لم يستبعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تعلن موسكو وواشنطن قريبا عن التوصل إلى اتفاق بشأن التسوية في سوريا.
ووصف بوتين في مقابلة مع وكالة “بلومبرغ” بثت يوم الجمعة 2 سبتمبر/أيلول، المحادثات حول الأزمة السورية بأنها صعبة جدا، وقيم عاليا مساهمة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في تجاوز الخلافات بين موسكو وواشنطن. وفي الوقت نفسه، أكد الرئيس بوتين أن الطرفين يتحركان بشكل تدريجي في الاتجاه الصحيح.
واستدرك قائلا: “إننا نتحرك تدريجيا في الاتجاه الصحيح. ولا أستبعد أن نتمكن في القريب العاجل من التوصل إلى اتفاق وسنقدم اتفاقنا للمجتمع الدولي”.
واستدرك قائلا “كما تعرفون تجري المفاوضات بصعوبة فائقة. وتكمن إحدى الصعوبات الرئيسية في ضرورة الفصل بين ما يسمى بالمعارضة المعتدلة من جهة والتنظيمات المتطرفة والمنظمات الإرهابية من جهة أخرى. نحن نصر على ذلك، ولا يعارض ذلك شركاؤنا في الولايات المتحدة… لكنهم لا يعرفون كيف يمكننا أن نحقق ذلك”.
وأوضح بوتين أن التطورات الأخيرة في سوريا تترك لدى روسيا انطباعا بأن “جبهة النصرة” والتنظيمات المماثلة تغير ألوانها كالحرباء وتبدأ بابتلاع ما يسمى بالجزء المعتدل من المعارضة السورية، وحذر من خطورة هذا الوضع. واعتبر الرئيس الروسي أن الحديث لم يعد يدور عن صراع داخلي، إذ تضم هذه التنظيمات مسلحين أجانب يتلقون الأسلحة والعتاد من الخارج.
واستطرد قائلا: “على الرغم من كل هذه الصعوبات، نحن نسير على الطريق الصحيح. وعلي أن أشيد بالعمل الهائل الذي قام به وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. أنا مندهش لصبره وإصراره”.
وأضاف بوتين أن روسيا وتركيا تسعيان أيضا لعقد اتفاقات ثنائية حول سوريا.
بوتين: التحولات السياسية في سوريا يجب أن تنجم عن التغيرات الطبيعية في المجتمع السوري
أكد الرئيس الروسي على سعي موسكو وأنقرة المشترك للتوصل إلى توافق حول قضايا المنطقة، بما في ذلك القضية السورية.
واستطرد: إنني ما زلت أعتقد، مثلما كنت أعتقد في السباق، أنه لا يجوز اتخاذ أي قرارات من الخارج حول مصير الأنظمة السياسية وتغيير الحكومات. وعندما أسمع تصريحات حول ضرورة رحيل رئيس ما، ليس من داخل البلاد، بل من خارجه، يثير ذلك لدي تساؤلات كثيرة”.
ودعا بوتين إلى التحلي بالصبر، وأعرب عن ثقته بأن الحكمة السياسية تكمن في هذا الصبر. وأضاف أن ثقته هذه تتعزز بسبب أحداث السنوات العشر الماضية، وتحديدا محاولات “الدمقرطة” في العراق وليبيا. وذكر بأن هذه المحاولات “أدت في حقيقة الأمر إلى تفكك كيان الدولة وتفشي الإرهاب”.
وتساءل قائلا: “أي عناصر ديمقراطية نراها في ليبيا؟ ربما ستظهر مثل هذه التحولات في فترة مستقبلية ما، وإنني أعول على ذلك كثيرا… أما الحرب الأهلية المستمرة في العراق – ما سيحصل مع العراق في المستقبل؟ لا توجد هناك أي أجوبة، بل فقط تساؤلات كثيرة”.
واعتبر الرئيس الروسي أن المنطق نفسه يشمل سوريا. وأوضح قائلا: “إننا عندما نسمع أن على الأسد الرحيل (نسمع ذلك من الخارج لسبب ما)، يثير ذلك لدي تساؤلا كبيرا – إلى أي نتيجة سيؤدي ذلك؟ هل يتناسب ذلك مع أحكام القانون الدولي؟ أليس من الأفضل أن نتحلى بالصبر ونعمل على المساهمة في تغيير هيكلية المجتمع، وننتظر حصول التحولات الطبيعية في داخل البلاد”.
وأكد بوتين: “نعم، لن يحصل ذلك بين ليلة وضحاها، ولكن ربما تكمن في ذلك الحكمة السياسية وهي في عدم التسرع في إقرار الأشياء مسبقا، وفي توجيه التغيرات الهيكلية في المنظومة السياسية للمجتمع بشكل تدريجي”.
كما أكد بوتين أن الجانب الروسي على اتصال دائم بالشركاء الأتراك، ولا سيما فيما يخص العملية العسكرية التركية في سوريا.
وشدد قائلا: “إننا نعتبر أي شيء لا يتوافق مع القانون الدولي، مرفوضا. لكننا على اتصال على المستوى السياسي وعلى مستويي وزارتي الدفاع ووزارتي الخارجية”.
وبشأن توجه موسكو لتطبيع الحوار مع أنقرة، قال بوتين إن الجانب الروسي ينطلق في ذلك من الاعتذار الذي قدمته تركيا بشأن حادثة إسقاط قاذفة “سو-24” في سماء سوريا والخسائر البشرية الناجمة عن هذا الهجوم ، مشددا على أن الاعتذار التركي جاء بصورة مباشرة وبلا مواربات، وهذا ما تقدره موسكو. وتابع أن روسيا ترى اهتماما صريحا من جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باستعادة العلاقات كاملة النطاق مع روسيا انطلاقا من مصالح موسكو وأنقرة المتطابقة في منطقة البحر الأوسط وفي الشرق الأوسط وعلى مستوى العالم.
لافروف: توصلنا إلى تفاهم مع واشنطن بشأن العديد من المسائل حول سوريا
من جانبه أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو وواشنطن توصلتا إلى تفاهم بشأن العديد من المسائل حول سوريا، معربا عن أمله في إكمال العمل على وضع صيغة للتنسيق المشترك خلال أيام.
وقال لافروف في مؤتمر صحفي في فلاديفوستوك الجمعة 2 سبتمبر/أيلول، “الأهم أن أي اتفاقات مع الأمريكيين بشأن الخطوات العملية والتنسيق ضد الإرهابيين لن تكون قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، ما لم ينفذ شركاؤنا الأمريكيون وعودهم بالابتعاد عن الإرهابيين وقبل كل شيء عن “جبهة النصرة”.
وأصاف الوزير الروسي: “على مستوى العسكريين والاستخبارات الروسية والأمريكية تستمر الاتصالات اليومية والأسبوعية من أجل وضع مثل هذه الصيغة (للتنسيق)”.
المصدر: وكالات