الحوار ومسئولية السياسيين في انجاحه
عبده الجندي
مؤتمر الحوار الوطني هو البوابة الوحيدة للخروج من الدوامة المركبة للأزمة المعقدة.. وتحديد موعد انعقاده يمثل بداية جادة لتحول الحلم إلى حقيقة والأمل إلى واقع سياسي واعد.
لأن الحوار هو الحل الأمثل لما نعانيه من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وأمنية، تحولت في لحظات معينة إلى صراعات وبدايات حروب أهلية، الأمر الذي يستوجب من جميع الأطراف التقدم خطوات إلى الأمام حتى ولو اقتضى تبادل التنازلات عما لديهم من الأفكار والآراء الفردية الشمولية.. لأن الحوار هو الوسيلة الوحيدة للبحث عن صيغ ديمقراطية منظمة للتجربة السياسية من الناحيتين الدستورية والقانونية..ومعنى ذلك أن المتحاورين مطالبون أكثر من أي وقت مضى أن يجيبوا على ما اختلفوا عليه من الأسئلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية ذات صلة بما نحن بحاجة إليه من النظام وهل هو رئاسي أم برلماني أم خليط من ذلك، وذاك يأخذ بالأفضل والأجمل؟
وأن يجيبوا بمسئولية على الأسئلة ذات الصلة بما نحن بحاجة إليه من النظام الانتخابي، وهل هو نظام الفائز الأول المعمول به في معظم البلدان الديمقراطية أم نظام القائمة النسبية المفتوحة أو نظام القائمة النسبية المغلقة؟
أم هو خليط أو موازٍ يأخذ أجمل مافي نظام الفائز الأول وأجمل مافي نظام الثاني بشقيه المختلط والموازي..؟
وسيكون في مقدمة القضايا الحوارية الإجابة على الأسئلة المتعددة لنظام ومفاهيم الحكم المحلي: هل هو نظام الحكم المحلي الواسع الصلاحيات،أم أن هو نظام الحكم المحلي الكامل الصلاحيات؟ وهل هو نظام الفيدرالية المتعددة بتعدد الأقاليم، أم هو نظام الحكم الفيدرالي بين إقليمين شمال وجنوب؟
لأن ماسوف يتفق عليه من إجابات سوف يدون بصيغ دستورية وقانونية منظمة للحياة السياسية والديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة بشرعية انتخابية تستبدل فيها الشرعيات والحركات الثورية بالشرعية الدستورية الثابتة والدائمة وغير القابلة للانقلابات العسكرية المبررة بالشرعيات الثورية ذات النزعات الإرهابية والعسكرية والأمنية بأي حال من الأحوال، الخاضعة لتعدد وتناقض الأهواء والنزعات تحت ضغط الخوف على السلطة من الديمقراطية والتداول أو تحت ضغط الطمع في السلطة ولو بإخضاع إرادة الأغلبية الديمقراطية لإرادة الأقلية المستبدة والأكثر فاعلية في حشد مالديها من الأتباع والأنصار إلى ميادين وساحات الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات الفوضوية الصاخبة والغاضبة والمدمرة للأمن والاستقرار والوحدة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والأمنية…إلخ.
أقول ذلك وأقصد به أن أعضاء المؤتمر الوطني العام الذين ستناط بهم قضية الحوار المفتوح على كل ماهو مطلوب من الإصلاحات الدستورية والقانونية المتنوعة لابد أن يضعوا بالاعتبار مطالب الهيئة الشعبية الناخبة، لأن البديل الذي سيتفقون عليه سيبقى مشروع دستور إلى أن يوافق عليه الشعب في استفتاء عام حر ومباشر قد تقول فيه الأغلبية نعم وقد تقول لا.. أي قد تكون النتيجة موجبة بل وقد تكون سالبة.. الأمر الذي يستوجب العودة إلى حوار جديد واتفاق جديد واستفتاء جديد بإمكانيات جديدة ومهولة ومكلفة على مايمكن تخصيصه للتنمية الاقتصادية والخدمية الملحة والعاجلة.. أخلص من ذلك إلى القول بأن السياسيين مطالبون من الشعب باستشعار مسئولياتهم في إنجاح الحوار الوطني.