الحديدة : زبيد.. عراقة التاريخ مهددة بالحرب !!

‏  4 دقائق للقراءة        698    كلمة

الحديدة نيوز / عصام واصل

باتت الحرب تهدد مدينة زبيد، أهم المدن الأثرية في اليمن، مع اشتداد وطأتها في محافظة الحديدة شرقي اليمن، واقترابها من أسوار المدينة يوماً بعد آخر.
وتعتبر زبيد من أشهر المدن الإسلامية المتبقية في اليمن، وهي مدينة تقف شاهداً على حضارة الإنسان اليمني، وقدرته على البناء وهندسة المدن، مدنياً وعسكرياً واقتصادياً، ناهيك عن أنها تمثل منذ زمن بعيد، وما تزال، قبلة روحية لكثير من المتعلمين والفقهاء، وقد أُطْلِقَ عليها «مدينة العلم والعلماء»، وما تزال حاملة للقب ذاته حتى يومنا هذا.
وقد تعرضت هذه المدينة، كسائر المدن الأثرية اليمنية، إبان حكم الرئيس الراحل علي صالح للإهمال والزحف الخرساني، الذي هددها بالتشوه والاندثار، لكنها برغم ذلك، لم تفقد أهميتها، بل دفعت كثيراً من المنظمات والمختصين إلى مناشدة الجهات المعنية محلياً ودولياً إلى إنقاذ ما تبقى من المدينة.
ونظراً إلى الأخطار التي هددت هذه المدينة، فقد أدرجتها الـ«يونيسكو» في قائمة مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر في العام 2000، مؤكدة على أن «التراث الأثري والتاريخي المتميز لها قد تدهور بشكل خطير في السنوات الأخيرة، إذ تم استبدال 40٪ من المنازل الأصلية بالمباني الخرسانية».

أهمية المدينة

وعن أهمية المدينة وقيمتها الحضارية يقول الدكتور خلدون نعمان، أستاذ الآثار اليمنية القديمة في حديث إلى «العربي»: «زبيد واحدة من المدن الإسلامية المبكرة، وقد كانت عاصمة لدولة بني زياد ومن بعدهم دولة بني نجاح ثم صارت جزءا من الدول المتعاقبة على حكم اليمن»، مؤكدا في سياق حديثه أنها «تحتوي على عدد كبير من المساجد والمدارس الإسلامية الأثرية ومن أهمها جامع الأشاعر الذي بناه أبو موسى الأشعري، وكذا الجامع الكبير، ومن المدارس هناك المدرسة السكندرية، وغيرها من المنشآت الدينية التي تعود إلى عصور مختلفة لكن معظمها من عصر بني رسول».
ويشير نعمان إلى أن «من آثار زبيد المهمة قلعة زبيد وسور المدينة وبوابات السور، وقد أدرجتها اليونسكو ضمن الموروث الإنساني العالمي لما تحتويه منازلها القديمة من زخارف على جدرانها الخارجية والنمط المعماري الخاص بها».
ويشدد على أن «أهمية زبيد تكمن في مخزونها الحضاري، وبقدر ذلك تكون الأخطار في حال حدوث معارك داخل المدينة».

مدينة السلام

يميل سكان زبيد إلى السلام والمدنية وحب العلم، وينأون دوماً عن الحروب والصراعات بشتى أشكالها، وهو ما جعلهم يتخوفون من اندلاع الحرب في مدينتهم الآمنة خشية على كنوزها ومعالمها التي ظلت تقاوم الظروف وتتشبث بالبقاء برغم ما مرت به من إهمال وإقصاء، وفي ذلك يؤكد الشاعر هشام ورو، أحد أبناء زبيد لـ«العربي»، على أن «زبيد مدينة لها سمعتها العالمية، وفيها كنوز التراث الثقافي الإنساني، وفيها الإنسان الزبيدي المسالم المتفرد بالعلم والفقه والثقافة»، ويتمنى «أن يعم السلام والطمأنينة ربوع الوطن كي تنعم زبيد بالسلام».

حرمة تاريخية

ويتوقع الدكتور فضل العميسي، أستاذ العمارة والفنون القديمة، في حديث إلى «العربي»، «الأسوأ لهذه المدينة ذات الأهمية المعروفة عالمياً، في حال أصبحت ساحة للحرب، إذ ستتعرض مبانيها التاريخية للقصف والدمار، لاسيما أنها ستستغل كمواقع عسكرية».
لذلك، يطالب العميسي الأطراف المتصارعة بتجنيبها كليّا وتحييدها من قبلهم، محذرا إياهم جميعا في حال لم يفعلوا ذلك «أن التاريخ لن يرحمهم وكذلك الأجيال القادمة» إذا أصروا على «الإمعان في استغلال المواقع الأثرية والتاريخية والحضارية كساحات للقتال وتعريضها للدمار»، مضيفاً أن «هذه المواقع إرث حضاري شاهد على أمجاد أسلافنا الحضارية، وفي حال تدميرها سيحكم على هذا الإرث بالفناء إلى الأبد ولا سبيل إلى إعادة إنتاجه من جديد».
وأكد أنه «من العار تدمير الإرث الذي بناه الأجداد»؛ مذكرا في الوقت ذاته «أن شعوب العالم تسعى إلى صناعة حضارة وتاريخ في حين نمعن نحن في تدمير تراثنا الحضاري الضارب في عمق التاريخ».
وأوضح أن «السبيل الوحيد للحفاظ على مدينة زبيد ومعالمها التاريخية والحضارية، هو تجنيبها الحرب ونقل الصراع إلى أماكن مفتوحة بعيدة عن المناطق السكنية والمعالم التراثية والحضارية».
وفي سبيل ذلك يناشد «المنظمات والهيئات الدولية للضغط على أطراف الصراع من أجل تجنيب المدينة كارثة الحرب والدمار»، مطالباً بضرورة إيقاف «قصفها وتدميرها مراعاة لحرمتها التاريخية والحضارية والثقافية ورمزيتها الوطنية». المصدر : العربي .

عن gamdan

شاهد أيضاً

قحيمان .. استفاد الوطن ولم تخسر الحديدة .. 

‏‏  4 دقائق للقراءة        792    كلمة                     أول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *