الحديدة : المواجهات العسكرية قد تجر موجة نزوح شديدة للسكان 

‏  6 دقائق للقراءة        1064    كلمة

الحديدة : المواجهات العسكرية قد تجر موجة نزوح شديدة للسكان 

الحديدة نيوز / خاص 

مع انطلاق معركة الحديدة، لفتت صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن العمليات العسكرية الدائرة هناك تنذر بـ«تأجيج أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، في ظل مسارعة عشرات آلاف اليمنيين إلى الخروج من قراهم، وانتشار مخيمات اللاجئين في سائر مناطق جنوب اليمن.
وأشارت «واشنطن بوست»، تحت عنوان: «مع اقتراب حرب اليمن من مدينة استراتيجية فإن الأمر سوف يتسبب بموجة نزوح جماعي شديدة، وسحق للأروح»، إلى أن العديد من أهالي القرى في اليمن وجدوا أنفسهم مضطرين للمرور، تحت جنح الظلام، عبر الخطوط الأمامية، والحرص على تفادي الغارات الجوية، وقذائف الهاون، وعبور الطرقات والحقول المصنفة كحقول ألغام. «فالعديد من اللاجئين يتدفقون إلى مدينة عدن، وهي إحدى مدن الجنوب الرئيسية، وكذلك إلى بلدات أخرى، ويحتشدون في المستشفيات والعيادات ضعيفة التجهيز، حيث الأطفال المرضى، والذين يعانون من سوء التغذية، إلى جانب المصابين جراء الألغام والذخائر غير المنفجرة».
ومن هذا المنطلق، قال محسن مرشد، وهو مدير مستشفى ابن خلدون، الذي يعد أحد أكبر المراكز الطبية العامة في جنوب اليمن، إنه «ليس لدينا موارد كافية»، مشدداً على أنه «كلما زاد عدد المناطق المحررة، فإن المزيد من اللاجئين سيأتون إلى هنا، على نحو سيرتب عبئاً أكبر علينا».
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، وفقاً لإحصائيات أممية، أن وتيرة النزوح في اليمن، «تجاوزت 140 ألف شخص يومياً»، وأن العملية العسكرية في الحديدة «يمكن أن تدفع 200 ألف شخص آخرين» إلى النزوح، الأمر الذي «ضاعف من حجم الضغوط على المنظمات والهيئات الإغاثية الغربية، وكذلك المستشفيات التي تكافح من أجل التعامل مع الإصابات، والأمراض، وظروف المجاعة» الناجمة عن الأزمة اليمنية، التي دخلت عامها الرابع، مشيرة إلى أن الهجوم على الحديدة، التي يقطن فيها 600 ألف نسمة، «يمكن أن يتجاوز حدود المدينة» الواقعة على البحر الأحمر، لا سيما وأن ميناءها يمر عبره ثلاثة أرباع واردات البلاد من الأغذية، والأدوية والمواد الأساسية الأخرى.
وعلى هذا الأساس، أفاد محسن صدّيقي، وهو مدير فرع منظمة «أوكسفام» في اليمن، بأنه «إذا ما تم إغلاق هذا الممر (البحري)، فإن النتيجة ستكون المزيد من الجوع، والمزيد من الناس الذين لا يحصلون على رعاية صحية، والمزيد من الأسر التي تدفن أحباءها».
وفي سياق متصل، أوردت «واشنطن بوست» مشاهدات بعض السكان المحليين حول تطورات الأوضاع الإنسانية بسبب المعارك العسكرية الدائرة على الساحل الغربي لليمن. فقد شرحت جبرا سيد، وهي أم لأربعة أطفال، رحلة قدومها قبل شهر إلى منطقة قريبة من مناطق الاشتباك في الحيما، إلى جانب 70 عائلة يمنية أخرى. وأضافت سيد، على وقع إطلاق المقاتلين الموالين للإمارات العربية المتحدة صواريخ وقذائف كل بضع دقائق، وتوجه شاحنات محملة بمدافع رشاشة نحو خطوط الجبهة على مقربة منها، أن «كل ما جلبناه كان عبارة عن بعض البطانيات، والملابس التي حملناها على ظهورنا».
أما حسن عيسى، الذي هرب من قريته، الخاضعة لسيطرة «الحوثيين»، فقد وصل وعائلته إلى بلدة الخوخة في الشهر الماضي على متن شاحنة عسكرية عمل سائقها على إسعافهم، لنقل جثة والدته، إلى جانب شقيقة زوجته الحامل، وابنته اللتان كانتا تعانيان من بعض الكسور، وذلك إثر تعرض سيارتهما للغم أرضي.
