الحديدة نيوز_ سميره عبداللطيف
الحجة خزامة امرأة تبلغ من العمر ما يقارب 60 عام ، معروفة كداية شعبية في الحديدة ، لديها القدرة على معرفة الاورام السرطانية الخبيثة او الحميدة في الرحم ، و المبيض، ومعرفة التهابات الرحم، والالتصاق، والعيب الخلقي، والتكيسات ، والهرمونات، والالتواء، ومعرفة كافة مشاكل الرحم بطريقة تقليدية، وغيرها من الامراض ، ومعالجة ما يمكن عالجه بالأعشاب والتمريخ، والحجامة، بالاضافة الى معالجتها لبعض حالات تأخر الانجاب ، أو عدم الانجاب وبعض الحالات قد يتجاوزنا ال40عام و32عام و20عام، الى جانب ممارسة مهنة التوليد كداية شعبية معتمدة من وزارة الصحة منذو ما يقارب 25عام..!
*” ذكرى من الماضي “*
حينما نعود بشريط الذكريات الابيض والاسود، تستوقفنا بعض الذكريات التي تجعلنا نبتسم كابتسامات الحجة خزامة حينما تذكرت لنا لحظة زواجها، وهي في سبعة عشر من العمر برجل في الستين من عمره، كانت تتهيئا لحياة زوجية سعيدة مع رجل يحبها ويدللاها لفارق السن بينهما ، ومبدئياً كانت كذلك ،.فجاءه اختفت ابتسامة الحجة خزامة ، وحلت محلها لحظة من الصمت المؤلم ، تتخللها الدموع وشهقات ، تقول الحجة خزامة في لحظة ضعف طغت الصورة السوداء على حياتي ، ولم ارى البياض الناصع إلا في ال34من عمري ، فقد كان زوجي مسحور ،وحياتنا مليئ بالتعب والمشاكل ، انجبت منه سبعة من الاولاد ، توفو ثلاثة وتبقى لي اربعة، بعد فترة طلقني زوجي واخذ اطفالي مني ، وترك لي ولد فقط، فأصبت بحالة نفسية اثر ذلك وكنت اقضي، وقتي ، بدعاء “عسى مقلب القلوب يقلب قلبه للخير ويعيد لي اولادي ” وبعد سنوات عدة شاخ بها قلبي وجسدي عادو اولادي لحضني ، واصيب هو بسرطان قضى عليه ، وكانت اخر وصيته لأولادنا هو الاهتمام بي!!
كثرت مسؤوليتي فأم مريضة، وأخت مصابة بضمور في دماغ، وبيت قديم لايفكي ليؤينا ، وانا امرأة غير متعلمة لم التحق بالمدارس والجامعات ، ولكني اجدت قراءة القران بفضل الله ، وكان لساني لا ينفك عن قول ” اللهم افتح لي بابك الذي لا يسد ومن فضلك الذي لا يرد ”
وضل حالي على ما هو عليه ، حتى رأيت في منامي رؤية “رأيت بأني اولد النساء وامرخ لهن على بطونهن ” والتمريخ، هو التدليك باليد على المنطقة
*” بدايات “*
كُلن يركض لما قدر له..
تقول الحجة خزامة بصوت يحمل الكثير من السعادة ، اول بداية لي في توليد كانت غنمة، اتذكر في ذلك اليوم كنت امشي انا وامي بتجاه بيتنا ، حينما راينا جارتنا تركض بتجاهنا طالبه المساعده ، لنرى خلفها غنمة تتولد ، اخبرتني امي بأن اذهب لأراها ، وحينها لم أكن املك ادنى معلومة بتوليد ،ذهبت الى مكان الغنمة ، وأخذت اتحسسها فجأة فطنت انا ما بداخلها قد مات، وبعد دقائق استطعت ان اخرجه من داخلها بكل سهوله ، دعت لي جارتنا بالخير، وبعد فترة جاءت جارتنا نفسها وطلبت مني اولد
لها بناتها، وفعلاً ولدتهم ، وكانت هذا اول بداية لي في توليد النساء، وبعدها بدأت تتسامع بي النساء بالحارة واصبحت معروفه الى حداً ماء، وبأحد الايام جاءت الى منزلي امرأتان واخبروني انهما من وزارة الصحة، وقعدوا يسألوني مجموعة من الاسئلة بخصوص التوليد وكنت أجيبهم ومن ثم انصرفوا ، وفي السنة الثانية من نفس الشهر في رجب تقريباً جاء لي شخصين وقالو طالبينك في مستشفى السلخانة ، وكان عمري وقتها 35عام ، كنت خائفة واتسائل بيني وبين نفسي عن سبب هذا الاستدعاء ، وكنت احاول اتجاهل الاستدعاء ، ألا ان صوت بداخلي يقول لي اذهبي ، وفي الأخير قرارت الذهاب لهم ..
*”على سرير ماذا بي طفلة، وشابة، وشهادة معلقة “*
تقول خزامة ” توكلت ” هذه الكلمة التي لم تغادر فمي منذو ان دخلت مشفى السلخانة ، التقيت بمجموعة من الاطباء سألوني مجموعة من الاسئلة.. كم لي اولد؟ وكيف اعرف ان المرأة عندها انخفاض في نسبة الدم ،.والكثير من الاسئلة بهذا الشأن .. فكنت أجيبهم على جميع الاسئلة وارى الدهشة والاعجاب بكل ما أقوله لهم، بعدها اخبروني بأن اخضع لمدة خمس اسابيع لتطبيق والاختبار، فأن استطعت ان أجتاز تلك المرحلة، سيمنحونني شهادة، وجائزة مالية، وشنطة، فقلت لهم “توكلت “وبعد خمسة اسابيع قضيتها في الاختبارات والتطبيق طلعت الاولى ، وحصلت على جائزة، مالية وشهادة معتمدة، وحقيبة بها مجموعة من المعدات المستخدمة في التوليد ثم طلبوا مني العمل في المشفى معهم، فرفضت لأني لا استطيع الارتباط بدوام، وبموعد حضور محدد، لكثرة مسؤوليتي في البيت، وضليت ازوال مهنتي بالبيت ، فكانوا يجو عندي نساء من متخلف الامكان ،وبعضهم دكتورت ، ومخبريات ،وبعضهم كانوا يجو لي وقدلهم 40عام وبعضهم، 35عام ومن 20 عام ، ما حملو، وكشفت عليهم ، وعالجتهم وشفو بأذن الله ، ومن ابرز الحالات الي اتذكرها ، طفله عمرها 8سنوات جاءت بها امها وبطنه منتفخة ، كانت الأم مفكره انو لديها اميبيا ، ولكن أول ما صعدت على السرير ، وبدأت امرخ لها اكتشفت انو فيها ورم اكل لها الامعاء ، وأخبرت امها بأن عليها الاسراع بذهاب بها الى المشفى وبعد اسبوع علمت انو الطفلة توفت ، وقد تم تشخيص الحالة بنفس ما قلت انا، بالاضافة الى بنت شابة اتت لي تشكو من ألم في داخلها وحينما مرخت لها ،عرفت انو بها ورم في المبيض، بعدها بيومين اهلها ذهبو بها الى المشفى، فقرر لها الطبيب استئصال المبيض لوجود ورم فيه، وهناك الكثير مما لا يسعني ذكره..!
” *المزيد، والمزيد، من الشقاء والقليل من الأمل “*
بابتسامة جميلة ، ويدان مغلفتان بتجاعيد الزمن ، تحدق الحجة خزامة بيديها وتنظر لهما ، وحبات اللؤلؤ توشك على السقوط من عينيها تقول بلهجتها الريمية للحديدة نيوز” الناس لم يشمهوني اعالج وهدي اعشاب يتخليو انو معي كنوز الدنيا وانو ما بش براحتي ” بمعنى ان الناس عندما يروني اعالج وابيع اعشاب يفتكروا انو معي الكثير من المال، وانو انا مرتاح وفي قمة الراحة ” وتضيف لنا الحجة خزامة أن هناك الكثير ممن يزاول مهنة التمريخ وبيع الأعشاب بطريقة احتيالية ويربحون من خلالها الاموال ، ولكن هناك حساب وعقاب وهناك من يرى ولايغفل، ومن ضاق حياة العناء والشقاء لا يمكن ان يكون جلاد للأخرين ، فبنسبة لي ما احصل عليه كان يكفني والحمدلله، انا وامي واختي فأنا المسؤولة عن والدتي المريضة ، واختي المصابة بضمور في الدماغ ، ولكن بعد الحرب سأت الظروف ، اذ ازدادوا الناس فقر، وجوع، ومرض ،وهموم ..
فحالياً ابنتي نازحة عندي من الحرب بخمسة اطفال ،وزوج مريض بالقلب وعاطل عن العمل ، ولا يجدون من يعيلهم سواي، ويعيشون معي الان، بالاضافة الى اخي المريض والعاطل عن العمل اصبح من مسؤولتي هو وزوجته، وابني الصغير ضاقت به سبل العيش، وغادر منذو فترة ، وتارك لي زوجته الحامل وطفلة ، وابني الأكبر …….. انتابت الحجة خزامة نوبة من البكاء ، والألم، ولم تستطع الاكمال ، فقررات ابنتها ان تكمل للحديدة نيوز ما عجزت الحجة خزامة عن اخبارنا به، تقول ابنة خزامة اخي الاخر مصاب بورم عنكبوتي في الدماغ وكيس مائي
وتارك لأمي وصية مطلعها “الخط يبقى زماناً بعد كاتبه، وكاتب الخط تحت الارض مدفونا” ومضمونه مجموعة من الديون ، بتنهيدة وجع وبصوت متقطع يحمل الضعف ، والتعب، وبصيصاً من الأمل ، تختتم خزامة حديثها معنا “ان الله اذا كلف اعان”..