المقاومة الجمالية لبشاعة الحرب
الحديدة نيوز/خـــــــــــــــاص
الفن الأصيل هو من يلتقط واقع و”روح العصر” ويعكسه جمالياً معبراً في عمله الفني عن جوهرٍ إنسانيٍ خالد. وفي هذه المرحلة المفصلية من تاريخنا اليمني، عكس الفن التشكيلي الملتزم بالقضايا الانسانية والوطنية روح هذه اللحظة، بأوجاعها وكبرياؤها بلهف الناس للسلام وللحياة رفضهم للقهر والاستعمار.
الفنان التشكيلي اليمني وهو بطبيعته الاجتماعية جزء من الحياة البسيطة غير مستقل عن هموم الناس والوطن. وبحسه الجمالي الانساني المُرهف، عبرَّ عن اختلاجاته النفسية العميقة في لوحات عديدة جمالية مقاومة لبشاعة الحرب، وإن كان صدى الانتاج التشكيلي لم يشيع كبقية الفنون الزامل والقصيدة والفلم والأنشودة وهي اشكال فنية يقترن تأثيرها النفسي ببقاء الواقع الاجتماعي العسكري المعاش فتشبع هذه الاشكال الفنية الجانب النفسي الذي يحتاجه الانسان للصمود في ظل بقاء الواقع، ثم تكف تدريجياً عن اعطائه نفس الانفعالات الشعورية في المستقبل بعد تبدل الواقع وتطوره.
لكن المميز في الانتاج الفني التشكيلي انه يخلد روح عصره ولحظته التاريخية ويحمل معه الانفعالات النفسية الى المستقبل فتظل اللوحة تحمل الشعور بالروعة وكان الحدث ما زال راهنا، ويستمر منتوج الفن التشكيلي في اشباع الحاجات الجمالية وإثارة الانفعالات النفسية حتى بعد تجاوز العصر التي انتج فيه.
الفن التشكيلي اليمني في زمن الحرب شكل الانتاج الفني اليمني خلال ثلاثة اعوام بتأثيرات هذه المرحلة؛ فعكس موضوعات الحياة الإجتماعية؛ بُبعديها، المظلومية التي يعانيها الشعب اليمني من التدخل العدواني الخارجي الاجرامي والنيران الأهلية المؤسفة التي اشتعلت مرافقة للتدخل الخارجي، وبُعد المقاومة الوطنية اليمنية، والصمود الشعبي والعسكري وهي ملاحم، ستُخلد للأجيال القادمة، والفن التشكيلي هو أحد تلك الاشكال المميزة التي تخلد بها الشعوب قصصها.
ليست الحرب موضوعاً بعيداً عن الفنان الذي يملك نفساَ انسانية شفافة، ولطالما اخذ الفن التشكيلي دوره في المقاومة، وتعد “غيرنيكا” لوحة الفنان العالمي «بيكاسو» التي تعكس آثار تدمير القنابل الألمانية عاصمة اقليم الباسك «غيرنيكا»، أثناء الحرب الأهلية الاسبانية بين 1936 – 1939، ابرز اللوحات التي عبرت عن المقاومة الابداعية لريشة الفنان في مواجهة الطائرات والقنابل المدمرة. سقطت النازية الالمانية وذهب الدكتاتور الاسباني «فرانكو»، وبقيت لوحة بيكاسو حتى اليوم مؤثرة تدين النازية. وستنتهي الحرب العدوانية على بلادنا لتبقى اللوحة الفنية المُعبرة.
لوحة اليمن السعيد، ملامح شعب!
وجه ذو جَلال مُهاب لشيخٍ عتيقٍ يتلألأ في عينه فرحُ الطفولةِ المسروق، انيقٍ موشى بالجمال، في بيت فقير من خلفه عمود نافذة من الخشب ظهرت عليه تجاعيد الزمان، يُطل على ركام الحرب، ومن خلف الركام غيوم صيف واعد يجرحها لون غروب حزين مخضب بدماء الأبرياء، هكذا تبدو البلاد في لوحة اليمن السعيد للفنان التشكيلي اليمني ردفان المحمدي.