الحديدة نيوز : سميرة عبداللطيف
” تعرضت للعديد من الإهانات والضغوطات بسبب دراستي وتخصصي ” بهذه الكلمات بدأت السيدة إيناس علي (28 عاما) من مدينة الحديدة حديثها لـــــ ” الحديدة نيوز ” عن مسيرتها في تحقيق حلمها والمعوقات التي واجهتها من أجل ان تصبح محامية
أنهت إيناس دراستها الثانوية واتجهت نحو إكمال تعليمها الجامعي والتحقت بكلية الشريعة والقانون وكانت فرحتها أنداك كفرحة ام بطفلها البكر حيث ترى أنها بدأت تخطو نحو تحقيق حلمها
تسرد أيناس لــــ ” الحديدة نيوز” قائلة “انتهى العام الجامعي الأول ونجحت فيه لكن العام الدراسي الثاني كنت طالبة شريعة وقانون وزوجه دخلت عش الزوجيّة وانا اتأمل ما يسمونه القفص الذهبي بسعادة كبيرة ، كنت اشعر بأن احلامي تكتمل بزواجي من رجل منفتح ومتعلم ” لم تعلم ايناس حينها بأن زوجها الذي تحبه كان يدعي الكثير لأجل ان يحصل عليها ، فسرعان ما ادركت عبارة (ما قبل الزواج شي وما بعده شيئاً اخر) لم تدم فرحتها طويلاً فسرعان ما تجلت اكذوبة الزواج السعيد والرجل المتفهم حين اخبرها بانه سيفعل المستحيل من أجل أن توقف دراستها، خاصة كونها تريد ان تكون محامية وهنا كانت الصدمة …
وتعد مهنة المحاماة من أكثر المهن النبيلة والهدف في أصلها، كأي مهنة شريفة مثل الطب والهندسة والتعليم وغيرها ،وهي تعتمد بشكل كبير على الثقافة الشخصية ، والادراك ، وسعة الذاكرة وقوة الشخصية ، وطلاقة اللسان، وهي مهنه انسانية تربط الاشخاص ببعضهم في أحلك الظروف
تقول المحامية (أ . ح) لــــ ” الحديدة نيوز” ان النظرة السلبية من ناحية المحاماة كمهنة للمرأة يرجع لعدة أسباب ولكن السبب الأهم هو الاختلاط الكثير بالجنس الآخر واحتياج العمل لجرأة كبيرة قد تعتبر بالنسبة للبعض هذه الجرأة وقاحة وما تتناسب مع أسلوب المرأة اليمنية المعتادة على عدم المجادلة والخوض في مناظرات و الجهاد لإيصال فكرتها ورأيها وهذا كله مضاد لأفكار مترسخة من سنين بسبب العادات والتقاليد القديمة التي فرضت على المجتمعات ويلتزم بها الكثير حتى يومنا هذا …
فيما يضيف المحامي والناشط الحقوقي والمجتمعي وعضو مجلس نقابة المحامين اليمنيين بالحديدة/ منصور يوسف البدجي لـــ ” الحديدة نيوز” قائلا” ” بشكل عام أصبحت المرأة العاملة في وقتنا الحاضر جزء رئيسي من تنمية المجتمعات وتطورها فهي الطبيبة والمهندسة والإعلامية، والصحفية، والمعلمة والدكتورة والمحامية ،،، لكن هناك بعض المجتمعات وهم قله قليله لا يرغبون في بعض المهن ولا يرغبون بالتعامل مع المرأة …فالمحامية من خلال الواقع اثبتت حضورها ووجودها واهميتها فهناك محاميات رائدات في العمل القانوني وأثبتن جدارتهن في كل القضايا خاصة في القضايا الشخصية حيث تستطيع المرأة البوح لها بكل تفاصيل معاناتها في حياتها وبالمقابل هناك من بعض القبائل من خلال الموروث القديم يرى هناك عيب ان يوكل امرأه للدفاع عنه وهم قله لكن استطاعت المحامية الاستمرار والتغلب على هذه النظرة.
أكملت إيناس تعليمها بصمت وصبر على ما تواجهه من زوجها الذي كان غير راضيا على إكمال تعليمها ويحاول بشتى الوسائل إيقافها لكنها كانت في كل مره تنتصر عليه وتكمل تعليمها رغم كل ما تواجهه فهي عاهدت نفسها على تحقيق حلمها
تقول محدثتنا ” “اخيراً اصبحت محامية ” هذه الجملة ترقرقت لها دموعها وهي تتذكر ذلك اليوم الذي امسكت حلمها بإحدى يديها بينما عيناها تنظر ليدها الاخرى وهي مزينة بخاتم الزواج ، ابتسمت بحزن وهي تتذكر كمية الإهانات والشتائم التي تنهال عليها من زوجها كلما عادت من الجامعة ، احتضنت حلمها وأكملت طريقها بصمت وبعد سنوات مضنية ومؤلمة في محاولة لتجنب لقب “مطلقة”، استنفذت ايناس كل قواها وما لديها من صبر وجلده ولم يعد لديها المزيد من الدموع ليلاً، لتعود الى اهلها متخذة قرار لم تقدر على اتخاذه طوال سنوات التعليم وهو الانفصال عن زوجها رغم أن العيش بلقب “مطلقة” أمراً صعب في المجتمع اليمني ، الذي يقف كبيره وصغيره بالمرصاد لكل كلمة وتصرف، ولكل هفوة ولو كانت صغيرة للمرأة الا ان (الرداء ) الذي تمتلكه ايناس والدعم الذي تلقته من عائلتها ساعدها في تخطي نظرة المجتمع كونها مطلقه.
بعزيمة وإصرار تكمل إيناس السير نحو حلمها كمحامية واصفتا شعورها “كانت سعادتي لا تضاهى وانا اقترب من رؤية المحكمة ” دخلت ايناس بخيالها الواسع الى المحكمة لتسمع ضربة المطرقة وهي تعلن عن البداية، تأملت عيناها هدوء المكان، وعيون من حولها تنظر لها باحترام واجلال حينها شعرت بهيبة الوقوف لأول مره
وتتابع إيناس حديثها لـــــ ” الحديدة نيوز” بدأت التدريب وممارسة المهنة وكانت دموعي تخونني في بعض الاحيان حينما استمع الى ما يقوله لي بعض الموكلين بينما ينتابني الغضب تارتا اخرى فالمحاماة تقربك من هموم الناس، ومعانتهم لذى شعرت بأني أتحمل مسؤولية كبيرة يتوجب علي ان اكون قدها ” لكن إيناس كانت مستاءة من الواقع المؤلم حيث تشعر بالأسى والحزن حين تسمع اقاويل تتداولها السنة العديد من المواطنين وهم يشكون من محاميات ومحامين شوهوا مهنة المحاماة بسبب عدم المصداقية وابتزازهم للموكلين
وهو ما أشار اليه المحامي منصور البدجي بقوله ” بأن لكل مهنة وجهان ويمكن استغلالها بأي وجه يشاء المرء فهناك الصالح والطالح والمحاماة مهنة كغيرها من المهن الحرة التي يمكن ان تتشكل حسب شخص ممارسها “
استطاعت إيناس ان تثبت نفسها كإمرأة يمنية تمتلك الكثير من العزم والأمل نحو مستقبل أفضل وحققت حلمها أن تصبح محامية كما أنها عملت في العديد من المبادرات الخيرية بالإضافة الى مساهمتها في عمل أنشطة توعوية …