الحديدة نيوز / رشيد الحداد
يحاصر الموت سكان مدينة الدريهمي من كل مكان، فمدينتهم الآمنة تحولت إلى ساحة حرب مفتوحة، ومنازلها ومنشأتها ومساجدها وأسواقها تحولت إلى أهداف لطيران وبوارج «التحالف»، ولقذائف الهاون التي تطلق من قبل القوات الموالية للإمارات، التي تحيط بالمدينة، من الغرب والشمال.
معظم سكان المدينة، الذين يعيشون أوضاعاً اقتصادية ومعيشية صعبة، بعدما فرض عليهم البقاء تحت أعلى درجات المخاطر، يعانون من نقص حاد في المياه والغذاء والدواء، ويعايشون الخوف والهلع تحت رحمة القذائف المتبادلة، التي قتلت عدد من المواطنين خلال اليومين الماضيين، وأصابت أعداداً أخرى، في ظل عدم تمكن فرق الصليب الأحمر الدولي، من الدخول إلى المدينة لإسعاف المصابين حتى اليوم، فالصيدليات والعيادات الطبية والمحال التجارية، أغلقت أبوابها، وسوق المدينة توقف، والدخول والخروج من وإلى المدينة، أصبح مكلل بالمخاطر.
مصادر محلية في مدينة الحديدة، أكدت لـ«العربي» تراجع العمليات العسكرية خلال اليومين الماضيين نسبياً، الأمر الذي أتاح الفرصة للكثير من السكان للفرار من جحيم الحرب إلى خارج المدينة، بحثاً عن مناطق آمنة، إلا أن نزوح ما يقارب 500 أسرة من مدينة الدريهمي، خلال اليومين الماضيين، كان نزوحاً محفوفاً بالمخاطر، فالألغام التي تحيط بالمدينة، والمزروعة في الطرقات، تتربص بحياة النازحين. ووفقاً للمصدر، «الكثير من الأسر تمر عبر مناطق تحتوي على حقول ألغام مخفية».
اليوم، قتل المواطن إبراهيم صغير مشقني، وأصيب آخرين، إثر انفجار لغم بسيارته في وادي العقم، في مديرية الدريهمي، وذلك أثناء نزوحه من المدينة، كما انفجر لغم بحافلة كانت تحمل أسر نازحة من الدريهمي. ووفق مصادر حقوقية، فإن عدداً من القتلى والجرحى من المدنيين، قتلوا اليوم الخميس، إثر انفجار لغم أرضي بالحافلة التي تقلهم في منطقة الشجيرة في الدريهمي. وأشارت المصادر إلى مقتل عدد من النازحين من أسرة محمد عبدالله زَبيري، من بينهم فتاة، لافتة إلى أن المصابين تم نقلهم إلى مدينة المخا لتلقي العلاج.
ومع اشتداد المعارك في محيط الدريهمي، جنوب الحديدة، نزحت قرابة 1000 أسرة من قرية المنظر، وفي منطقة الجبلية إلى مدينة الدريهمي، التي كانت حتى وقت قريب ملاذاً آمناً للهاربين من جحيم الحرب في الساحل الغربي، إلا أنها أصبحت اليوم مدينة غير آمنة، ورغم ذلك، لم تعلن من طرفي القتال على أنها مسرح عمليات عسكرية، على الرغم من أن المواجهات العسكرية التي تخوضها القوات الموالية للإمارات وقوات الجيش واللجان الشعبية، تشير إلى أن الدريهمي ستتحول إلى ميدي ثانية.
الأسبوع الماضي، احتدمت المواجهات في محيط الدريهمي، وعدد سكانها المقيمين يصل إلى الـ 10 آلاف نسمة ، إلا أن قرابة الـ 500 أسرة نزحت من المدينة، وتركت منازلها وممتلكاتها خلفها، ومعظمها من سكان محيط المدينة. مصادر حقوقية أكدت أن 220 أسرة، وكل أسرة مكونة من 7 أفراد في المتوسط، نزحت إلى منطقة السخنة في الحديدة، كما نزحت 120 أسرة إلى مديرية المنصورية، واستقبلت مديرية المراوعة 150 أسرة نازحة.
مصادر محلية أكدت أن قرابة 500 أسرة نزحت خلال اليومين الماضيين باتجاه المناطق الواقعة تحت سيطرت القوات الموالية للإمارات. فالكثير من النازحين فضلوا النزوح إلى مناطق قريبة من الدريهمي، فحملوا ما تيسر لهم من ممتلكاتهم، وما يمكنهم من البقاء على قيد الحياة، ومواجهة ظروف التشرد والشتات، متوجهين إلى مواطن جديدة تقيهم من النار والبارود.
موجة النزوح لا تزال متواصلة منذ يومين وفق المصادر، فالسكان يترقبون هدوء المواجهات وانحسارها للخروج من المدينة. ووفقاً لمصادر حقوقية، تمكنت المئات من الأسر من الخروج شرقاً باتجاه طريق اللاوية المسعودي، ووصلت إلى مركز مديرية المنصورية، الخاضعة لسيطرة حكومة «الإنقاذ»، مشياً على الأقدام ،وعلى متن الحمير، كما تمكنت العشرات من الأسر، من النزوح باتجاه الغرب، نحو قرى القازة والنخل والشجيرة، الخاضعة لسيطرة القوات الموالية للإمارات.
من جهتها، ناشدت السلطة المحلية في مديرية المنصورية، في محافظة الحديدة، اليوم الخميس، الجهات الرسمية والمنظمات الإغاثية، التدخل السريع في إغاثة النازحين من الدريهمي إلى المديرية. وقال مدير مديرية المنصورية سعيد حكمي، في منشور على «فيس بوك»، إن هناك «حالات نزوح شديدة من مديرية الدريهمي إلى مديرية المنصورية، وبأعداد كبيرة نعجز عن إغاثتهم».
وناشد حكمي، حكومة «الإنقاذ» والسلطة المحلية في الحديدة، وكافة المنظمات الدولية والمحلية الفاعلة، بـ«التدخل السريع و العاجل لإغاثتهم». المصدر : العربي ..