الحديدة نيوز/ سبأنت
لم يقتصر ١٠٠٠ يوم من العدوان السعودي الأمريكي على إصابة الحركة السياحية الوافدة لليمن بالشلل التام، بل تجاوز ذلك إلى حد تدمير منشآت البنية التحتية السياحية، وحرمان أكثر من ربع مليون عامل في المجال السياحي لمصدر دخلهم الوحيد.
وبالرغم من تسبب العدوان في توقف الكثير من المشاريع الاستثمارية في القطاع السياحي، وإلحاقه خسائر مالية بالغة لفاقد عائدات السياحة السنوية ومساهمتها بنحو ٣ بالمائة من الدخل الوطني العام، فأنه نسف جهود سنوات من التسويق لمفردات منتج اليمن السياحي الفريد في السوق السياحية الدولية وبناء الثقة.
خسائر مالية
وتشير تقارير وزارة السياحة ومجلس الترويج السياحي إلى أن العدوان السعودي الأمريكي خلف خسائر بالغة مباشرة وغير مباشرة بقطاع السياحة في الجمهورية اليمنية على مدى ألف يوم من العدوان.
وتتمثل الخسائر المباشرة في تسبب العدوان والحصار الجائر في فقدان اليمن لنحو أربعة مليارات و٥٠٠ مليون دولار، تمثل فاقد عائدات السياحة اليمنية السنوية المتوقعة خلال ١٠٠٠يوم من العدوان.
كما تسبب العدوان في فقدان اليمن لنحو أربعة ملايين و٥٠٠ الف سائح بمعدل مليون ونصف المليون سائح متوسط القدوم السياحي السنوي إلى اليمن.
وحسب تقارير مجلس الترويج السياحي فأن خسارة مجلس الترويج السياحي الأولية من فاقد الضريبة السياحية على رحلات الطيران خلال الألف يوم من العدوان تقدر بـ ١٠ ملايين و٨٠٠ الف دولار.
أما خسائر الوكالات السياحة، فقد أوضح رئيس قطاع السياحة محمد بازع عضو مجلس الترويج السياحي لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أنها تقدر بنحو تسعة ملايين دولار.
وأشار إلى أن هذه الخسائر تظل تقديرات أولية للخسائر التشغيلية للقطاع ولا تشمل إلغاء الحجوزات للمجاميع السياحية الوافدة لليمن عبر هذه الوكالات البالغ عددها ٢٢ وكالة سياحية والتي أدى إلغاءها إلى فقدان اليمن لنحو أربعة مليارات و٥٠٠ مليون دولار عائدات السياحة اليمنية السنوية من السياحة الدولية الوافدة.
وتوضح تقارير اتحاد الفنادق أن خسائره تقدر بنحو ٦٦٦ مليون دولار نفقات تشغيلية لهذه الفنادق ولا تشمل هذه الخسائر تكلفة إعادة إنشاء الفنادق التي استهدفها العدوان وتجهيزاتها حيث تحتاج إلى مهندسين مختصين ونزول ميداني.
وفيما يتعلق بالخسائر في جانب الترويج والتسويق السياحي وجهود بناء وتعزيز الثقة في المنتج السياحي اليمني والسمعة التي خسرتها السياحة اليمنية نتيجة الانعكاسات السلبية لتناولات وسائل إعلام العدوان لما يحدث في اليمن ونسف العدوان للنتائج الإيجابية التي حققتها حملات التسويق للمنتج السياحي اليمني خلال الفترات الماضية، فتبلغ حسب تقارير الترويج السياحي حوالي ثلاثة ملايين دولار متوسط سنوي كان ينفق على هذا الجانب.
وبالنسبة لقطاع النقل البحري والبري والجوي اليمني تشير تقارير وزارة النقل أن خسائره جراء العدوان والحصار تبلغ نحو ثلاثة مليارات دولار.
وتتوزع هذه الخسائر على أثنين مليار دولار خسائر أوليه للطيران الجوي اليمني جراء استهداف المطارات والتجهيزات الملاحية والفنية وأجهزة الاتصالات والرادارات وتوقف حركة السفر من وإلى اليمن و٩٠٠ مليون دولار خسائر أولية تكبدها قطاع النقل البحري نتيجة العدوان والحصار منها ٣٠٠ مليون دولار خسائر مينائي الحديدة والمخا خلال العامين الماضيين فقط و١٩مليون دولار خسائر مباشرة تكبدها قطاع النقل البري.
ووفق تقارير وزارة السياحة فأن اليمن فقد مشاريع استثمارية محلية وعربية وأجنبية في المجال السياحي تقدر بمليارات الدولارات وتضم جملة من الفرص الاستثمارية تتجاوز 60 فرصة استثمارية تمتد بطول اليمن سبق عرضها على المستثمرين في المجالات السياحية قبل العدوان.
وهناك خسائر في بقية مجالات وتفرعات الخدمات والأعمال المرتبطة بالسياحية كوكالات السفريات ومنشآت الطعام والشراب والمعاهد السياحية وصالات المناسبات والمزارات والحدائق ومراكز الترفية وغيرها، غير أنها ماتزال بعيده عن نتائج حصر الأضرار الناتجة عن استهداف العدوان للقطاع السياحي حسب المسئولين في مجلس الترويج السياحي، كما أن تكلفة إعادتها إلى ما قبل مارس ٢٠١٥م تحتاج إلى فرق هندسية ونزول ميداني.
وحسب وزارة السياحة فأن تقدير حجم خسائر القطاع السياحي كاملة وتبعاتها يظل من أبرز التحديات في ظل استمرار الحصار والعدوان من ناحية وبالنظر إلى السياحة بمفهومها المتطور كناتج إجمالي لمنظومة تحقيق التكامل بينه وبين القطاعات الاقتصادية والخدمية المختلفة.
ويرى نائب المدير التنفيذي لمجلس الترويج السياحي احمد البيل أن خسائر القطاع السياحي تتجاوز مليارات الدولارات ويصعب حصرها وتقديرها في أرقام لكن هذه الإحصائيات والأرقام ما تزال غير مكتملة لأن العدوان والحصار مستمر والإمكانات المالية متواضعة وليست ميسرة لتنفيذ نزول ورصد شامل لكل المواقع والمنشآت السياحية على مستوى جميع المحافظات فضلا عن المخاطر التي يكتنفها العمل في بعض المحافظات المحتلة من قبل العدوان ومرتزقته.
وعلى صعيد العمالة السياحية توضح تقارير وزارة السياحة أن العدوان أدى إلى فقدان أكثر من ربع مليون عامل في مختلف مجالات العمل السياحي لدخلهم، وتسريح نحو ٩٠ بالمائة من العاملين في هذا القطاع ممن يعول الفرد منهم متوسط أربعة أفراد بينما يتراوح متوسط دخل الفرد ما بين100 إلى 150 دولار.
في المقابل تشير تقارير مجلس الترويج السياحي فيما يتصل بالمنشآت السياحية المتضررة من العدوان إلى أن العدوان السعودي الأمريكي دمر أكثر من ٢٠٦ منشاة سياحية مختلفة في عدد من المحافظات.
ورغم تواضع تلك الأرقام مقابل عدد المنشآت السياحية بالجمهورية اليمنية البالغ عددها خمسة آلاف و٣٥٦ منشأة سياحية وفق أول مسح ميداني لوزارة السياحة للمنشآت السياحية عام ٢٠١٠م فأن عملية الحصر للمنشآت السياحية المتضررة حسب نائب المدير التنفيذي لمجلس الترويج السياحي رئيس لجنة حصر أضرار القطاع السياحي لم تشمل محافظتي تعز وحجة.
وعزا السبب إلى الاحتياجات المالية التي يتطلبها النزول الميداني في ظل شحة الإمكانيات، بالإضافة إلى مخاطر العمل في بعض المناطق المحتلة من قبل العدوان ومرتزقته واستمرار القصف خصوصا في ميدي وحرض التي ساوى فيها العدوان تلك المنشآت السياحية فيها على كثرتها بالأرض.
وكان المركز القانوني للتنمية كشف عن رصد نحو 260 منشأة سياحية مختلفة متضررة في عموم محافظات الجمهورية جراء العدوان.
وحسب تقديرات مؤسسات المجتمع المدني فأن عدد المنشآت السياحية المتضررة يزيد عن نحو 360 منشأة سياحية، بالإضافة إلى نحو ٣٦٠ مدينة وقرية تاريخية وأثرية وأكثر من 85 موقعا اثريا ومعلما تاريخيا وهي تمثل من أبرز الوجهات السياحية ضمن المنتج السياحي الثقافي والتاريخي والأثري اليمني.
وتشمل المرافق السياحية منشآت الشراب والطعام والإيواء ومكاتب السفريات والسياحة ووكالات تفويج السياح والمزارات والحدائق، الكافيهات، والمزارات الدينية والمنتجعات السياحية والحمامات السياحية الطبيعية والاستراحات ووكالات تأجير السيارات ومعاهد التدريب السياحية وقاعات المناسبات.
وتبين تقارير مجلس الترويج السياحي إلى أن من أبرز المنشآت السياحية التي استهدافها العدوان بشكل مباشر وغير مباشر فنادق القصر ميركروي وعدن وخليج الفيل في محافظة عدن وفندق السعيد(سفتيل سابقا) في تعز ومنتزة إب السياحي، وحمام جارف ومعهد السياحة وفندق موفمبيك والبستان وبرج السلام وصالة الخيول والقاعة الكبرى بصنعاء.
