الحديدة : بين جحيم الحر والحرب

‏  6 دقائق للقراءة        1005    كلمة

الحديدة نيوز/ سهام باشا

 

تعددت الأسباب والموت واحد.. هذا ماوصل إليه حال أبناء محافظة الحديدة وهذا هو حالهم في كل يوم يمر عليهم وهم يتجرعون مرارة الحرب ممزوجه بمرارة حر قاتله مع دخول فصل الصيف والذي بشرهم بجو شديد الحراره بإعتبارها من المحافظات الساحليه ذات الحر الشديد فهي بحاجة ماسه إلى التيار الكهربائي والذي يستمر إنقطاعه للعام الرابع على التوالي ،فقد تفاقم الوضع المعيشي في محافظة الحديدة وأصبحت تهامه يحيط بها الموت من جميع الجهات.

لم تكتفي الحرب بإرتفاع الأسعار للمواد الغذائيه وللمشتقات النفطيه ، حيث أن أبناء هذه المحافظه من أشد الناس فقرآ من بين المحافظات ، فأغلب المواطنين لم يجدو قوت يومهم بسبب الحرب المدمره اللتي طغت ودمرت الإقتصاد في ظل إستمرار إنقطاع الرواتب على الموظفين.. زاد ذلك من معاناة المواطن الضعيف الذي لم يدري من أين سيتلقى صفعات هذه الحرب الجاثمه على البلاد ليجد نفسه يتخبط باحثآ عن لقمة عيش كريمه.. والمؤسف أنه لم يجدها في،ظل إنعدام مصادر الدخل لكثير من الأسر التهاميه اللتي كان يعتمد غالبية أربابها على الزراعة والصيد..
ولكن الكثير منهم فقد عمله بسبب ماخلفته الحرب من تدمير للإقتصاد.

فالمواطن هنا في محافظة الحديدة مسلوبه منه أبسط حقوقه من ماء ، وغذاء ، ودواء ، وكهرباء.
حيث جعلت المواطن التهامي تحت رحمة حصار جائر ومميت وتحت رحمة من لا يرحم في ظل حرب طاغيه ، جعلت محافظة الحديدة بيئه غير صالحه للعيش.

موجة نزوح :

مع إقتراب شهر الخير (شهر رمضان المبارك) في فصل الصيف تشهد مدينة الحديدة موجة نزوح عاليه من هذه المحافظه الساحليه شديدة الحراره إلى المحافظات الجبليه ذات الجو البارد ، وذلك بسبب الحر الشديد في ظل إنعدام الكهرباء وإرتفاع درجات الحراره مع قدوم شهر رمضان المبارك وذلك من أجل أن ينعمو بصوم مقبول وذنب مغفور…

ولكن هذا يقتصر على القادرين منهم على النزوح الداخلي إلى الريف و المناطق البارده.
أما المواطن الذي لا حول له ولا قوه فقد سلم نفسه كارها لوجع وحرارة الحر القاتله لإستقبال الموت جراء إنعدام الخدمات.
حيث أن أبناء تهامه في حاجة ماسه إلى الكهرباء للتخفيف عنهم من عناء الصيام في ظل وجع الحرب المستمر على البلاد ،
وعدم تغطية الطاقات الشمسيه إحتياجات المواطن من ضوء ومراوح تخفف عنه لهيب الحر ليواصل صومه بدون عناء.

نضيف إلى ذلك عدم قدرة أغلب الأسر على شرائها كونهم يعيشون حياة من الفقر المفقر وذلك بسبب ما شهدته مؤخرآ من إرتفاع متزايد في أسعارها بسبب غياب الرقابه على التجار وغياب من يردعم.. حيث صعب على المواطن الوصول لها وشرائها بسبب الوضع المعيشي الصعب ، وما خلفته الحرب من تدمير للإقتصاد دمر من خلاله حياة شعب بأكمله.

