|
لهيب الصيف وانقطاع الكهرباء يفاقم معاناة أهالي الحديدة
الحديدة نيوز– علاء الدين حسين:
الصيف وانقطاع الكهرباء
الصيف وانقطاع الكهرباء ثنائي انعكسا سلباً على قاطني المحافظة،ومنهم كبار السن والأشخاص الذين يعانون
من مختلف الأمراض المزمنة وهم الأكثر تضرراً من موجة الحر الشديدة التي أدت إلى وفاة البعض وتدهور الحالة
الصحية للبعض الأخر.
ويرى مواطنون من الحديدة أن انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر وسائل التبريد، وانعدام المشتقات النفطية
وضعف الخدمات المقدمة للمواطنين،جميعها عوامل فاقمت من مخاطر اشتداد حرارة الطقس،وعكست الصورة
المأسوية التي يعانيها أهالي الساحل الغربي.
جروح مفتوحة :
علي الجبلي (48) عاماً،أحد قاطني حي الحوك بمدينة الحديدة،يعاني من مرض السكري،ذات يوم وهو يسعى لطلب الرزق له ولمن يعولهم،وخلال قيادته للدراجة النارية التي يعمل بها أصيب بجرح غائر في فخذه،نتيجة سقوطه في حفرة عميقة سقطت فيها قذيفة قبل أربعة أعوام،حينما تم إسعاف الجبلي لإحدى المشافي الحكومية في الحديدة لم يستطع الأطباء هناك أن يعملوا على التئام جرحه بسبب ارتفاع درجة الحرارة، في حديثه لـ”الحديدة نيوز“،.
يقول الجبلي”أخبرني الأطباء بأنه يجب عليا أن أعيش في مكان تنخفض فيه درجة الحرارة أي في غرف مكيفة،وهذا الشيء لم أستطع القيام،فلا توجد لدي القدرة على السفر إلى صنعاء المدينة التي يتمتع ساكنوها بطقس بارد في فصل الصيف،ولا أنني لم أستطع شراء مكيف ودفع فاتورة الكهرباء الباهظة من المحطات التجارية”.
يخشى الأطباء الذين يراجعهم الجبلي،من أن يتعفن جرحه ويصاب بغرغرينه تسبب بتر في قدمه اليسرى، خلال شرح الجبلي للأطباء وضعه المادي السىء ،كان فاعل خير يستمع لمعاناته حينها قرر شراء مكيف يعمل باِلطاقة الشمسية عله يعمل على تخفيف لهيب الحر عن علي الجبلي ،ويساعده على التئام جرحه.
لكن الآلاف مثله القاطنين في مختلف قرى ومدن الحديدة،لم تصل إليهم أيادي فاعلي الخير،وأصبحت أوضاعهم الصحية والنفسية يُرثى له جراء انقطاع الخدمات واشتداد حرارة الطقس،كما يقول لـ”الحديدة نيوز“،المواطن سليم الغارتي،أحد قاطني منطقة الحالي ثالث أكبر مديريات الحديدة،.
ويضيف الغارتي القول : “لم أستطع إنقاذ حياة والدتي التي كانت تعاني من مرض ضغط الدم المزمن والذي كان يشتد مع اشتداد حرارة الطقس وأدى لوقوع جلطة في دماغها ،كانت ترقد والدتي في إحدى المشافي الحكومية في الحديدة والتي لم يكن فيها أي مكيفات ولا أية وسائل للتبريد”.
الموت عجزاً :
“يعيش معظم الناس في الحديدة في بيوت الصفيح، مثل جثث مكومة فوق بعضها، حتى الذين داخل بيوتهم المعمورة بالحجارة، لا يكادون يستطيعون التنفس من شدة الحر والرطوبة، كان ذلك الوضع قبيل اندلاع الحرب،أما في الوقت الراهن ومع توقف المرتبات وانقطاع سُبل العيش،فالأمر ازداد سوءاً”.
يقول الناشط الدكتور محمد الشميري،ويضيف متحدثاُ لـ”الحديدة نيوز“: “الى فترة قريبة كنت أرى كيف كان يموت المرضى في مراكز الغسيل الكلوي وبقية المستشفيات،لا أحد يأبه لمعاناتهم،والمشهد يتكرر اليوم”.
يشير الشميري إلى أن ثمة إشكالية أخرى تُعمق من جروح وآلام الموطنين في الحديدة خلال فصل الصيف،وهي
ارتفاع تعرفة استخدام الكهرباء ، حيث وصل سعر الكيلو 250 ريال من الكهرباء الحكومية وهو مبلغ كبير بالنسبة
لسكان مدينة الحديدة التي يعاني معظم سكانها من الفقر.
تضاعف المأساة :
تؤكد الطبيبة سمية الأغبري،بأن مرضى السكري الذين يقطنون محافظة الحديدة هم أكثر حساسية من الأجواء
الحارة،إذ أن التعرض المفرط للحرارة الشديدة قد يؤثر على مستوى السكر لديهم الأمر الذي يضاعف من
مأساتهم،كذلك ذات الأمر مع المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم والجلطات القلبية والدماغية ومن يعانون
من أمراض المفاصل والعمود الفقري،إضافة لكبار السن.
وتقول الأغبري في حديثها مع ” الحديدة نيوز“: “لا يمكننا الحديث عن حلول جذرية لمواجهة ارتفاع درجة الحرارة لكن يمكننا أن نعمل على اتخاذ إجراءات تخفف من وطأة ذلك الارتفاع”.
بحسب الأغبري فإن على قاطني الحديدة والمناطق الساحلية اليمنية التي تشهد موجات حر، عليهم أن يتبعوا
نصائح وإرشادات صحية هامة ومنها ضرورة شرب كميات كبيرة من المياه للحفاظ على رطوبة الجسم،كما يجب
عليهم أن يعملوا بين فترة وأخرى على قياس مستوى السكر بالدم،كذلك يجب على من يتعرضوا لنوبات انخفاض
مستوى سكر الجلوكوز بالدم ،يجب عليهم حمل بعض قطع ألحلوي أو أي مصدر آخر سريع للجلوكوز وذلك لتناولها
فور الشعور بأي أعراض مرضية تشير إلى انخفاض مستوى السكر.
آثار نفسية
الأخصائي النفسي فاروق جهلان يرى أن ارتفاع درجة الحرارة لا يؤثر على الصحة الجسدية وحسب،بل يؤثر على
الصحة النفسية،وبحسب حديث جهلان لـ”الحديدة نيوز“، فإن تزايد حالات الإحباط والقلق النفسي والتوتر لدى
الكثير من أهالي الحديدة والساحل الغربي في فصل الصيف يعود لارتفاع درجة الحرارة،فالحرارة تعمل على افراز
هرمون الادرينالين التي تعمل على زيادة القلق والتوتر،وهو الأمر الذي يلاحظه جهلان حينما يعمل على كشف
حالات لمرضى نفسيين من الحديدة يترددون على عيادته.