الحديدة: توقّف المصانع ونزوح روؤس الأموال… حرب أخرى؟

‏  5 دقائق للقراءة        885    كلمة

الحديدة نيوز / مفيد الغيلاني

ليست غارات مقاتلات «التحالف العربي»، الذي تقوده السعودية، ولا صواريخ بارجاته التي حصدت عشرات المدنيين، وحدها من تهدّد حياة ابناء الحديدة الذين يواجهون ظروفاً معيشية صعبة وبائسة، منذ إعلان «التحالف العربي» عملياته العسكرية في إطار ما سمّوه «تحرير مدينة الحديدة ومينائها»، بل هناك ما يهدّد حياتهم اليوم ربما بشكل أكبر، فحرارة الصيف الملتهبة وأزمة المياة، وإغلاق عشرات المصانع الكبرى، وتوقف الإنتاج المحلي لها، تعتبر وبحسب مراقبين، «حرباً لا تقل شراسة عن المعارك الدائرة في أطراف المدينة، يتجرّع مرارتها الملايين من المواطنين، ويكتوون بنارها، في ظل صمت دولي مخزي، تجاه معاناتهم».

إغلاق عشرات المصانع
مصادر محلية مطلعة أفادت لـ«العربي»، بأن «عشرات المصانع الواقعة بالجهة الجنوبية والغربية لمدينة الحديدة أغلقت أبوابها وأوقفت الإنتاج»، وأكدت أن «9 مصانع أغلقت بشكل كامل، في حين توقف ما يقارب 18 مصنع بشكل جزئي».
وأوضحت المصادر أن «عدداً من المصانع تعرّضت للقصف من قبل قوات وطيران التحالف العربي»، مؤكدة أنه «تم قصف مصنع هائل سعيد، ومصنع العوادي، ومصنع الثلج».
وأضافت أن «القصف أسفر عن عدد من الضحايا بالإضافة إلى تعرض بعض المصانع للتدمير بشكل كبير جداً».
وفي السياق، كشفت مصادر تجارية في مدينة الحديدة لـ«العربي»، عن أن «مجموعة إخوان ثابت، والتي تعد ثاني أكبر مجموعة صناعية وتجارية على مستوى اليمن، ومجموعة نانا، التابعة لشركات عبد الجليل ردمان، أغلقت مصانعها منذ قرابة أسبوعين».
وأكدت المصادر أن «مجموعة مصانع السمن والصابون والألبان والزيوت الطبيعية، والبقوليات، ونانا والمطاحن وصوامع للغلال والأغذية الخفيفة، تم إغلاقها بشكل كامل».
وأفادت بأن «نقص المواد الخام، يعتبر أحد أهم أسباب توقف مصانع، بالإضافة إلى انقطاع عدد كبير من المواطنين عن العمل بسبب المواجهات والقصف وقطع الطرقات، كون معظم المصانع في المدينة تقع بالقرب من الاشتباكات»، مضيفة أن «الكثير من المصانع تقع في شارع صنعاء، أي ما بين كيلوا سبعة إمتدادا إلى ما فوق كيلو 16».

موجة تسريح
توقّف المصانع والمراكز التجارية الكبرى في المدينة، وسعت من دائرة البطالة، وقضت على آخر آمال الموظفين، الذين كانوا يعولون أسرهم المعدمة.
محمد الزيلعي، أحد العمّال الذين تم تسريحهم من مصنع يماني، أكد لـ«العربي»، أن «الاشتباكات المتقطعة، بالقرب من المصنع، في شارع 7 يوليو، والقصف المتكرر من قبل قوات التحالف، وإغلاق بعض الطرقات، أجبرتهم على الفرار وعدم العودة إلى العمل».
وأوضح أن «إدار المصنع هددته وعدد من زملائه بالفصل في حال استمرار انقطاعهم»، مشيراً إلى أنه «وزملاءه لم يتمكنوا من العودة بسبب كثافة الاشتباكات قبل قرابة أسبوعين».
ولفت إلى أنه «بعد قرابة أسبوع من انقطاعنا عن العمل تلقينا اتصالاً من إدارة المصنع، بأنه تم إغلاق المصنع، وتسريحنا بشكل نهائي»، واعتبر قرار فصله «تعسفياً وغير مبرر لأن أسباب التوقف خارجة عن إرادتهم»، مشيراً إلى أنه «وبعد أن فقد مصدر دخله الوحيد، بات حائراً مشرداً يبحث عن ما يسد به رمق أولاده الثلاثة وزوجته».

مخاوف
ويتخوّف ما تبقى من القطاع الصناعي والتجاري من دمار سيلحق بالمنشآت القريبة من المطار، والمصانع الواقعة في شارع 16 عند مدخل المدينة الجنوبي، حيث تحاول القوات الموالية لـ«التحالف» التقدّم باتجاه ميناء الحديدة.
عبد الله المنصوري، مالك مصنع ثلج في شارع صنعاء، أوضح لـ«العربي»، أنه «أغلق المصنع رغم أن المواجهات لا تزال بعيدة عنه، خوفاً من القصف أو تعرّض معدّاته للسرقة في حال وصلت الاشتباكات إليه». وأكد أنه «وبعد أن تعرّض جزء من مصنعه للقصف، قام بنقل المعدات الهامة من المصنع إلى خارج المدينة»، مشيراً إلى أنه «في كل عام وفي مثل هذه الأيام يجني أرباحاً كبيرة بسبب حرارة الصيف المرتفعة والتي تعتبر موسم لتجارة الثلج».

نزوح روؤس الأموال
وتشهد أسواق المدينة حالة من الهلع وأزمة خانقة في المواد الغذائية والاستهلاكية، بسبب إغلاق المراكز التجارية الكبرى، وتسريح مئات الموظفين، في ظل استمرار نزوح رؤوس الأموال، إلى خارج المدينة.
الناشط السياسي، سالم رزق الله، أكد لـ«العربي»، أن «العمليات العسكرية الدائرة في أطراف الحديدة شلّت مظاهر الحياة في المدينة وعطّلت النشاط التجاري والصناعي، بشكل شبه كلي». وأوضح رزق، أن «إغلاق المصانع والمراكز التجارية خلف أزمة خانقة في توفير السلع الأساسية من مواد غذائية واستهلاكية ومشتقات نفطية، حيث أصبحت طوابير المواطنين أمام المحلات التجارية تساوي أو تفوق طوابير السيارات أمام المحطات».
وأضاف أن «الكثير من مراكز التسوّق والمحلات التجارية أغلقت أبوابها أمام المستهلكين»، وأكد أن «هناك موجة نزوح مستمرة لرؤوس الأموال، من التجار وموظفي القطاع الخاص، إلى خارج المدينة»، مشيرا إلى أن «معركة الحديدة تنذر بكارثة إنسانية على المستويات كافة».
ولفت رزق الله إلى أن «موقف المجتمع الدولي والمنظمات الدولية تجاه المدينة مخزي وحقير».
ويرى مراقبون أن تضرّر القطاع الصناعي في الحديدة لن تكون أثاره الكارثية والسلبية على مدينة الحديدة فحسب، بل على اليمن بشكل عام، كون الحديدة هي الشريان الاقتصادي الهام في اليمن.
وتعد مدينة الحديدة رابع أكبر المدن اليمنية من حيث الأهمية، كما أنها تعتبر مركزاً تجارياً واقتصادياً حيوياً، حيث يوجد فيها المقرات الرئيسية لشركات الملاحة البحرية والشركات الصناعية والتجارية، التي تشغّل آلاف الموظفين والعمّال.  المصدر : العربي .

عن gamdan

شاهد أيضاً

قحيمان .. استفاد الوطن ولم تخسر الحديدة .. 

‏‏  4 دقائق للقراءة        792    كلمة                     أول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *