حلول مبتكرة للتغلب على سلبيات مكاتب العمل المفتوحة

‏  8 دقائق للقراءة        1470    كلمة

lkl

حلول مبتكرة للتغلب على سلبيات مكاتب العمل المفتوحة

 الحديدة نيوز/خــــــــاص

هل شعرت يوماً أنك تحتاج أن تعمل من داخل “فقاعة” خاصة بك؟ بعض الموظفين في باريس يمكنهم ذلك بالفعل. فقد طلبت شركتا بونس وأوت، وهما شركتان لإنتاج معدات مواجهة الحريق في عام 2006 من المهندس المعماري كريستيان بوتجيسير، الذي يدير عمله في باريس، أن يصمم مساحة خاصة توفر الخصوصية داخل المساحات المفتوحة في مكاتبهما.

ولم يصممم بوتجيسير مكاتب تفصلها حواجز، بل صمم شيئاً يناسب مساحة المكتب، ويشبه البيوت البلاستيكية لزراعة النبات.

يتوسط المبنى مكتب خشبي طويل مصمم بشكل انسيابي، وتحيط المكاتب أشجار صغيرة. فقرر بوتجيسير أن يصمم فقاعات شفافة ملتصقة بالمكتب، يمكن من خلالها للموظفين التمتع بالخصوصية، مع الحفاظ على التمتع برؤية ما يحيط بهم، كما يقول.

ورغم أن هذه “القباب” قد لا تحافظ على الخصوصية، إلا أن مادة الزجاج البلاستيكي المقوى المستخدمة عازلة للصوت داخلها وخارجها، ويضيف بوتجيسير: “داخل هذه القباب لا يُرى أحد. تبدو كأن الكل يرون بعضهم البعض، وهذا ليس صحيحاً، فالضوء ينعكس خارجاً من قمة القباب ما يجعل من الصعب أن ترى ما في داخل تلك الفقاعات”.

من النادر اليوم أن تجد لكل موظف مكتبه الخاص رغم أن دراسات كثيرة أظهرت أن العمل في مكان مغلق هو أكثر إنتاجية من العمل في مساحة مشتركة ذات طاولات تفصلها حواجز.

شركة “إيه جي” لأنظمة الشبكات المفتوحة، وهي شركة لأمن الشبكات والمعلومات، ومقرها زيورخ في سويسرا، فضّلت أن يستخدم موظفوها مكاتب مغلقة، لكنها ترغب كذلك في بث روح الإبداع بينهم.

وأعطيت مهمة توفير مساحة مفتوحة للعمل تساعد أيضا على الإبداع والابتكار، للمهندس المعماري رالف ميوري، مؤسس شركة ميوري للهندسة المعمارية في زيورخ.

لكن الشركة لم توافق على النموذج الأول الذي اقترحه ميوري. ويقول: “لقد أجروا مسابقة للمعماريين، لكنهم لم يعجبهم المفهوم الذي قدمته. لكنهم أحبوني، ولذلك قمت بمحاولة أخرى”.

وعندما عرف ميوري أكثر عما تريده الشركة بالضبط، وهو مزيج مرن بين مساحة يمكن اعتبارها مفتوحة ومغلقة في الواقت ذاته، ويمكن وضع المكاتب فيها في أي مكان في المبنى، تمكن من تطوير مفهوم يعرف باسم “وورك بود” (أو حجرات العمل)، وهو مكتب على شكل مكعب ذي بابين زجاجين على جانبيه، يمكن فتحهما وإغلاقهما بسهولة حسب رغبة الموظفين.

وتبدو مكاتب العمل هذه كأنها حوض سمك، حيث يجلس الموظفون على مكاتب محاطة بأربعة جدران زجاجية، وكل حجرة لها ميزات المكتب المغلق أيضا، بما في ذلك الطاولة الثابتة حيث يمكن للموظفين وضع حواسيبهم وصور عائلاتهم، وعند غلق الأبواب الزجاجية، تكون الأصوات الخارجية معزولة تماماً، مما يسمح بالعمل في هدوء تام.

وعندما يتطلب العمل تعاوناً مشتركاً، يمكن للأبواب أن تفتح بسهولة، وإذا فتح الجميع أبوابهم يصبح الوضع كالمكاتب المشتركة التقليدية.

بالنسبة لميوري والموظفين، فإن حجرات العمل متعددة الأغراض هذه هي أفضل أنواع المكاتب، ويوضح ميوري قائلا: “الخروج بمثل هذا المزيج هو أفضل حل. فالمساحات المفتوحة جيدة، لكنها تحتاج فقط أن تُصمم بطريقة جيدة أيضا”.

وصنع بوتجيسير ثماني قباب فقط، لكنه يقول إن تصميمات مماثلة صممها آخرون موجودة في مباني كثيرة حول العالم

قد يبدو هذا وكأنه من فيلم خيال علمي، لكنه بالفعل يعطي الناس خيار الابتعاد عن زملائهم إذا رغبوا في التركيز على العمل في عزلة عن الآخرين.

ويقول: “هذه الفكرة تُطرح حتى في فرنسا على أنها تمثل مكاتب المستقبل، لأن تصاميم المكاتب عادةً تأتي كلها على نسق واحد، لكن الناس يجدون الفكرة مفيدة إذا أرادوا التركيز في حدود مكتبهم ذي المساحة المشتركة”.

وقد استخدمت المساحة المفتوحة الآن كمكان

مشترك للعمل الجماعي، وانتقلت الشركتان إلى تلك المكاتب التي تحتوي على الفقاعات البلاستيكية.

عندما تصمم فيردا ألكساندر، مؤسِسة “استوديو أو آند إي” وهي شركة هندسة معمارية في سان فرانسيسكو، مكاناً جديدا، تحرص على أن تجعل فيه “ملاجئ”، يمكن للموظفين الهرب إليها من زملائهم كثيري الثرثرة. فقد صممت عدداً من نماذج مختلفة في إطار هذا المفهوم، من غرف تشبه الخيم أو الأكواخ الدائرية، إلى حجرات يمكن للناس فيها الحصول على بعض الهدوء.

وقد طلبت منها شركة “كابيتال ون” المالية عام 2013 أن تصمم مساحة يمكن استخدامها بطرق متنوعة. وحسبما تقول: “أرادوا غرفة تتنوع ما بين غرفة المكتب، وقاعة المؤتمرات”.

وأرادت ألكساندر أن تصمم مساحة هادئة للموظفين للالتجاء إليها بمعزل عن الآخرين. وبدلاً من بناء مساحة تقليدية هادئة للاجتماعات، صمم فريقها ما يعرف باسم “العُش”، وهو مكان معزول يمكن للناس فيه التركيز في عملهم أو أخذ قسط من الراحة.

لقد أرادت ألكساندر أن تضع الموظفين في جو ذهني مختلف، وكان هذا أحد الأسباب التي جعلتها تضع سلماً يجب صعوده للوصول إلى ذلك “العُش”، الذي صنعت أرضيته كأسّرة النوم، من أجل توفير الراحة.

وتقول ألكساندر: “نريد أن يجلس الناس متربعين أو أن يستلقوا، وهذا يجعلك في إطار ذهني مختلف تماماً خلال العمل، وبالتالي يجعلك تفكر في عملك من منظور مختلف، كما يمكنك الاجتماع هناك، إذ يتسع المكان لشخصين، أو أخذ قيلولة”.

وتضيف ألكساندر أنه بما أن ذلك المكان هو الوحيد من نوعه في مكتب “كابيتال ون”، فإن كل مكتب يحتاج إلى “عُش” مشابه، أو ملجأً يتجه إليه الموظفون عندما يحتاجون قليلاً من الهدوء والسلام. وتضيف: “حافظنا على المساحة المشتركة، لكن هذه الأماكن الإضافية أساسية في جعل مساحة العمل أكثر مراعاة لاحتياجات الموظفين”.

ل يمكن أن يكون المكان مفتوحاً ومغلقاً في ذات الوقت؟ يقول بارت لينز، وهو مهندس معماري ومدير شركة لينز آس المعمارية في بلجيكا، نعم. ففكرته التي سماها مكتب “سيكريت إير” توفر منطقة مغلقة يمكن للموظف اعتبارها مكانه الخاص، لكنها تسمح كذلك بتبادل المحادثات بحرّية بين الزملاء.

فقد أراد لينز أن يحصل الناس على الخيارين، حيث يمكنهم التركيز على عملهم دون إزعاج، وفي نفس الوقت التعاون مع الزملاء. ويضيف: “نحن دائماً نذهب إلى أحد النقيضين من المغلق إلى المفتوح، لكننا في الحقيقة نحتاج إلى أن نجد حلاً وسطياً يتضمن الخيارين”.

ويشير لينز إلى أن بناء حجرة “سيكريت إير” المكونة من ست طبقات من الخشب الرفيع المقوى كلفتها باهظة، ولا تُنتج بالجملة، لكنه يضيف أنها عملية جدا، ويمكن للموظفين تخزين أوراقهم وملاحظاتهم داخلها بسهولة، ويمكن نقلها بسهولة أيضاً، ما يجعلها بديلاً جيداً لخيارات الخصوصية الأخرى.

مقصورة هاتف من فنلندا!

لا يفضل كل من سامو هالفورس، وفيسا مارجاماكي، المساحة المفتوحة في مكاتب العمل، إذ يجدان ذلك مشتتاً للتركيز، ويجعل من إنجاز عملهما أمرا صعباً.

كان الاثنان يعملان لدى شركة برمجيات، وفي عام 2010، وبينما كان مديرهما آنذاك يتمشى في المكتب وهو يتحدث عبر سماعاته بصوت عالٍ، صرخ مارجاماكي في وجهه قائلا: “عليك أن تتحدث في مكان آخر”، ويقول هالفوس إن زميله استخدم بعض ألفاظ السباب أيضاً.

فماذا كان رد المدير؟ ابنو له مقصورة هاتف. وهذا ما فعله هالفورس ومارجاماكي تماماً، فبعد ثلاثة أشهر، استقال الاثنان ليؤسسا شركة “تامبير” التي تصمم مكاتب على شكل مقصورة الهاتف العمومي، لتمنح الموظفين مكاناً هادئاً للعمل.

حيث تشبه غرفهم أكشاك الهاتف العامة القديمة التي كانت تعمل بالنقود المعدنية، وهي ليست مخصصة فقط لمن يريد أن ينعزل ليتحدث في الهاتف، لكنها مصممة لتحجب صوت الضجيج خارجها أيضا، ومجهزة بطاولة وكرسي بسيطين تسمح للموظفين بالتركيز في عملهم داخل تلك المساحة الخاصة بهدوء.

لكن هالفورس أشار إلى أنهم لا يبيعون حجرات للحفاظ على الخصوصية فحسب، موضحاً: “هذه وسيلة للأفراد لتقديم أقصى طاقاتهم، إذ يمكنهم العمل بطريقة فعّالة، وهذا يولد لديهم شعوراً بالسعادة، ونحن بذلك نزيل العقبات أمام تحقيق الطموح في العمل”.

وقد استغرق الأمر من هالفورس وزميله خمس سنوات لإتقان ذلك التصميم، لكن منذ بدء بيع المنتج النهائي عام 2016، أصبحت مبيعاتهما تصل إلى 700 مكتب شهرياً، كما أنهما أضافا غرفة اجتماعات تتسع لشخصين وحتى أربعة أشخاص.

ومن ضمن الزبائن الذين اشتروا المنتج شركات “مايكروسوفت”، و”يالب” و”بي دبليو سي”. ومما يجذب الزبائن هو أن تلك الأكشاك يمكن تركيبها في أي مكان في المكتب، وفكها بسهولة، حيث يتم تركيب المنتج في غضون نصف ساعة للحجم الصغير منها.

ورغم أنهما عبرا عن غضبهما في وجه مديرهما السابق، فلا توجد ضغينة بينهم، بل إن شركتهما القديمة أصبحت أول زبائنهما، بينما يرأس مديرهما السابق الآن فريق أعمال البحث والتطوير لديهما.

ويقول هالفورس: إنها حكاية عجيبة بالنظر إلى ما أوصلتنا إليه”

عن gamdan

شاهد أيضاً

“اليمن : قصة مأساوية لحياة الطفولة المهدورة وجرائم العنف القاتلة”

‏‏  3 دقائق للقراءة        550    كلمة الحديدة نيوز // اشراق الصبري صنعاء – اليمن  في بلد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *