العنف ضد المرأة في الحديدة .. التوعية غائبة
الحديدة نيوز- أفراح بورجي
لم تكن “رغد ” تتوقع ممن كانت تنتظر منه ان يغمرها بالحب والحنان ، ،ويكون لها درع حماية من كل خطر او ضرر يداهمها ، أن يحول حياتها الزوجية معه الى جحيم .
تزوجت “رغد اسم مستعار ” زواج تقليدي وهي بعمر 23 عام ، وقضت مع زوجها شهر العسل بمدينة الحديدة ، لكنها لم تذق من هذا العسل أي شيء ، بل ذاقت من زوجها عنفاً جسدياً ولفظياً وقسوة المعاملة ، في اول شهر في كنف الزوجية ، وتحولت حياتها الى كابوس مفزع ، حيث كان ينهال عليها بالضرب بشكل شبه يومي حسب قولها .
بعد قضاء شهر عسل مرعب عادت مع زوجها الى مدينته ،حيث تسكن عائلته في بيت واحد مع الاسرة في إحدى احياء صنعاء ، وكانت كل ما تريده زوج يحترمها ويسندها بأوقاتها العصيبة ، لكنها وجدته عكس امنياتها وطموحاتها ، فهي لا تعلم ما السبب الذي يجعل زوجها يتعامل معها هكذا ..
مضت ثلاثة أشهر على زواج رغد ،وحملت روحاً في احشائها ، وفرحت فرحاً شديداً ، ظناً منها أن زوجها سيفرح بذلك وسيتوقف عن ضربها حتى لا تصاب بأذى ، لكنه لم يتوقف بل استمر في ضربها ومعاملتها معاملة قاسية ، دون أي رحمة أو خوف على طفله الذي تحمله زوجته في بطنها .ورغم ذلك لم تخبر أسرتها بما تتعرض له من عنف جسدي ولفظي ، وكانت تصبر على ما تلاقيه منه حيث تقول ” ما كنت اشتي حد يدري اخاف من كلام الناس عشان السمعة”.
أكملت رغد حملها وهي تمتعض الالم والوجع والعنف القائم عليها من قبل زوجها وهي لازالت صابرة تأمل نفسها بأن الله يهديه ، لكن حقيقة زوجها كانت مليئة بالعنف ضد زوجته السابقة وكانت العائلة تخفي سلوك ابنهم غير السوي عن كنتهم الجديدة. فهي لم تكن تعلم انه تزوجها زوجة ثانية حيث أن زوجته الاولى خلعته بسبب تعامله غير الآدمي معها.
مشكلة قديمة تتفاقم يومياً
يعد العنف ضد المرأة من أقدم المشاكل التي تعاني منها المرأة اليمنية ، لكن هذه المشكلة ومنذ بداية الحرب في نهاية شهر مارس 2015 ازدادت بشكل كبير ، كما ان جائجة كوفيد19 أدت الى تفاقم المشكلة ، حيث ارتفع عدد النساء اللاتي تعرضن للعنف ، سواء من الأسرة او المجتمع .
ووفقاً لتقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان ، فان العنف ضد المرأة ازداد بنحو 63% ، وهذا يعني المزيد من حالات الاغتصاب والعنف المنزلي والزواج القسري وزواج القاصرات، إلى جانب الإيذاء الجسدي والنفسي والصدمات ، وأصبحت المرأة هي الضحية لهذه الحرب ،حيث أدت الظروف المعيشية الصعبة وفقدان الوظائف والنزوح ، الى ارتفاع معدل العنف الجنسي والجسدي واللفظي والاقتصادي وغيرها من أشكال العنف المعروفة .
غياب التوعية والقانون
الدكتور عبدالكريم غانم يشير في دراسة نشرها بموقع (عربي فلكس) حول تأثير الحرب في العنف ضد النساء والفتيات في اليمن ، أن العنف ضد النساء في اليمن يعد مشكلة متكررة، لاسيما في إطار الأسرة، وكما هو سائد في الكثير من المجتمعات، ومن المعيب من الناحية الاجتماعية القيام بالتبليغ عن الإساءة من قبل فرد قريب مثل الأب أو الزوج، كما أنه من العيب للغاية في الثقافة اليمنية ضرب المرأة أو إهانتها، رغم ذلك، فإن من حق الأب أو الأخ القيام بذلك من أجل تأديب الفتاة والمحافظة على شرف الأسرة، بحيث لا ينظر إلى مسألة التأديب على أنها أمر معيب، وتعتبر في العادة شأنًا داخليًا خاصًا بالأسرة.
وترى المحامية ماجدة حسن ” ان غياب القوانين الكاملة التي تحمي المرأة من العنف ، شجع الكثير على تعنيف النساء حيث لازالت الكثير من النصوص القانونية بحاجة للتعديل ،من اجل ان تساند المرأة في أخذ حقوقها عن طريق القضاء ، وتكون رادعه لمن تسول له نفسه ان يعنف المرأة .
وتشير المحامية : الى انه حتى وان وجدت القوانين ، فان المرأة اليمنية لا تذهب لتقديم بلاغات لاي جهة معنية ، وذلك بسبب العادات والتقاليد وخوفاً من كلام المجتمع ، فالمرأة تربت على ان السلطة بيد الرجال ولا يحق لها ان تشتكي اذا تعرضت للاعتداء.
الأخت هدى عوض ناشطة حقوقية في مجال المرأة تحدثت قائلة: بأن العنف يعصف بالمجتمع من جميع الجوانب، فهو يبدأ من داخل الأسرة ثم المجتمع ومن ثم يخرج إلى الدولة، وذلك بسبب غياب التوعية المناسبة حول هذه المشكلة التي تفاقمت بسبب الحرب والنزوح والأوضاع الاقتصادية ، ولذلك يجب على وسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني نشر التوعية للحد من أشكال العنف التي تعاني منها المرأة ،
وتضيف هدى ” بأن حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة كل عام ، لا بد من استغلالها لتوعية الاسرة والمجتمع بأهمية انصاف المرأة والوقوف الى جانبها ، إضافة الى استغلال هذه الحملة في مطالبة الجهات المعنية بالاهتمام بالمرأة والتخفيف من معاناتها وترك الفرص لها لممارسة حقوقها الشرعية والقانونية .