المرأة الريفية بالحديدة….تهميش وحرمان من الحقوق
الحديدة نيوز _ خاص_ عرفات مكي
بإلحاح وإصرار شديدين حاولت حنان الفقيهي (23 سنة) من قرية العطاوية بمديرية الزيدية التي تبعد عن الحديدة بـ 70 كيلومتر، إقناع والدها من السماح لها بإكمال تعليمها الثانوي في إحدى مدارس مركز المديرية لكنه يصر على عدم الموافقة ليس بسبب الحرب ولا انعدام المواصلات ولكن بسبب العادات والتقاليد التي يتمسك بها نتيجة الثقافة المغلوطة والتي تنص على عدم السماح للفتاة بمواصلة التعليم .
تتحدّث حنان لموقع (الحديدة نيوز) قائلة ” لم يمنعني والدي عن الالتحاق بمدرسةٍ ثانوية لأنه غير موافق أو بسبب الحرب أو انعدام المواصلات ولكن بسبب العادات والتقاليد في مجتمعهم والتي ترى أن البنت ليس لها سوى البيت، وإشغال نفسها بأعماله فقط والذهاب لجلب المياه حيث خاف والدي من المجتمع وحديثه عنه بأنه سمح لابنتهِ أن تذهب إلى المدينة وتدرس ….
تقول المتحدّثة أن الناس في قريتها تتحكم بهم ثقافة العيب والتي جاءت نتيجة عادات وتقاليد قديمة ترى أن المرأة مكانها الوحيد البيت فقط ، وللأسف لازالت الأسر في القرى الريفية تسير وفق هذه العادات التي تسببت في حرمان الفتيات من أبسط حقوقها وهو التعليم…
مهام المرأة الريفية عائق في إكمال تعليمها !
منذ مئات السنين تنظر المجتمعات الريفية في اليمن للمرأة بأن وظيفتها تتمثل في جلب المياه وتربية المواشي ومساعدة أسرتها في الزراعة، وغير ذلك لايحق لها ولايتم السماح لها بأي دور آخر ترغب القيام به أو المشاركة فيه فهي محرومة حتى من المشاركة في إبدآء الرأي في شؤون منزلها وكذلك من التعليم والمشاركة في الفعاليات المجتمعية
حيث يقول الدكتور حسن ابوالغيث ” للأسف الشديد لازالت المرأة الريفية تعاني كثيراً ومحرومة من كافة حقوقها رغم ما تقوم به من دور كبير في مجتمعها وخصوصاً الجانب الزراعي لكنها تواجه تجاهلًا من المجتمع اليمني وحرمانًا من كثيرٍ من الفرص والحقوق.
ويضيف ” لقد ازداد في السنوات الأخيرة الاعتماد على المرأة الريفية خصوصًا بعد أن زادت هجرة الرجال من القرى الريفية إلى المدن أو الدول المجاورة بحثًا عن الرزق.
ويرى الدكتور حسن أن الأسباب الرئيسية في حرمان الفتيات في الريف اليمني ليس فقط بسبب العادات والتقاليد بل أيضا بسبب غياب التنمية وعدم قدرة الحكومة على بناء مدارس كافية وقريبة من كل القرى لتشجِّعَ أولياء الأمور للسماح لفتياتهم بالذهاب إلى المدرسة، ولهذا تجد من أكملَتْ دراستها الثانوية ترى بأنها حققت إنجازاً كبيراً….
“أرقام وإحصائيات”
تعتبر محافظة الحديدة إحدى المحافظات اليمنية الكبيرة حيث يبلغ تعداد سكانها ما يقارب 3 مليون نسمة ، و ذكر مركز المعلومات بمحافظة الحديدة أن الحديدة بها 26 مديرية وتتباين هذه المديريات من حيث عدد سكانها وتجمعاتها السكنية وعدد عزلها ومساحاتها، وتضم هذه المديريات في إطارها 136 عزلة و 5464 تجمعاً سكنياً ما بين مدينة وقرية ومحلة وحارة وهو ما يعني وجود تشتت سكاني كبير يجعل الحكومة غير قادرة على بناء مدارس في كل هذه المديريات والقرى والعزل ، حيث يوجد بالحديدة 1400 مدرسة حكومية وأهلية موزعة على كل هذه المديريات وبلغ عدد الطلاب الدارسين فيها للعام الدراسي 2019/2020 حوالي 600 ألف طالب وطالبة فقط وهو ما يظهر حجم الفجوة الكبيرة بين المتقدمين وعدد السكان فيما يظهر إجمالي عدد المدارس أيضا عدم توازنها مع إجمالي عدد القرى والعزل وهو مايثبت وجود فجوة كبيرة وعدم وجود مدارس كافية..
ووفقاً للمجلس الوطني للسكان يعاني 45,3 % من سكان اليمن من الأمية في حين لا تتجاوز نسبة الانخراط بالمدارس الابتدائية 62,5 % في بلد لا يتجاوز عمر 45 % من سكانه الخامسة عشرة .
كما تشير إحصائيات حكومية في اليمن بأن هناك أكثر من 100 ألف تجمع سكاني أغلبها في الأرياف حيث يبلغ تعداد سكان اليمن ما يقارب 29 مليون نسمة معظمهم يعيشون بالريف …
“المزرعة بدلاً من المدرسة”
لم تكن حنان هي الوحيدة التي حُرِمَت من إكمال تعليمها فالفتاة بلقيس هي كذلك تحطمت أحلامها برفض أسرتها وتضيف” لقد كنت أحلم أن أكمل تعليمي وألتحق بكلية الطب فقريتنا لاتوجد بها حتى ممرضة واحدة وهو ما يفاقم من معاناة المرضى وخصوصاً النساء ولكن رفض والدي فكرة إكمال تعليمي ولكن هناك من أخواتي وصديقاتي مَن يرونَ بأني محظوظة بأن استطعت إكمال دراستي الثانوية فأخواتي الثلاث لم يتم السماح لهنَّ حتى بالدراسة الابتدائية فأمي وأبي دائما يقولون لنا أن البنت ليس لها سوى بيتها وزوجها..
بلقيس التي تسكن أيضا في قرية ريفية بالحديدة تقول ” أذهب برفقة أخواتي للمزارع صباح كل يوم بدلاً من المدارس كما هو حال أغلب فتيات القرية فبدلاً من أن نحمل في أيدينا الدفاتر والكتب والأقلام نحمل (الشريم) ومعدات أخرى نستخدمها في زراعة أرض والدي..
وترى محدثتنا أن طموح المرأة دائماً ما يواجه أمامه الكثير من العوائق تمنع تنفيذه وللأسف هذه العوائق يمكننا التغلب عليها بتوعية المجتمعات الريفية وإيجاد بنية تحتية تشجع أولياء الأمور على السماح للمرأة بالحصول على حقوقها…
“عادات وتقاليد تحكم المجتمع”
الناشط الحقوقي عبدالله بن عبدالله يقول “للأسف الشديد لاتزال المرأة الريفية تعيش في مجتمع يتحكم فيه الرجال وينظر للمرأة بنظرة قاصرة معتمداً في ذلك على عادات وتقاليد قديمة شرعنت للمجتمعات القيام بحرمان المرأة من حقوقها وممارسة أشكال العنف عليها
وهو ما يستدعي من المرأة أن تسعى لانتزاع حقوقها من أي شخص أو جهة رسمية أو غير رسمية وعليها أن تفهم أن الحقوق تنتزع ولا تُوهب.
ويضيف” رغم تدخل بعض المنظمات في القرى الريفية إلا أنَّ هذه التدخلات لازالت خجولة ولم تلامس هموم وقضايا المرأة ولم تصل إلى المطلوب وهو ما يتطلب من تلك المنظمات أن توسِّع تدخلاتها خصوصاً في توفير بنية تحتية كالمدارس والمراكز الصحية خصوصا بعد أن عجزت الجهات الحكومية في تلبية احتياجات كل القرى من المشاريع الخدمية….