جمهورية الوساطات ..!
بقلم/
بعد تشكيل عديد اللجان التوفيقية المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني رأينا كذلك تشكيل لجان وساطة متعددة، سواء تلك التي كانت منبثقة عن مجلس النواب أو مجلس الوزراء.. وكلها لجان تتوسط لمعالجة كثير من الإشكالات المنتصبة أمام المجتمع والدولة على حـد سواء.
وفي هـذا السياق نتذكر اليوم اتساع مخاطر الاقتتال القبلي في أجزاء كثيرة من الوطن، ونتذكر أيضاً جهود الحكومة التي اقتصرت على مجرد تشكيل لجان وساطة في محاولة لإيقاف كرة اللهب هـذه التي يمكن أن تأتي على الأخضر واليابس؛ وذلك بهدف تقريب وجهات نظر الأطراف المتحاربة، ووضع حد لنزيف الاقتتال ومحاولة إيجاد تسوية مرضية لإيقاف رحى الحرب، دون أن تتبلور نتائج ملموسة لتلك الوساطات الحكومية!
ولسنا بحاجة هنا إلى الاستدلال أكثـر لتبيان عدم جدوى هذه الوساطات في ما يحدث الآن في صعدة وعمران، وذلك من خلال الاحتراب بين الحوثيين والسلفيين في منطقة دماج بصعدة من جهة وكذلك في الحرب الضروس التي تدور بين حاشد والحوثيين في منطقة العصيمات من جهة أخرى.
ومع تزايد أعداد لجان الوساطات هذه.. يتساءل البعض عن أسباب غياب دور الدولة في بسط نفوذها وسيادتها لوقف هذا النزيف في خاصرة الوطن؟! وتساؤلات أخرى عديدة ومريرة يطرحها هؤلاء في إطار البحث عن مبررات هذا العجز، وفيما إذا كانت الدولة قد أسندت مسؤوليتها إلى مصلحة شئون القبائل وبعض الوجاهات، مكتفية فقط بدور المتفرج على ما يدور؟!
ومــع الأسـف الشديد، فإن هذه النماذج المصغرة من الاحتراب المؤسف الذي يراق على جوانبه دماء اليمنيين وتستنزف فيه الإمكانات البشرية والمادية المهولة، تشيـع مناخاً من التشاؤم تجـاه العملية السياسية وإمكانية قيام دولة المؤسسات والنظام والقانون التي يتطلع إليها اليمنيون بكل تفاؤل واستبشار ،وبخاصة مع اقتراب الاتفاق على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، فضلاً عن خطورة هذا الاحتراب على السلم الأهلي والاستقرار في عموم الوطـن.
وتجاه تعدد هذه الوساطات فإنني أقترح – على سبيل التندر – أن يطلق اسم جمهورية الوساطات..! بدلاً عن التسمية المرتقبة لليمن في الدستور القادم، وذلك لكثرة الوساطات التي تطلقها الدولة، ولا مجيب !!