الحديدة نيوز / كتب / محمد عمر
لستُ قادراً على أنقاذكِ ايتها الفتاة، انا اشبه برجل عجوز يتجول في أحد الأزقة على عكازيه لا أستطيع فعل شيء ينجيكِ من مرض حمى الضنك، أقف هنا مصدومًا،أسمع الأنين والآهات وألعن الصمت المخيم على الأفواه خمسين لعنة وأمقت العيون التي تشاهد العشرات من الأسرة تتجرع ألم الحمّى ولا تحرك ساكنا.
ما يؤلمني أن أكثر الناس ناكسوا رؤوسهم سكارى بالصمت لا يستشعرون المسؤولية ولو حتى بالمواساة.
أيامٍ حزينة وليل مثقل بالوجع تعيشه تلك الأم التي فقدت أبنتها بعد أن سلبها حمى الضنك الحياة، تبكي وتبعثر الدمع لينبت على خديها الحزن وبين الأضلاع هَم ووجع. تزاحمت الكآبة على قلبها حتى فاضت على جسدها وغطت كل خلاياها وهي ما زالت تبكي من شدة الألم والحسرة..
هناك أشياء كثيرة في هذه الوطن تستحق أن نحزن ونبكي ونتحسر من أجلها. أطفال في عمر الزهور يموتون ببطء بسبب الأهمال والإخفاق والتقصير من قبل من يعنيهم الأمر.
لقد صارت المعاناة جزء لا يتجزء من من هذا الوطن، ترتل في المساء آهات وتعزف في الصباح نارًا تكوي القلوب، وتحرق النبض وتطارد الأحلام والأمنيات وتحتل الأفئدة..
اين المفر من هذه الثلاثة الأوبئة التي تتربص بالناس وتسلب أرواحهم وتخدش كل ما هو جميل؟.
كثيرا ما نسمع عن الكوليرا وحمى الضنك والملاريا ونقرأ عنها في مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والجرائد دون أن نشعر بأؤلئك الناس الذين يستغيثون من الموت ويبحثون عن ملجأ ينقذهم من هذه الأوبئة التي تسرق السعادة والفرح من الأعماق.
في محافظة الحديدة وبالتحديد مديرية الجراحي أستحوذ حمى الضنك على الكثير من الأطفال وأغرق أجسادهم في مستنقعه لساعات كثيرة ليل ونهار يخنق الابتسامة بعد أن وقعت تلك الأرواح فريسة له.
وحسب التقرير الصادر عن مكتب مدير الصحة بمديرية الجراحي عادل واصل لشهري أكتوبر ونوفمبر 2019 أن إجمالي عدد حالات الأصابة بالملاريا وصل إلى 2961 حالة إصابة و2122حالات اشتباه بالضنك. كما وصل أيضا إجمالي عدد الوفيات إلى 37حالة وفاة.
أنتشر الوبا وتغلغل في أوساط المجتمع وغابت الأدوية والخدمات الصحية وإنطفأت النفوس ببطء كالشمعة ويا فصيح لمن تصيح..!