اليمنيات يواجهن الحرب بالإنسانية … 

‏  6 دقائق للقراءة        1093    كلمة

الحديدة نيوز / فاطمة مطهر

بينما اختار الرجال حمل السلاح – أو أجبروا على ذلك- والذهاب للقتال كان للنساء خيارًا حتميًا وهو التوجه للبيوت وتحسس الأضرار التي سببها المتقاتلون لأسرهم وذويهم.

وخلال خمس سنوات من الحرب في اليمن، برزت العديد من النساء والشابات العاملات في المجال الإنساني والتخفيف من آثار الحرب، يقدن مبادرات إنسانية وإغاثية منها بشكل فردي ومنها ماهو مؤسسي، فهناك أكثر من 24 مليون شخص – حوالي 80 في المئة من السكان – بحاجة لمساعدة إنسانية، بينهم أكثر من 12 مليون طفل، بحسب إحصاءات برنامج الأمم المتحدة للطفولة يونيسف.

وخلفت الحرب حتى الآن 250 ألف قتيل، وخسائر تقدر بحوالي 88.8 مليار دولار، بحسب تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي أشار أيضًا إلى أن الحرب دمرت إنجازات عقدين من الزمن، وتراجع اليمن 20 عاماً للوراء!

ريهام البدر
ريهام البدر

تهديد ومخاطر

تواجد النساء في المجال الإنساني “المدني” لا يعني أنهن في مأمن من الخطر، بل يتعرضن له وبأشكال متعددة، وصلت للقتل الذي طال في 8 فبراير 2018 الناشطة الإنسانية ريهام البدر في مدينة تعز- 265كم جنوب صنعاء-.

“ريهام” الإنسانية الأبرز فقدت حياتها في يوم عمل إنساني روتيني على يد قناص حوثي في 8 فبراير 2018، بدأت نشاطها الإنساني خلال الحرب والتي كان لمدينة تعز فيها النصيب الأكبر من الدمار والانتهاكات والاحتياج الانساني، فتجاوزت خطوط النار لإنقاذ المدنيين المحاصرين لتقديم العون لهم من علاج وغذاء ورصد وتوثيق حالاتهم وما يتعرضون له من انتهاكات. وأسست عددًا من المبادرات الإنسانية لمساعدة أبناء المدينة المحاصرة.

وتخليدًا لذكراها أنشأت صديقتها “نسيم العديني” في أبريل الماضي مؤسسة الشهيدة ريهام البدر للأعمال الإنسانية والتنموية “لتبقى رهام فكرة خالدة في ذاكرة الأجيال، ومشروع حياة لا تموت”، كما قالت العديني في حفل التدشين.


• محرم: النساء أكثر من عملن بالإغاثة وهن أكثر الضحايا ولم يتم انصافهن


شفيقة مرشد
شفيقة مرشد

وسواء كانت المرأة تعمل مع جهة حكومية أو غير حكومية فلا فرق في التعرض للخطر، تقول الدكتورة أشواق محرم –الناشطة الطوعية في الإغاثة الإنسانية-: “خلال سنتين الحرب كانت معاناتي كبيرة بالذات 2016 كنت أحاول النزول للريف، وكانت الحرب والوضع الأمني السيئ أبرز العراقيل التي واجهتها، إذ تعرضت للمنع والتهديد والشتم والتطاول.. ولكنني استمريت”.

وأضافت: “النساء هن أكثر من عملن بالإغاثة الإنسانية في الحرب وهن أكثر ضحايا الحرب، ولم يتم انصافهن أو تسهيل مهمتهن، فهناك من تم تهديدها وتم حجزها وتم سجنها ولكنها استمرت بالعمل سواءً بشكل فردي أو مؤسسي”.


• شفيقة محمد: لا يوجد أية إجراءات ولا معايير للسلامة اثناء قيامنا بالإغاثة 


فيما تروى شفيقة محمد الموظفة بالشؤون الاجتماعية عن تعرض المكان الذي كانوا يقومون بأعمال إغاثة فيه –منطقة تماس للمتحاربين بالضالع- لانفجار لغم لحقه إطلاق قذيفة.

وتضيف: ” لا يوجد إجراءات ولا معايير للسلامة، فقط ما تقوم به الجهة و هو التواصل بالطرف أو الأطراف المسيطرة و إبلاغهم بموعد نزولنا”.

وكانت الأمم المتحدة طالبت بحماية العاملين والعاملات في مجال تقديم الخدمات الإنسانية، مشيرةً – في بيانها بمناسبة اليوم العالمي للعمل الانساني- إلى أن لديها ما يصل إلى 250 ألف امرأة يمثلن حوالي 40% من عدد العاملين في المجال الإنساني، وقالت أنهن يتعرضن لمخاطر عديدة تشمل الاعتداءات الجنسية والاختطاف، وغيرهما من أشكال العنف، بما يصل معدله إلى خمس هجمات أسبوعيا في المتوسط.

        ⇐        إقرأ أيضًا |                                 يمنيات يروين معاناتهن خلال الحرب

أشواق محرم
أشواق محرم

إصرار ورضا

بدأت أشواق محرم طبيبة النساء والولادة، عملها الطبي كمتطوعة في عدد من المراكز الصحية بالحديدة منذ العام 1998 ولمدة أربعة أعوام.

تقول محرم: ” كنت أنزل بسيارتي للأرياف وآخذ معي قابلة أو ممرضة ونقدم الخدمات والمعاينه والأدوية لمن يحتاجها”.

ولا تزال اشواق محرم تمارس عملها الانساني حتى اللحظة، رغم بعد أسرتها واضطرارهم للبقاء في الخارج حيث يتلقى زوجها العلاج ترافقه ابنتهما، بينما سافر ابنها للدراسة.

ولكن، “سأستمر في عملي الاغاثي والانساني”، قالت.


• الأمم المتحدة: لدينا 250 ألف امرأة يعملن في المجال الإنساني ويتعرضن لمخاطر عديدة تشمل الاعتداءات الجنسية والاختطاف


ومن الأعمال التي أنجزتها محرم: بناء مجمع يتكون من فصول دراسية ومركز صحي ومختبر، وشراء دراجات نارية لبعض المواطنين وماعز وأغنام كمصدر دخل للأسر الفقيرة، وحفر عدد من الآبار في بعض القرى، وعمل منظومة متكاملة بالطاقة الشمسية للمياه لعدد 42 قرية، وأشارت محرم أن كل هذا يتم بدعم شخصي منها ومن أسرتها وأصدقائها وفاعلي الخير.

أما شفيقة محمد فتقول ان العمل الإغاثي غير كثيرًا من شخصيتها ومن نظرتها للحياة، “جعلني العمل الانساني أكثر وأكثر قربا من معاناة الناس، ومعرفة حجم تلك المعاناة، جعلني أحس وأشعر بالمسؤولية تجاههم”

وتضيف:”أشعر بالسعادة أثناء خروجي الصباح لأداء عملٍ ما أو مهمة بهذا المجال وكأنني وقتها ذاهبة إلى “جنة” رغم ما نواجهه من صعوبات ومخاطر تهدد حياتنا لكننا حينها نسلم الأمر لله واستودعه أنفسنا”.

لكن هذه السعادة بتقديم المساعدة يصاحبها ألم وأسىً عند رؤيتها للأوضاع القاسية و المأساوية التي يعاني منها الناس: ” أبكي من كل قلبي لما أراه أو أسمعه من معاناة مختلفة وأوضاع صعبة تجعلني ألعن الحزب ألف مرة الحرب وتجار الحروب وقادتها ولصوصها وعملائها”.

المصدر | البوابة اليمنية للصحافة الإنسانية- أنسم

عن gamdan

شاهد أيضاً

في ذكرى رحيل الشيخ القاز .. رجل المواقف الحافلة بألق النضال وشجاعة الإقدام

‏‏  3 دقائق للقراءة        469    كلمة الحديدة نيوز // كتب // بشير القاز في مثل هذا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *