الحديدة نيوز / كتب / عبده بغيل
فيما كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية، قاد ابراهيم الحمدي حركة 13 يونيو، التي اعتبرت العهد الثالث من الجمهورية، كما وصفها الشاعر الراحل عبد الله البردوني، وهي حركة لا يزال غالبية اليمنيين يرون أنها كانت تمثل ميلاد عهد جديد من التنمية والرخاء والاستقرار وبناء الدولة اليمنية الحديثة وتثبيت النظام الجمهوري وتحقيق أهداف الثورة.
حلت الذكرى الثانية والأربعون لتولي المقدم إبراهيم الحمدي مقاليد الحكم في اليمن، كثالث رئيس لما كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية، وذلك إثر حركة 13 يونيو، التي قادها الحمدي، واعتبرت العهد الثالث من الجمهورية، كما وصفها الشاعر الراحل عبد الله البردوني، وهي حركة لا يزال غالبية اليمنيين يرون أنها كانت تمثل ميلاد عهد جديد من التنمية والرخاء والاستقرار وبناء الدولة اليمنية الحديثة وتثبيت النظام الجمهوري وتحقيق أهداف الثورة.
ولعل أهمية هذه الحركة تكمن في أن قائدها، لم يصل إلى الحكم عن طريق الانقلاب العسكري أو الدعم الخارجي أو المساندة القبلية أو الاغتيال، إنما جاء باختيار ورضا السلطة التي كانت تحكم الجمهورية اليمنية آنذاك، بعد تأزم الوضع السياسي وانفلات أجهزة ومؤسسات الدولة، واستفحال الصراع بين شخصيات الدولة، وذلك في آواخر سنين حكم القاضي عبد الرحمن الإرياني زعيم حركة النوفمبريين.
العهد الجديد
وبتولي الحمدي لمقاليد الحكم بدا عهد جديد في حياة الشعب اليمني الذي يقترن اسم الحمدي في ذاكرته بعهد الرخاء والازدهار والانتصار على الجوع والخوف والتسلط وقد أبهر بإدارته للدولة كل المتابعين والمهتمين على الساحتين الإقليمية والدولية، ووصفت مجلة الجارديان البريطانية قيادة الحمدي بأنها أدهشت جميع الدبلوماسيين، أما صحيفة السفير اللبنانية فقد اعتبرته نسيجاً خاصاً من الزعامات العربية الكفء، وقالت عنه الباحثة السوفيتية دجلو يوفسكا ياد إن عملية بناء الدولة المركزية الحديثة في الجمهورية العربية اليمنية بدأت منذ قيام حركة 13 يونيو برئاسة الحمدي.
وإذا جاز التساؤل هنا فإن السؤال الذي يفرض نفسه لماذا اكتسبت حركة 13 يونيو كل هذه الأهمية حتى اعتبرت ثالث أهم حدث بعد ثورة سبتمبر وحركة 5 نوفمبر؟
لقد حققت حركة 13 يونيو برئاسة إبراهيم الحمدي إنجازاً كبيراً في بناء الدولة المركزية الحديثة وفي مجال النهضة التنموية والاقتصادية والسياسية، فقد عمل منذ توليه الحكم على إيجاد تنظيم سياسي فاعل من القاعدة الجماهيرية، والواقع الشعبي تحتشد فيه كل الإمكانيات البشرية الوطنية وأصدر قراراً بتشكيل لجنة مؤقتة؛ لإعداد مشروع برنامج العمل الوطني تكونت من 39 شخصية ويعد برنامج العمل الوطني بمثابة الميثاق الوطني الذي أعلنه عبد الناصر وقد سمي فيما بعد الميثاق الوطني ..
وكانت مهمة هذه اللجنة وضع مشروع برنامج شامل للعمل الوطني على ضوء استعراض متميز لكل تجارب الماضي بسلبياتها وإيجابياتها من أجل اعطاء تصور شامل لدولة اليمن الحديثة القادرة على خلق الازدهار والتقدم وبعدها تم تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي العام الذي اعتبر آنذاك بمثابة الإطار العام لكافة القوى السياسية وعموم الشعب.
الرئيس الحمدي سعى إلى إيجاد ”دولة المواطنين”
اما على المستوى الشعبي وجه الرئيس الحمدي بتكوين اللجنة العليا للتصحيح ولجان التصحيح الأساسية والفرعية والتي تكونت في سائر الأجهزة والمؤسسات وكافة النواحي والمحافظات منذ أكتوبر 1975م وانعقد المؤتمر الأول للتصحيح في 16 يونيو 1976 ووفقاً للبردوني فقد حول الحمدي مشروع التصحيح إلى لجان تصحيح تراءت كتنظيم سياسي وكان الرئيس الحمدي يسعى من خلالها إلى إيجاد ما أسماه بـ”دولة المواطنين”
الوحدة
مثلت سنوات حكم الحمدي المناخ الملائم لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية من خلال الخطوات التي قام بها كل من رئيس الشطر الشمالي إبراهيم الحمدي ورئيس الشطر الجنوبي سالم ربيع علي وأجريت أول مباحثات بينهما في ديسمبر 1974م على هامش مؤتمر القمة العربي السابع في المغرب، وفي 15 فبراير 1977م تم تشكيل المجلس اليمني الأعلى وذلك بناء على نتائج جلسة المباحثات التي عقدها رئيسا الشطرين في قعطبة ، وفي مارس 1977 انعقد بمدينة تعز المؤتمر الرباعي لأمن البحر الأحمر وبحث الرئيسان تفعيل العمل لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية وجرت اتصالات عالية المستوى بين الشطرين وفي 13 يونيو 77م في 15 يونيو وفي 26 سبتمبر 77م تم الإتفاق على خطوات وحدوية يتم الاعلان عنها أثناء زيارة الحمدي لعدن والتي تم تحديد موعدها في 13 أكتوبر 77م ومنها توحيد السلك الدبلوماسي والنشيد الوطني والعلم الجمهوري وهي الزيارة التي لم تتم.
الاغتيال
في يوم 11/10/1977م وفي الساعة الحادية عشرة والنصف مساءً نقلت إذاعة صنعاء للشعب اليمني وفاة المقدم إبراهيم الحمدي رئيس الجمهورية ومجموعة من رفاقه في حادثة اغتيال دنيء لا يزال الغموض يكتنفه حتى اللحظة.
معالم الحكم
استمر حكم الرئيس الحمدي 41 شهراً تماماً من يونيو 74 إلى أكتوبر 77م ورغم قصر هذه الفترة، إلا أنها تعد من أكثر السنوات جدلاً ومن أهم السنوات التي عاشها الشعب اليمني.
لقد مثل حكم الحمدي الترجمة الفعلية لأهداف ثورة 26 سبتمبر من خلال مشروع الدولة الحديثة الذي كان الرئيس الحمدي يطمح في الوصول وهي دولة المواطنين كوعد بدا في عيون الناس العاديين يدنو وئيداً، ولكن مؤكدا، وكان الحمدي قد استطاع باقتدار أن يتقدم في مسارين متجاورين يبدوان متعاكسين في تصورات النخب السياسية الحداثية والتقليدية معاً، فهو تقدم بخطوات متسارعة في اتجاه الدولة المركزية وشرطها احتكار الدولة وسائل الإكراه المادي.
وفي الوقت نفسه وسَّع من نطاق المشاركة الشعبية في إدارة المجتمع، بتعزيز التعاونيات أساساً. وكان أمامه تحديان: إنهاء المرحلة الانتقالية وإعادة الحياة الدستورية؛ وإيجاد أداة سياسية تكفل تنظيم المشاركة السياسية للمواطنين.