اللاجئون اليمنيون في السودان يبحثون عن حقوقهم
الحديدة نيوز / عبدالرزاق العزعزي:
نزَحَ اليمنيون من بلدهم بعد أن تصاعدت وتيرة الأحداث في اليمن، ليصبحوا لاجئين في دول مُتعددة قبلت باستضافتهم مثل جمهورية السودان.
منتصف مايو 2015 كان موعد وصولنا للسودان كبلد مستضيف قام بعد هذا التاريخ بمنح اليمنيين فرصة الدخول إلى أراضيها بدون تأشيرة ثم مساواتهم بالسودانيين من حيث المعاملة، وبغض النظر عن تطبيق القرار في مؤسسات الدولة أو عدم تطبيقه إلا أن عدد اللاجئين اليمنيين ارتفع.
استقبلت المفوضية السامية لشئون اللاجئين طلبات لجوء من يمنيين تعاملت معها بتمييز ونقص في تقديم الحقوق. المفوضية تُشكّل غطاء لحماية حقوق اللاجئين، وفي البلدان التي تشهد نزاعات وتُنتِج تحركات جماعية للاجئين: يتم الاعتراف بالجميع كلاجئين، هذا يؤدي إلى ضرورة أن يحصل الجميع على حماية ورعاية المفوضية التي أُنشئت لهذا الغرض.
تحت رحمة المفوضية:
يونيو 2015 كُنّا على موعد أول مع المفوضية، الثامنة صباحًا تواجدنا هناك. يقف حارس الأمن أمام باب الدخول، يقوم بتفتيش الجميع ثم ارشادهم لمكان الجلوس في الحوش الضَيّق، يجلس اليمنيون والسوريون في مكان منفصل عن بقية الجنسيات.
لحظات طويلة من الترقب والتفكير والحزن والخوف تقضيها بمشاعرك المختلطة التي يقطعها عليك صوت أحدهم بجوارك: “متى يجب علينا أن نقابل الموظف المسئول؟” تعود إلى مشاعرك مُجددًا حين تسمع حارس الأمن يقول: “إصبِر”.
بعد العاشرة، وأحيانًا الثانية عشر، يتم ابلاغك بالدخول إلى الحوش الأخير بغرض المقابلة الأولية، تقف في طابور طويل يتحرك ببطء، تقف بحسب موعد حضورك. في نهاية الطابور ثمة مُوظّف مسئول يقف خلف شُبّاك مُغلق جيدًا بالحديد؛ تتسلل منه فتحة مُربّعة لتمرير الأوراق.
“أنا وزوجتي وأطفالي الثلاثة هاربون من الحرب في اليمن، أتينا جميعنا إلى هُنا، لا نملك أي مصدر دخل ولا مكان للإقامة ووضعنا سيء للغاية” قالها لاجئ يمني للموظف المسئول الذي يُقلّب الأوراق المتراكمة فوق المكتب. يسأل عن سبب الزيارة ثُمّ يرد بأنه لا يمكنهم تقديم أي مساعدة وفي حال أمكنهم ذلك سيقومون بالتواصل مع الشخص بعد أن يدوّنوا اسمه ورقم هاتفه ولا يتم التواصل مُطلقًا.
العودة إلى البداية:
في نوفمبر 2015 قامت المفوضية بالتواصل مع بعض اليمنيين، قالت بأنها تستطيع المساعدة ويجب عليهم أن يتواصلوا مع بقية اليمنيين من أجل زيارتها ثُمّ شكّلت لجنة بعدد ستة أفراد.
توجّه يمنيون إلى مقر المفوضية، لم يكن التعامل مُختلف: “سنتواصل معك لاحقًا”، ثم لا يتم التواصل. ومهما زادت عدد زيارتك إلا أنك تستقبل ذات الرد.
حددت المفوضية ثلاث أيام في الاسبوع لاستقبال اليمنيين والسوريين عل? غير بقية الجنسيات التي تستقبلهم المفوضية طيلة أيام الاسبوع ومنذ بداية الدوام.
هذا الأمر دفع البعض للغضب ورفض مغادرة المكان، من فعل ذلك؛ من أصحاب العائلات، حصل “تسجيل” ثُمّ “ملف لجوء” وبطاقة لاستلام مساعدة شهرية. أيضًا الحالات الحرجة للغاية تم التعامل معها بهذه الطريقة.
حقوق غير مكتملة:
يقوم مكتب المفوضية في الخرطوم بالتمييز بين طالبي اللجوء عند “التسجيل”. قام بتسجيل بعض العائلات اللاجئة ولم يقُم بتسجيل الأفراد أو العائلات الأخرى.
حصلت العائلات اللاجئة على مساعدة شهرية يتم تسليمها بالعملة المحلية وتُعادِل مائة دولار في السوق السوداء ولا ترتفع مع ارتفاع سعر الصرف. كما يتم منحها مبلغ المساعدة دون مراعاة عدد أفراد العائلة. ناهيك أن الكثير قام باستلام مساعدة لشهر واحد فقط ثم تم قطع المساعدة.
