|
الحديدة: الإحتطاب الجائر يهدد البيئة
الحديدة نيوز- خاص-أحمد حسين :
في إحدى المزارع شاسعة المساحة بمنطقة الزهرة،شمال شرق الحديدة،كان عدد من تجار الحطب
يأتون رفقة مسلحين لقلع الأشجار،وحينما يتم منعهم من قبل الأهالي،تحدث مشكلات لا تنتهي بالعراك
والصراخ فحسب،بل بتهديد المزارعين البسطاء بالقتل في حال تم منع التجار القادمين غالبيتهم من
مناطق خارج محافظة الحديدة،من قلع الأشجار ،يقول سعد البجلي خلال حديثه لـ”الحديدة نيوز”،
وهو يشكو الاعتداءات التي وصفها بالآثمة على المزارع التي عمل على نمائها طيلة عشرة أعوام ماضية.
الحديدة: الإحتطاب الجائر يهدد البيئة
“أشعر بحسرة وندم لأني لا أقدر على منع من يعتدي على الشجر الذي زرعنا بذوره،ومكثنا سنوات طويلة في حمايته،لم نعد ندري اين سنذهب بالأغنام والأبقار التي كانت تأكل من المراعي،لقد أبلغنا الجهات المنية بخطورة الأمر ولكن دون جدوى”،يحدثنا عدنان رباش،وهو مزارع أخر يعمل بالقرب من المزرعة التي تتواجد فيها أشجار كثيفة يتم قطع أخشابها تجار جشعين،دون مراعاة لأية اعتبارات”.
وفي وادي مور،يعتدي نافذون على مزارع المانجو من خلال قطع الأشجار وبيعها كحطب للوقود،بحسب إفادة عدنان،والذي أوضح لـ”الحديدة نيوز”،بأن”المزارعين مستائين من تفاقم ظاهرة الاعتداء على الأراضي بهدف الاحتطاب الجائر”.
تواطىء لغرض التربح :
وفي مناطق أخرى يبدو الأمر مختلف،إذ أن مالكي بعض المزارع الذين استثمروا أموالهم في الحديدة،لم يعد أمر تلك المزارع ومن يعمل فيها يهمهم،لأسباب اقتصادية وسياسية،حيث أصبحت تلك المزارع مواقع لتجريف البيئة،بموافقتهم،فهم اليوم يفضلون بيع الأشجار بمبالغ مالية باهظة،لغرض التحطيب من قبل زبائن يحرصون على شراء تلك الأخشاب مهما كلفهم الأمر.
12مايو … اليوم العالمي لملائكة الرحمة
يؤكد عبدالرزاق شوعي،أحد القاطنين في منطقة الزيدية،أن الأشجار تباع كل يوم برضاء مالكي المزارع التي تتواجد فيها،حيث يتم الاتفاق بين مالكي المزارع والتجار،على أن يقوم التجار بجلب حطابين معهم لقطع الأشجار وبيعها بالأطنان.
ويقول شوعي لـ”الحديدة نيوز”،”لا يكترث بعض مالكي المزارع ولا الحطابين ولا التجار بخطورة الاحتطاب الجائر على البيئة،ولا على تأثير ذلك على أرزاق المزارعين البسطاء من أبناء الحديدة،لذا فإنهم يشاركون في تدمير أرضهم مع سبق الإصرار والترصد”.
حتى الأشجار الموجودة في الجزر والمحميات الواقعة في الساحل الغربي لم تسلم من أيدي العابثين بها من تجار الحطب،حيث يؤكد سكان محليون في جزيرة كمران تحدثوا لـ”الحديدة نيوز”،بأنه “لا يكاد يمر الأسبوع دون مرور شاحنات تحمل أخشاباً تم قطعها من غابات المانجروف، بتواطىء من نافذين وقبليين منتمين لذات المنطقة،رغم معارضة الأهالي،وذات الحال مع أشجار النخيل في مناطق الدريهمي وبقية المساحات الزراعية في الحديدة.
انعدام الغاز والجشع :
“باجل،الزهرة،كمران،حيس،الجراحي، الزيدية،برع”،مناطق مترامية الأطراف في محافظة الحديدة أصبحت اليوم مسرحاً لتدمير الغطاء النباتي من قبل أشخاص لا هم لهم سوى الربح المادي،إذ أن الحديدة أصبحت من المحافظات اليمنية التي تعاني كثيراً من التأثيرات السلبية لظاهرة الاحتطاب الجائر ، الأمر الذي دفع الأهالي في تلك المناطق دق ناقوس الخطر المحدق بهم خلال أحاديثهم لـ”الحديدة نيوز”،فلماذا تستمر مشكلة الاحتطاب الجائر هناك،وكيف يدمر الاحتطاب البيئة في الحديدة؟
“العشة” التهامية …البناء اليمني الأشهر ورمز التراث الشعبي الأصيل
ترجع الأسباب الحقيقة لانتشار ظاهرة الاحتطاب الجائر إلى أزمة الغاز المنزلي في عموم المحافظات اليمنية ،إذ أن غالبية المواطنين لاتوجد لديهم القدرة على شراء اسطوانة الغاز المنزلي بسعر مرتفع من السوق السوداء والذي يصل فيه بيع الاسطوانة الواحدة في بعض الاحيان إلى 15 ألف ريال يمني،وهي المشكلة التي ماتزال ماثلة خلال الشهر الجاري،حيث تستمر أزمة انعدام البترول والمشتقات النفطية،جراء احتجاز التحالف العربي لعدد من السفن المحملة بالغاز والمشتقات النفطية، إضافة إلى مشكلات التقطعات القبلية في الطرق الرابطة بين محافظة مأرب والعاصمة صنعاء، وفقاً لبيانات متعددة صادرة عن شركتي النفط والغاز اليمنية،إطلع”الحديدة نيوز”عليها خلال فترات متفاوتة.
في العامين الماضيين،بعد أن يأس مالكوها من توفير مادة الغاز لهم من قبل الدولة، لجاء عدد من مالكي المخابز،والمطاعم الاعتماد على الحطب في توفير وقود يساعدهم على بيع الخبز والأطعمة بانتظام،يقول جابر الوصابي،مالك إحدى الأفران في مدينة الحديدة،أن”الطلب المتزايد على الحطب من صنعاء ومختلف المناطق اليمنية أدى إلى ارتفاع أسعار الحطب في الحديدة،حيث أصبحت حزمة الحطب تباع في أسواق الحديدة بـ6الاف ريال (10)دولار،،بدلاً من بيعها ألف ريال،وهو سعرها ا قبيل اندلاع الحرب الجارية”.
الحطب بديلاً عن الغاز للمواطنين
حتى معظم المواطنين في مدينة الحديدة،أصبحوا يستخدمون الحطب كوقود للخبز والطعام بدلاً من الغاز،لتوفر الحطب بأسعار مناسبة،لكنهم لم يدركوا أن التحطيب يُعد من مسببات موجة الحر التي ضربت محافظة الحديدة العام الفائت،وهي موجة لم يسبق لها مثيل خلال سنوات طويلة،فالإحتطاب يعمل على ارتفاع معدلات درجات حرارة الجو، وزيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في طبقات الجو وفقاً لإفادات الباحث في الشؤون البيئية اليمنية الدكتور جواد الوبر،خلال حديثه مع”الحديدة نيوز”.
ويرى الوبر،أن “بوادر وعلامات الكوارث التي حلت على البيئة اليمنيةوفي الحديدة على وجه الخصوص نتيجة للإحتطاب الجائر أصبحت واضحة،فملايين الأشجار تم قطعها من الغابات و الأحراش والحدائق،ولم يُعد بالإمكان استعادتها أو زراعتها مرة أخرى بسبب تضرر التربة،كما أن الاحتطاب يعمل عمل على تقليل الغطاء النباتي،وإصابة الأراضي الزراعية بالتصحر،وفقدان تجديد الأوكسجين في الهواء،إضافة إلى ان الاحتطاب الجائر سيدفع بالرمال بالزحف إلى داخل المزارع المتضررة،وسيزيدها سوءاً.
يتحدث الوبر عن أن المحميات الطبيعية والمزارع في محافظة الحديدة هي ثروة ليست فقط سياحية او جمالية لكنها تعتبر واحدة من أهم الثروات الاقتصادية الطبيعية نتيجة غناها بالتنوع الحيوي النباتي والحيواني ،
فالتنوع الحيوي يلعب دور كبير ليس فقط في الحفاظ على الاتزان البيئي … ولكن يمتد تاثيرة على المناخ ،
فالحفاظ على الغطاء الخضري في تلك المحميات والمزارع يساعد ايضاً على تنقية البيئة من الملوثات المختلفة.
في الآونة الأخيرة حذرت الهيئة العامة لحماية البيئة في اليمن‘ من مخاطر موجة الاحتطاب الكبيرة
التي يقوم بها السكان، بسبب استمرار أزمة انعدام الغاز المنزلي المتكررة بين الفنية والأخرى.
ماهو الحل ؟
لكن حل مشكلة الاحتطاب الجائر أو الحد من تفاقمها لايكون بالتحذيرات فقط كما يرى الوبر وهو أستاذ البيئة الجامعي ،وعضو اللجنة العلمية لمبادرة شركاء المسؤولية البيئية شبكة العمل المناخي في الوطن العربي،
ولكن الحل يكمن في إعادة النظر في القوانين البيئية في اليمن،حيث أنها بحسب الوبر لا توضح
بشكل صريح عقوبات انتهاك المحميات … حتى وان وجدت بعض المواد الموضحة لذلك … الا انه لا يتم تطبيقها …
وفي دراسة ميدانية نفذتها الهيئة العامة لحماية البيئة،أشارت الهيئة أن مساحة الغابات في اليمن
تقدر بنحو 1.5 مليون هكتار، وتبلغ مساحة المراعي والتكامل الزراعي الحرجي 22.6 مليون هكتار،
تمثل مجتمِعةً مصدرًا مهمًّا لتغطية الاحتياجات الغذائية للثروة الحيوانية وحياة السكان.