المدن والمواقع التاريخية والأثرية
فيما تمثل المدن التاريخية اليمنية الثلاث المسجلة في قائمة التراث العالمي من أبرز المدن التي استهدفها العدوان، وهي صنعاء التاريخية، زبيد، مدينة شبام كوكبان المحويت، بالإضافة إلى المدن ذات المعالم والقيمة التاريخية في محافظات حجة وعدن وتعز وإب بما في ذلك قرى أثرية وتاريخية استهدفها العدوان بأكثر من عدة غارات أدت إلى تدميرها ومنها قرى حاز والغرزة والمحجر وبيت نعم وعطان وبيت بوس وغيرها.
ضحايا مدنيين
وتفيد تقارير منظمات المجتمع المدني إلى أن غارات تحالف العدوان التي استهدفت المواقع السياحية والتاريخية والأثرية في المدن والأحياء السكنية المكتظة بالمدنيين أدت إلى استشهاد ما نسبته ١٢بالمائة من إجمالي عدد الشهداء.
وتشمل هذه النسبة شهداء قصف العدوان للمباني التاريخية في مدن صنعاء وزبيد وشبام كوكبان وصعدة ومأرب والجوف وشبام كوكبان بالإضافة إلى ضحايا استهدافه للقرى والمواقع التاريخية والأثرية وصالات المناسبات والمتنزهات والشواطئ والجزر والمنتجعات والفنادق والمطاعم والأسواق الشعبية على كثرتها.
وحسب خبراء في مجال السياحة فأن أضرار العدوان على السياحة لم تقتصر على توقف الحركة السياحية الوافدة لليمن وإصابتها بالشلل، بل أن توقف شركات النقل والسياحة والسفر عن العمل وإغلاق المكاتب الخاصة بها وقصف المطارات والمنافذ والطرق والجسور وسيارات النقل واستهداف المزارات والمنشآت السياحية تسبب في عزوف الكثير من السكان عن الحركة والسفر وأدى إلى توقف السياحة الداخلية وفقدان عائداتها السنوية التي تقدر بنحو مليون دولار سنويا.
كما أن استمرار العدوان والحصار الجائر وعشوائية الغارات وما افرزه ذلك من ارتفاع في أسعار السلع والخدمات وتردي الوضع المعيشي وانعدام الدخل دفع بغالبية العائلات اليمنية نحو تفضيل البقاء في منازلها على السفر والتسوق والترفيه وتبادل الزيارات وحال دون تنظيم الجهات المعنية المهرجانات السياحية والترفيهية والفنية والتراثية وطرأت الكثير من التغيرات في برامج أولوياتها.
وأدى إغلاق المنافذ البرية والبحرية من قبل العدوان السعودي الأمريكي والحصار الاقتصادي ونقل البنك المركزي إلى تعطيل إقامة الكثير من المهرجانات والمؤتمرات والملتقيات العلمية والاقتصادية والثقافية وغيرها وفقدان اليمن للعائدات التي يجنيها من سياحة المؤتمرات والمهرجانات والمقدرة بـ ٥٠٠ الف دولار.
وفقد اليمن الكثير من عائداته من السياحة العلاجية والدينية التي تشكل جزء مهم ضمن منظومة مكونات منتجة السياحي الفريد.
وأدى العدوان والحصار إلى خسائر فادحة في عمل مراكز الحرف التقليدية والمشغولات اليدوية وإغلاق وتوقف عمل الكثير منها وتحول العاملين فيها إلى مهن وأعمال أخرى والتهديد بانقراض الكثير من المهن والحرف والمشغولات الوطنية.
ولم تسلم الجزر اليمنية من العدوان السعودي الأمريكي وذلك لما لها من أهمية استراتيجية سياحية وعسكرية وتجارية من خلال سعية لبسط السيطرة عليها ونهب وتدمير الكثير من مكونات منتجها السياحي البيئي الفريد ومن أبرزها أرخبيل سقطرى وكمران وميون.
ووفق خبراء ساهموا في إعداد البرامج والخطط والاستراتيجيات السياحية، فأن الألف يوم الماضية من العدوان على اليمن مثلت الأكثر سوداوية على السياحة اليمنية خاصة ما يتعلق باستهداف عدد من المزارات والمواقع السياحية التاريخية والأثرية وأبرزها مدينتي براقش حاضرة مملكة معين وصرواح حاضنة «نقش النصر»، الصخري الشهير للملك السبئي كرب إيل وتر بتاريخه الذي يعود إلى القرن السابع قبل الميلاد.