جابر … موهبته القديمة تنقذه من الفقر
الحديدة نيوز- يحيى خنن
أمام احد الجدران يقف (جابر ابكر35 عاماً) ممسكاً بيده فرشاة ألوان يخط بها على الجدار خطاً عربياً تكاد تعجز التكنولوجيا الرقمية عن محاكاته.
جابر انسان بسيط متعدد المواهب تسببت الحرب في فقدان مصدر رزقه واعاقت جميع مواهبه يحاول بما يمتلكه من ارادة واصرار ان يتغلب على الظروف الصعبة التي يمر بها كونه نازح ومشرد مع اسرته المكونة من خمسة أطفال من مسكنه في مديرية الدريهمي جنوب مدينة الحديدة
كان جابر يعمل في إحدى الشركات ومع اندلاع الحرب أغلقت الشركة أبوابها ووجد نفسه عاطلاً عن العمل كغيره من آلاف الموظفين الذين حرمتهم الحرب وظائفهم ، وظل يبحث عن فرصة عمل جديدة لدى شركات أخرى في عدد من المدن اليمنية لكنه لم يحظى بأي فرصة .
واجه جابر ظروفاً معيشية صعبة وتفاقمت معاناته اكثر بسبب نزوحه من منزله ، وعندما ازدادت معاناته قام ببيع الشاي في أحد الأسواق الشعبية بمدينة الحديدة لكنه لم يستمر في ذلك بسبب قلة الدخل ، ففكر بالعودة الى ممارسة موهبته القديمة التي كان يمارسها قبل الالتحاق بالعمل في الشركة وهي موهبة الخط والرسم اليدوي التي تركها منذ عدة سنوات ، و لم يكن امامه سوى العودة لممارستها من اجل كسب لقمة العيش .
ذهب جابر بعد اتخاذه قرار العودة لمهنته الى إحدى المكتبات واشترى فرشاة والوان وقام يخط على الجدران ويرسم رسومات جميلة من صنع يده التي يأكل بها ، من اجل الترويج لنفسه والتعريف بموهبته ، وحينها بدأ الجميع يشاهد كتاباته ورسوماته وينبهر بها ويتحدثون عن موهبته في كل المجالس حتى اكتسب شهرة بين سكان المدينة .
يقول جابر لموقع “الحديدة نيوز ” حين شاهد الناس كتاباتي ورسوماتي واعجبوا بها طلب مني أحد جيراني أن أزين له منزله بكتابة آيات قرآنية وأسماء الله الحسنى وتقاضيت على عملي مبلغاً جيداً استطعت أن أوفر به احتياجات ذلك اليوم لأطفالي ، بعد ذلك تلقيت دعوات كثيره من المدارس الخاصة لأخط لهم حكم وعبارات تحفيزية ورسومات متنوعة على جدران المدرسة كما تمت دعوتي من أصحاب البقالات أخط لهم اسماء بقالاتهم وما يقدمونه للزبون مستثمرين قلة التكلفة ومستمتعين بالخط العربي، والحمدلله كسبت شهرة وكسبت مصدر رزق ، ولا زلت اتلقى بشكل شبه مستمر دعوات من المحبين للخط العربي ورسوماتي ، لقد انقذتني مهنتي القديمة “.
رغم انصراف الناس عن الخط اليدوي وجمالياته إلا أن جابر اعاد للخط العربي جمالياته ورونقه بلمساته الجميلة وإبداعه في هذا المجال فأصبح الكثير يزينون منازلهم ومحلاتهم بأشكال مختلفة للخطوط العربية التي اندثرت بسبب التكنلوجيا الحديثة الموجودة في أيامنا هذه .
بدأ جابر الكتابة بالخط العربي والرسومات منذ سن مبكر يقول لموقع “الحديدة نيوز ” كنت في الصف السادس اخذ المصحف واقلد الكتابة القرآنية واكتب الآيات في اللوحات وعلى الجدران ومن حينها وانا شغوف بالخط العربي بأنواعه وكنت أقوم بالرسم والكتابة على الوسائل الورقية التي كان يتم تعليقها داخل الفصل واستمريت لعدة سنوات ،وكنت اتقاضى في ذلك الحين مبلغاً مالياً من طلاب المدارس المكلفين بإعداد تلك الوسائل ، ولكن مع انصراف الناس نحو الثورة التكنولوجية ، توقفت عن العمل في الخط والرسم .
لم تكن موهبة الخط والرسم هي الموهبة الوحيدة التي يمتلكها جابر فهو شاعر ايضاً يكتب قصائد مطولة اعجبت عشاق الشعر و الأدب ،و شارك في العديد من المحافل الشعرية على مستوى مدينته والمحافظة فكتب العديد من القصائد لكنها اصبحت رماداً في بقايا منزله المدمر الذي اخرجته منه الحرب حافياً مع اسرته..
يظل جابر كغيره من الشباب الذين فقدتهم الحرب مصدر دخلهم وشردتهم من منازلهم وبإصراره وإرادته يحاول بقدر استطاعته تطوير موهبته وتسويق ابداعاته متفائلا بمن يأخذ على يده في تحقيق امنيته ليتحسن مصدر دخله وينعم هو واسرته بالعيش الكريم اسوة بغيرهم .