حصلت أيضًا على “الصحة العامة” من خلال مركز خاص يقوم بالتنسيق مع مستشفيات تعمل على تخصيص ثلاث أيام فقط لاستقبال اليمنيين والجنسيات المختلفة وفي ساعات محدودة، وتقوم بتقديم دكتور “طب عام” وليس اختصاصي.
اللاجئون لم يحصلوا على “الطعام والغذاء، المياه، التعليم، المأوى وأي مساعدات حيوية أو مواد إغاثة”.
بطاقة المساعدة المالية التي يحصل عليها اللاجئ مدة صلاحيتها ثلاثة أشهر ثم يتم تجديدها، مكتب المفوضية في السودان لا يقوم بتجديد البطائق، ومؤخرًا توقف عن تقديم المساعدة الشهرية لحاملي البطاقة غير المنتهية وقام بسحب البطائق عن البعض.
التعليم.. حق مهدور:
تولي المفوضية السامية لشئون اللاجئين اهتماما خاصًا لتأمين التعليم كحق أساسي لكل لاجئ، وقامت بإعداد استراتيجية للتعليم تنتهي هذا العام ومن ثلاثة أهداف تهتم بالأطفال والشباب ومَنح فرص تعليم “ثالثي” للاجئين سواء عبر الدول المُضيفة أو التعليم عن بُعد.
مكتب المفوضية في السودان يقول إن قرار الرئاسة بمساواة اليمنيين مع السودانيين يجعل الشاب اليمني يحصل على حق التعليم بحسب ما تُحدده الحكومة السودانية. كثير من الجامعات لا تعمل على تطبيق قرار الرئاسة ما يضع اللاجئ اليمني الشاب أمام “التعليم كحق مهدور”.
الأطفال أيضًا لم يتم الاهتمام بتعليمهم، يقول موظفو المفوضية أنهم مرتبطين بالمدارس الحكومية فقط التي لا تطلب رسوم ولكن هناك مصاريف ترحيل ومجلس آباء ومصاريف أخر? ولم تقم المفوضية بتغطية هذه النفقات مما يُعرّض الأطفال للتسرّب من التعليم.
يمنيون يحتجون:
احتج يمنيون على “حقوقهم الناقصة”. نظّموا وقفة احتجاجية أمام مكتب المفوضية، رفعوا لافتة صغيرة: “اللاجئون اليمنيون يطالبون بحقوقهم” وتم ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية. استدعت هذه الوقفة لنزول شخص مسئول وإخبارهم أن رسالتهم وصلت وسيتم الجلوس معهم والنظر في مطالبهم ولكن يجب عليهم أن يقوموا بإنهاء الوقفة.
تم تشكيل عدد ستة أفراد كلجنة تتحدث باسم اليمنيين، طالبوا ب: “انتظام المساعدة الشهرية، إعادة التوطين، التعلم، الصحة، توفير فرص عمل ودورات تأهيل.
قام الشخص المسئول بتحديد يوم لجلوس اللجنة مع المسئول الأول في المفوضية ثم الاعتذار عن الموعد مرارًا بحجة الانشغال، أخيرًا حصلت اللجنة على موعد حقيقي لكنه لم يكن مع المسئول الأول بل مع ذات الشخص المسئول. مَنَحهم وعود إيجابية منها صرف مساعدة مالية كشهر اضطراري، ثم معالجة بقية المسائل.
هذه المساعدة العاجلة لن تكون للجميع ولكن لمن حضر الوقفة الاحتجاجية فقط مع اهمال بقية اللاجئين.
وعود غير صادقة:
لم يتم تنفيذ الوعود، يمنيون كانوا متواجدين في الوقفة توجهوا بعد الاجتماع لمقر المفوضية من أجل التسجيل أو استلام المساعدة الشهرية التي تم الاتفاق عليها، لم يحصلوا على أي شيء.
قامت اللجنة بتحديد موعد جديد لزيارة المفوضية. الأحد 28 أغسطس 2016 انتهى الاجتماع بوعود جديدة تقضي بصرف المساعدة الشهرية الخاصة بالشهر الاضطراري وإعادة البطائق المسحوبة وإيداع رصيد في البطائق سارية المدة والنظر في مسألة طالبي اللجوء.
انتهى أيضًا بقول مسئولية في المفوضية أن أي وقفات أخرى سيتم التعامل معها باستدعاء رجال الأمن. أما عن مسألة التعليم والصحة فقالت أنه تم رفع القضية للمختصين وبانتظار الرد.
لم تكن الوعود مُقنعة لأعضاء اللجنة الذين يطالبون بتصحيح وضع كافة اليمنيين وليس فقط الذين قامت المفوضية بمنحهم ملفات لجوء. عوضًا عن ذلك فإن وعود المسئولين في المفوضية لم تتوقف منذ عام وثلاثة أشهر.
يعيش اليمني في وضع مؤسف، شهود عيان تحدثوا عن عائلات يمنية توجهت إلى الولايات وبدأت بالتسول في المساجد، يخشى الجميع أن يُصبح هذا الفعل ظاهرة لاسيما مع انخفاض المساعدة التي يحصلوا عليها من المفوضية والعشوائية في التعامل.