أمراض جلديه عجز الأطباء عن تشخيصها :

بسبب إنعدام الكهرباء وخصوصآ في فصل الصيف الذي ترتفع فيه درجات الحراره على المحافظه حيث تصل إلى 52 درجه.
يعاني الكثير من أبناء محافظة الحديدة إلى أمراض جلديه خطيره وقاهره تصيبهم بسبب الحر الشديد الذي تشهده تهامه.
وبالأخص الأطفال.. فهم أكثر عرضه لهذه الأمراض الجلديه البكتيريه اللتي لم يتمكن الأطباء بعد من تشخيصها..
فمن سيمد يد العون لهؤلاء الأطفال اللذين لا حول ولا قوة ولا ذنب لهم غير أنهم جاءوا إلى هذه الحياة يريدون العيش بأبسط الحقوق، أطفال يتألمون ولا يتكلمون.
فمن ياترى سيبدل صراخهم بضحكه؟!!!

سعف النخيل موروث شعبي يخفف عناء الحر :

وبسبب هذه المعاناة (معاناة الحر).. لجأ أبناء محافظة الحديدة وخاصة الأسر الفقيره جدآ اللتي لم تستطيع شراء الطاقات الشمسيه إلى إستخدام المراوح المصنوعه من سعف النخيل كبديل للمراوح الكهربائيه لتخفف عنهم عناء الحر الشديد ولكنها لم تفي بالغرض وماذا عساها أن تفعل غير أنهم يواسون أنفسهم، وهم يكتوون تحت حرارة الحر اللتي زادت من إشتعالها الحرب…

وهذا ما شاهدته مؤخرآ أثناء تجولي في حي فقير في محافظة الحديدة..
حيث شد إنتباهي إمرأه مسنه تمشي وبيدها مروحه مصنوعه من سعف النخيل ، إقتربت منها بفضول صحفيه لأسألها عن هذه المروحه اللتي شدني جمالها وروعة تصنيعها الهندسي بألوان زاهيه متداخله مع بعضها من سعف النخيل…
حيث يعتبر موروث شعبي لأبناء تهامه ورثوه من أجدادهم ولازال قائمآ ومتداولآ حتى الآن.

وحين سألتها من أين تأتي بها ؟
أجابتني… بأنها تشتريها من إمرأه تقوم بتصنيعها في المنزل وتبيعها مقابل 50 ريال لكل واحده.
وبما تشهده من إقبال على شرائها خاصة في فصل الصيف فإمتهنت تلك المرأة هذه المهنة من أجل أن تساعد بالمصروف اليومي لأسرتها في ظل هذه الظروف القاهره اللتي دفعت الكثير من ربات البيوت إلى البحث عن عمل لمساعدة أسرهم في توفير لقمة العيش.

وبسؤال آخر سألتها : بماذا تستخدمي هذه المروحة يا خاله؟!
أجابتني… وبآهات حارقه تتقطع لها الأفئدة اللينه..
آه آه يابتي.. نشاها ل أمحمى ذا إللي سلخ جلودحنا.

بتلك الكلمات التهاميه الموجعه كانت إجابة الخاله سلامه اللتي تعاني كغيرها من الأسر الفقيره اللتي عصفت بهم الحرب ، وأحرق جلودهم الحر وهم صامدون في وجه كل الكوارث اللتي خلفتها هذه الحرب الظالمه.

محافظه مسالمه.. مواطنين مسالمين :

ومن الجدير بالذكر : أن محافظة الحديدة مأساتها من أكثر المحافظات ألمآ…
حيث أن أبنائها بطبيعة الحال من أكثر الناس سلمآ – وأكثر الناس فقرآ – وأكثرهم صمتآ…
لذلك فإن معاناة أبناء محافظة الحديدة أكثر قسوة وألمآ من بين المحافظات ، وهذا ما جعل معاناتهم تتفاقم وتتضاعف ويجعلها من المحافظات المنكوبه.
فهي تكتوي بنيران الحر والحرب معآ…
ويعاني أبنائها معاناة معيشيه لا تطاق وأزمه إنسانيه خانقه فهم في أشد الحاجه إلى مد يد العون لهم وتلبية متطلباتهم البسيطه ليعيش أبناء هذه المحافظه المسالمه بسلام.

عن gamdan

شاهد أيضاً

قحيمان .. استفاد الوطن ولم تخسر الحديدة .. 

‏‏  4 دقائق للقراءة        792    كلمة                     أول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *