|
الحديدة نيوز / غمدان أبوعلي
أجواء رمضان طقوس روحانية ، واستعدادات يعيشها المواطنون بمدينة الحديدة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك ، والتي تشدو لها النفوس والقلوب تقرباً إلى الله ؛ للفوز بهذه الليالي العظيمة التي يضاعف فيها الأجر، فمساجد الحديدة تمتلئ بالمصلين فلا روحانية لرمضان بلا صلاة وعبادة وعمل وتراحم وذكر ، ولعل اللذة الإيمانية والتذوق الروحي لا يتم إلا بتلك التهاليل والأذكار الجماعية كأنك أمام سيمفونية أبدية تنقلك لعالم أخر .
طقوس روحانية في رمضان بالحديدة
ففي محافظة الحديدة هناك رمضان يتجلى بطقوس روحانية واستعدادات مختلفة
عن غيرها من المحافظات ، فبعد صلاة التراويح في تهامة ، يبدأ العشاء ومن ثم التوجه إلى المبارز
( دواوين لجلسات المقيل ومجالس للذكر) والمنازل العلمية والأربطة لتناول القات وقراءة القرآن .
وتسمى في تهامة هذه العادة الدينية بالراتب القراني ، ولا تقتصر على المنازل العلمية
والمبارز و الأربطة فحسب ؛ بل تعمّ هذه العادة المنازل العادية والمحلات ،
وغالباً ما تكون القراءة ليس بجزء واحد فقط بل بعض الرواتب خمسة أجزاء في الليلة
وبعضها أكثر وبعضها أقل ، وتنتهي العادة في العشرة الليالي الأخيرة من شهر رمضان .
ويتم أيضاً في العشر الليالي ختم المساجد ، فهناك مساجد تنتهي في ليلة العشرين من رمضان،
وبعضهم واحد وعشرين وهكذا حتى ليلة التاسع والعشرين حيث ينتهي تماماً الراتب القراني والحقيقة
أن هذه العادة يمتد تاريخها إلى الدولة الزيادية ويمكن أن تكون قبل ذلك
ولكن وجدت من الدول الزيادية ثم النجاحية والأيوبية والرسولية حيث لاقت
الدعم والاهتمام والرعاية والاستمرارية،وهناك أسانيد حديثية تثبت عمقها التاريخي المستمر حتى الآن .
ألعاب شعبية في رمضان
وتنتشر ألعاب شعبية تهامية خلال ليالي شهر رمضان مثل لعبة (الطبا) أو (الجادية)
وهي اشهر لعبة شعبية في تهامة برمضان الدكتور / احمد عزي صغير
يقول عن ليالي عشر الرحمة ( طوبى لمن اجتهد في باقي أيامه)
عشر ليالي بما فيها
من بهجة امقلب وامإيمان
جزعن وقلبي يناديها
يا رحمة الله في رمضان
ماحليك وما احلى تجليها
صبحو وليلو علينا تبان
صيامو وقيامو جرى فيها
وبكل بيت يصدح امقرآن
واليوم عشر ثانية فيها
للمغفرة غابو الإنسان
يطلب من الله يجريها
ويقبل ويغفر لنا ما كان
ويجبر قلوب العباد فيها
وبالرضا وامقبول تزدان
ويعين من قام يحيها
ذكرو وطاعة يشا الغفران
ويسأل الله يكفيها
وساوس امنفس والشيطان
وبالأواخر يداويها
ويختم بعتقو من امنيران
ويصلح أمور البلاد فيها
ويصلح الشأن والسلطان
الاهتمام بالمساجد
لقد اعتاد الناس في الأحياء والعزل في مدينة والقرى المجاورة لها على تزيين المساجد وتهيئتها وطلاء قبابها ومآذنها ومرافقها بمادة بيضاء تسمى (النورة) بشكل يومي معتمدين على الأموال الخيرية الموقوفة لهذه المساجد، أو عن طريق تبرعات الخيرين.
طلاء المساجد والبيوت التاريخية في محافظة الحديدة بـ(النورة) البيضاء تضفي على قبابه ومآذنه
جمالاً إلى جماله الفواح بعبق التاريخ، والروحانية الرمضانية.
أسواق الحديدة ومساجدها يضجان بالحياة مع اقتراب عيد الفطر
استعدادت خاصة
وهناك استعدادات خاصة تحرص فيها بعض القرى في محافظة الحديدة خلال العشر الاواخر
من رمضان الى البحث عن إمام، أو فقيه صاحب صوت جميل يصلي بهم طيلة ليالي رمضان
خاصة إذا كان الإمام الدائم لهذا المسجد من كبار السن، كون صلاة التهجد والقيام
التي يجتمع لأدائها الكثير تحتاج لمجهود إضافي.
الباحث في التراث الشعبي التهامي علوان مهدي الجيلاني يقول أن الحرارة والعطش في المناطق التهامية جعل أبناء تهامة ” أكثر جدية في تعاملهم واستعدادهم لصيام وقيام شهر رمضان والتقرب الى الله “.
ويضيف الجيلاني إلى أن هنام عادات أخرى جميلة اعتادها أهالي
تهامة في مجالسهم المعروفة بـ “#المبارز”.
يقول” كل ليلة يتم في هذه المجالس قراءة خمسة أجزاء من القرآن وتعرف: بالراتب الرمضاني * الذي ينتهي بختومات رمضان التي تقام في الليالي الفردية من العشر الأواخر من شهر رمضان.
ويتم فيها دعاء ختم القرآن للولي الكبير محمد بن يعقوب الشهير بـ( أبي حربة ) أحد أولياء القرن الثامن الهجري في تهامة، وكذا خطبة قاف لأبي الفرج ابن الجوزي وغيرها من قصائد عبد الرحيم البرعي التي تنشد في المساجد والمقايل وأماكن كثيرة في تهامة”.
الملابس تشهد ارتفاعاً جنونياً مع اقتراب عيد الفطر في أسواق مدينة الحديدة
اناشيد رمضانية
لكن الباحث والأديب عبد الله خادم العمري رئيس منتدى العمري في بيت الفقيه بالحديدة يقول بأن لرمضان طقوس روحانية واستعدادات لاستقبال العيد و هناك أناشيد تهامية رمضانية مثل:*
يا جهلة رمضان واتي..
يا جهلة بخروا أمحاسي.
وتعني يا أطفال رمضان قادم بخروا المنازل والآبار.
ومنها أيضاً:*
هوب هوب هوب..
قطعوا لمفاطر أمثوب ..
وتدل على تخويف الأطفال غير الصائمين ( الفاطرين) بتقطيع ثيابهم.
وكذلك رمضان أتى لا في قراعو ولا غدا
ما في إلاَ شطيرو من حق أمعشى ” وتعني أن رمضان جاء وليس هناك فطور في الصباح
أو غداء في الظهيرة إلا من باقي وجبة الصائمين من عشاء اليوم الأول..
وتتجمع الأسر التهامية بالذات الأطفال في سهرات ليلية، يتناولون خلالها الحلويات التي ربما
تنفرد بصناعتها بعض البيوت التهامية وتقتصر ببيعها خلال فترة رمضان المبارك، ومنها (الزعافير السكرية) المصنوعة من السكر والحوائج وتتشكل بقوالب متعددة تأخذ اشكال الطيور وأشياء أخرى من الطبيعة.
كما أن هناك ألعاب شعبية خاصة برمضان، اعتادها شباب تهامة قديما” قبل أن تغزو المسلسلات
الفضائية إلى جانب القات شباب اليوم.
اهازيج وتواشيح
ويشير الحاج “أبو سعيد” إلى الأهازيج والتواشيح الابتهالية التي يرددها المصلين بعد الانتهاء من صلاة
التراويح، تبدأ من شرفه المسجد بصوت عالٍ وتتلاشى قليلا قليلا ،مع تفرق المصلين كل إلى منزله
وهذه من عادات رمضان طقوس روحانية واستعدادات.
مثال على ذلك يا خفي يا الله لاطفنا ، بالنبي المختار اغفر وسامحنا ، من جانبة يقول المنشد محمد الحلبي إلى أن المسحراتي التهامي له موشح دعائي قبل الفجر ينادي بالاستعداد للسحور .
وأن من تلك التواشيح والأدعية :
يا أيها النوّام قوموا للفلاح…
واحمدوا الله الذي أجرى الرياح…
وأن جيش الليل قد ولى وراح..
فاشربوا وعجلوا فقد قرب الصباح..
اهازيج الاطفال لاستقبال رمضان
رحبوا يابنات رحبوا برمضان…
شهر امفضيلة وامسعيد من صام…
فارحين به عرب وسادة…
ورحبوا بمسجد امعبادة…
رمضان روَّح على السلامة…
أتي امسحور ركبوا امفدامة”.
وارمضان عجل بملحوح، وارمضان وامشربة تفوح.