وقال عيسى للصحيفة: «لقد اندلعت الاشتباكات، لذا عمدنا إلى الهرب من قريتنا»، مضيفاً «مع وصولنا إلى الطريق الرئيسي قذفنا انفجار كبير في الهواء». وشرح للصحيفة بعض أوجه الصعوبات التي لاقاها في الخوخة، حيث يوجد طبيب واحد فقط، وعيادتان طبيتان ميدانيتان في البلدة، مخصصتان حصراً لاستقبال إصابات المقاتلين، فيما العيادة الطبية الوحيدة المخصصة للمدنيين لا يتوافر فيها طبيب جرّاح، وهو ما دفعه لمواصلة طريقه باتجاه المخا الساحلية، حيث يوجد مستشفى، وإن كان لا يتوافر فيها جراح قادر إلى معالجة كسور ابنته وشقيقة زوجته، أو حتى وحدة عناية مشددة، ولا الأدوية الأساسية ومعدات الأوكسجين.
هذا، واستعرضت الصحيفة وضع مستشفى المخا، مشيرة إلى أنه بات «يغص بحالات سوء التغذية، والأمراض المزمنة»، وأن موظفيه، «لم يتقاضوا رواتبهم منذ نحو عام». وفي هذا السياق، أفاد أمين الشاذلي، وهو مدير رئيس قسم الصحة في المستشفى المذكور، بأن «هناك الكثير من الضغط على هذا المستشفى».
وأكمل حسن رواية فصول حكايته المأساوية حين اضطر في نهاية المطاف إلى استكمال طريقه نحو عدن، التي تبعد نحو ست ساعات من المخا، من أجل انقاذ ابنته التي وصلت في ساعة متأخرة من الليل إلى أحد المستشفيات التي تديرها منظمة «أطباء بلا حدود» في المدينة الجنوبية، حيث عمد الأطباء إلى إجراء عملية جراحية لها أدت إلى بتر ذراعها.
بدوره، روى حمزة دغش، حكاية نزوحه مع عائلته من قريتهم إثر قصف قوات «التحالف»، الذي تتزعمه السعودية في اليمن، أهدافاً هناك. وبحسب دغش، فإنه في أحد الأيام، عمد المقاتلون «الحوثيون» إلى التخفي حول منزله، مشيراً إلى أنهم يستخدمون سكان القرى، كـ«دروع بشرية»، وأنه اضطر حينئذ إلى اقتراض مبلغ 200 دولاراً، من أجل تأمين حافلة صغيرة تتولى نقل أفراد أسرته خارج القرية قبيل الفجر.
أما مهى، ابنة دغش، البالغة من العمر 20 عاماً، فقد شرحت للصحيفة أن «المتمردين» أرادوا أن ينضم إخوانها إلى صفوفهم للقتال. أما ابنه عواد، البالغ من العمر 15 عاماً، فقد شرح واقعة مرور عائلته على حاجز تفتيش تابع لحركة «أنصار الله»، موضحاً أنهم اضطروا للقول بأنهم متوجهون باتجاه الشمال، وإخفاء وجهتهم الحقيقية نحو الجنوب، حتى يتسنى لهم العبور. وأردف عواد: «لو أننا أخبرناهم بأننا سنتوجه نزولاً نحو الجنوب، لما سمحوا لنا (بالعبور)».
وبحسب الصحيفة، فإن أسرة دغش تقطن حالياً في مخيم للنازحين في المخا، تحت سقف خيمة مصنوعة من البطانيات، وقطع المشمع والكرتون، فيما تقطن عائلات أخرى ممن جاءت في وقت مبكر إلى المخيم تحت خيام قماشية «مناسبة» تبرعت بها حكومتا الرياض، وأبوظبي، وإن كان عددها قليل، وقد تضاعف حجم المخيم المذكور على مدى الأشهر الخمسة الماضية ليضم نحو 50 عائلة.
وعن الظروف التي يعيشها النازحون في المناطق الجنوبية، ذكرت الصحيفة أنه «بالنسبة إلى معظم النازحين هناك، فإن الحياة تعد محفوفة بالمخاطر»، حيث «يعيش البعض منهم في منازل غير مكتملة الإنشاء، وغالباً إلى جوار مجاري الصرف الصحي المفتوحة»، بينما «يقيم آخرون في أكواخ صغيرة مصنوعة من أوراق الموز، وقد وجدوا أنفسهم مضطرين للعمل لدى السكان المحليين بثلث القيمة العادية للأجر، من أجل إطعام عائلاتهم».
(العربي)

عن gamdan

شاهد أيضاً

قحيمان .. استفاد الوطن ولم تخسر الحديدة .. 

‏‏  4 دقائق للقراءة        792    كلمة                     أول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *