزيرة في تعز- على جائزة الشجاعة الصحفية 2017م رسالة مهمة للدور الذي لعبته الصحفيات اليمنيات، رغم المخاطر الكبيرة، كما برزت العديد من الصحفيات كمراسلات حربيات في قلب المعارك في اليمن.
وخلال الحرب الجارية في اليمن برزت أسماء صحفيات يمنيات تصدرن واجهة الإعلام وهن يخضن مغامرة نقل أحداث بلدهن من قلب المعارك وغالبيتهن في مدينة تعز، أبرزهن: هديل اليماني مراسلة قناة الجزيرة بتعز، ابتهال الصالحي مراسلة قناة يمن شباب بعدن، أنيسة العلواني مراسلة قناة بلقيس بتعز، نعائم الخالد مراسلة قناة عدن في تعز وعدن، أحلام العسكري مراسلة قناة صنعاء بتعز، آية خالد مراسلة بتعز، علا الوهباني مصورة قناة صنعاء بتعز، آفاق الحاج صحفية حرة بتعز، ومروى السيد مراسلة قناة بلقيس بعدن.
لم يكن دور المرأة الإعلامية هامشياً أو رقماً عادياً، بل استطاع هذا التواجد أن يحصل على العلامة الكاملة، ويبرز ذلك من خلال حصول الإعلامية اليمنية هديل اليماني على جائزة الشجاعة، كأفضل مراسلة شجاعة للعام 2017م.
ومثلت تجربة المراسلة الحربية لقناة الجزيرة في تعز/ هديل اليماني قصة ملهمة، لكن فاطمة مطهر تؤكد أنه “مع ذلك تظل مخاطر الجماعات المسلحة حاضرة.
تحديات وصعوبات
وتضمن التقرير تفاصيل شاملة عن الأوضاع التي تعيشها الإعلاميات اليمنيات والتحديات الماثلة أمامها أثناء مزاولتها للعمل الإعلامي أثناء الحرب وذلك من خلال مقابلات مع إعلاميات يمنيات، واستعرض قصص نجاح لإعلاميات حققن إنجازات صحفية ميدانية أثناء الحرب.
ولم تكن المغامرة التي خاضتها الصحفيات في اليمن في نقل أحداث المعارك في هذه الفترة من تاريخ اليمن الذي يمر بحرب لأكثر من ثلاثة أعوام، وليس هناك مؤشرات على أنها ستنتهي قريباً، بمنأى عن الصعوبات والمعوقات، بل واجهن العديد من التحديات الاجتماعية والمهنية، وفقاً لما روته صحفيات حربيات خلال المقابلات التي أجريت في إطار الإعداد للتقرير، منها خوف الأسرة من تعرض حياة ابنتهم الإعلامية للمخاطر، ونظرة المجتمع، والإمكانات المالية، والتدريب والتأهيل، وافتقارهن لوسائل السلامة المهنية.
هديل اليماني، الإعلامية الشابة التي خاضت تجربة فريدة من خلال مشاركتها في نقل الأحداث المأساوية التي تشهدها اليمن، ونقل أحداث المعارك من محافظة تعز، كمراسلة لقناة الجزيرة، بشجاعة تفوق نظرائها من الإعلاميين الذكور، مواجهة لكل التحديات الاجتماعية والإدارية والميدانية.
تحكي هديل قصتها في مواجهة التحديات الشائعة التي أحبطت طموح عديد نساء يمنيات: “كان التحدي الأول مع الأسرة التي وقفت في طريقي أول الأمر، لكنها تراجعت عن هذا القرار بعد أن رأت في إصراراً قوياً نحو هدفي الذي أنشده”.
لم تكن الأسرة هي التحدي الوحيد بالنسبة للصحفية هديل، “أيضاً القناة كانت لها مخاوفها من كوني امرأة إعلامية تعمل في بيئة خطرة، لكن مخاوف القناة تبددت بعد أن عرفت رغبتي الشديدة في هذه المهمة الكبيرة، وتحولت هذه المخاوف إلى دعم لا محدود”.
تروي هديل قصتها من الميدان، وكيف حوصرت لمدة ساعة ونصف من قبل قناص في منطقة تبيشعة في جبل حبشي أثناء تغطيتها المعاناة الإنسانية هناك وعمليات التهجير القسري لأبناء المنطقة من قبل مليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح.
“خرجنا بعد ساعة ونصف من القصف المباشر الذي كان يريد استهدافنا، لكن الأقدار وقفت معنا، وتم تدارك الأمر عبر إرسال تعزيزات لحمايتنا من قبل الجيش الوطني والمقاومة الشعبية”.
تحديات كثيرة واجهتها الشابة هديل في مهمتها الإنسانية التي كانت دافعاً كبيراً لها في خوض هذه التجربة الصعبة التي تصفها بالقول: “أقف بجانب الإنسان وبجانب الطفل والذي فقد أسرته والأم التي فقدت أبنائها، والأب الذي فقد جميع أفراد أسرته.. هناك قصص تدمى لها القلوب في تعز وغيرها من المحافظات، فالإنسان اليمني محور اهتمامي الأول لأنه الخاسر الأول في هذه الحرب، ولكنه ما يزال يقاوم لأنه يحب الحياة ويريد أن يعيشها”.
هذا الإصرار والتألق العجيبان الذي أبدته الإعلامية هديل اليماني يدلل على القدرات والإمكانيات بل والشجاعة التي تمتلكه المرأة اليمنية متى ما وجدت بيئة اجتماعية تساعدها في تحقيق طموحها، إضافة إلى وجود مؤسسات إعلامية تساهم في صنع المرأة في الإعلام أو غيره من المجالات.
ونتيجة لأدائها المتميز في نقل الأحداث في مدينة تعز، التي تدور فيها معارك طاحنة، حصلت هديل على جائزة الشجاعة الصحفية للعام 2017م التي تمنحها مؤسسة الإعلام النسائية العالمية.
عوامل وأسباب
رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي/ مصطفى نصر عزا أسباب الانتهاكات التي تتعرض لها الإعلاميات في اليمن إلى عوامل سياسية واجتماعية وثقافية، رغم أن الإعلاميات اليمنيات اثبتن جدارة في تولي المسئوليات الإعلامية في مواقع متقدمة، حد قوله.
وأوضح أن الإعلاميات اليمنيات دفعن ثمنا باهظاً في الحرب الراهنة في اليمن، وتعرضن لصنوف مختلفة من الانتهاكات، معبرا عن أسفه لعدم اتخاذ الجهات والهيئات والمؤسسات الدولية المعنية بالإعلام دور فاعل في وقف هذه الانتهاكات التي تتعرض لها الإعلاميات في اليمن.
وطالب نصر السلطات الحكومية والمنظمات الدولية المعنية بالحقوق والحريات إلزام جميع الأطراف السياسية وأطراف الحرب بالمبادئ الضامنة لحرية التعبير وحرية الصحافة التي نصت عليها التشريعات الدولية والمحلية وإزالة كافة المعوقات التي تحد من الحريات الصحفية في اليمن.
وأوضح نصر أن عدم تقدم المرأة الإعلامية في مواقع صنع القرار هو انعكاس لوضع المرأة اليمنية في كل القطاعات، ويأتي هذا رغم أنها دخلت العمل الصحفي المقروء والمسموع والمرئي منذ انطلاقة الإذاعة والتلفزيون في اليمن، موضحا أن المرأة تواجه العديد من المعوقات التي تعيق وصولها إلى المراكز القيادية والتي تعود إلى عوامل مجتمعية ومؤسسية، وعوامل أخرى.

عن gamdan

شاهد أيضاً

سمارةfm تحتفي بعيدها الرابع

‏‏  1 دقيقة للقراءة        169    كلمةالحديدة نيوز /قسم الاخبار: احتفلت أسرة إذاعة “سمارة إف إم” الشبابية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *