حوامل “الحديدة” بين كماشتي الحرب والجوع
الحديدة نيوز- علاء الدين حسين :
تتذكر العشرينية فردوس كيف كانت تتوجع وتصرخ من الألم الذي عانت منه جراء قرب ولادتها المتعسرة،ففردوس التي فقدت زوجها حينما قُتل جراء سقوط قذيفة هاون وهو في طريقه إلى منزلهما،خلال العام الأول من زواجهما، أصبحت في الشهر الثامن من حملها تحتاج لإجراء عملية قيصرية من أجل إخراج جنينها،كما أخبرتها قالة صحية ،كان العديد من نساء الحديدة الحوامل يرفضن الذهاب إلى المستشفيات بسبب نيران الحرب،وكان معظمهن يفضلن استقدام طبيبة أو قابلة إلى المنزل،لكن القابلة التي جاءت لفردوس رفضت توليد الأخيرة بسبب سوء حالتها الصحية.
تلك القابلة كانت الوحيدة الموجودة في منطقة الحالي (غرب محافظة الحديدة ) ،وهي المنطقة التي تقطنها فردوس مع والدتها وشقيقتها اللتين لم يكونا أحسن حال من فردوس، لأنهما لم يستطيعا نقلها للولادة في المشفى،بسبب عدم وجود وسيلة نقل جراء اندلاع مواجهات مسلحة بين فرقاء النزاع العام 2018.
كان على شقيقة فردوس أن تتصل لأحد أقارب زوج فردوس وتتوسل له بأن يعمل المستحيل لإنقاذ زوجة إبن عمه.
مشاهدات الموت :
تقول فردوس لـ”الحديدة نيوز”،”نجوت من الموت بإعجوبة مرتين ،الأولى حينما قرر أحد أقارب زوجي أن يغامر بروحه متحدياً أزيز الرصاص ودوي المدافع ،ويأتي من وسط مدينة الحديدة لنقلي بسيارته الصغيرة وإسعافي إلى مستشفى الثورة،وهو المشفى الحكومي الوحيد الذي كان مايزال يستقبل النساء الحوامل اللواتي يحتجن لرعاية صحية أثناء الولادة منذ اندلاع الحرب في مناطق الساحل الغربي”.
أما المرة الثانية التي نجت فيها فردوس من الموت،فكانت حينما تعرضت لنوبة من الهلع إثر تعرض ميناء صيد وسوقا للأسماك قرب بوابة مستشفى الثورة الذي كانت ترقد بداخله لقصف عنيف.
أصيبت فردوس بعد ولادتها بمرض السكر الحملي،ومن ثم السكري الذي مايزال يلازمها حتى وقتنا الراهن.
لم تكن فردوس لوحدها هي من تعاني من تعرضها للعنف الناتج عن الحرب المندلعة في الحديدة،بل أن ما يقرب من 14 ألف من النساء في الحديدة يواجهن مضاعفات تتعلق بالحمل تستلزم رعاية طارئة،بسبب تهديدات تصاعد العنف،بحسب إحصائية سابقة صادرة عن صندوق الأمم المتحدة للسكان.
أخطار محدقة :
في حديثها لـ”الحديدة نيوز” تؤكد الطبيبة المتخصصة في ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻹﻧﺠﺎﺑﻴﺔ من ﺟﺎﻣﻌﺔ “ﻟﻴﻔرﺑوﻝ ﺍﻟﺒرﻳطﺎﻧﻴﺔ” أشواق محرم ،بأن تأثير الحرب على النساء الحوامل في الحديدة كان لها وقع سلبي ومدمر عليهن طيلة السبعة أعوام الماضية.
وتلفت محرم إلى التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية التي تفيد بأن ـ2 مليون امرأة يمنية من الحوامل والمرضعات يواجهن خطر الوفاة في حالة تحقق تهديد المجاعة بالنسبةلهن. كما أن هناك 1.1 مليون إمرأة يمنية من الحوامل والمرضعات تعانين بالفعل من سوء تغذية شديد مما يزيد من خطر تعرضهن للإجهاض أو الإملاص .
وفقاً لـ”اليونسيف”،فإن امرأة واحدة وستة من حديثي الولادة يومتن كل ساعتين في اليمن بسبب مضاعفات أثناء الحمل أو الولادة وأن 3ولادات فقط من بين كل 10 ولادات تتم في المرافق الصحية .
كما تشير اليونسيف في إحصائيات سابقة أن معدل وفيات الأمهات ارتفع بشكل حاد منذ تصاعد النزاع في اليمن من خمس وفيات أمهات يومياً عام 2013 إلى 12 حالة وفاة ،وأن مليون امرأة حامل ومرضع تحتاج إلى علاج من سوء التغذية الحاد الوخيم.
وفي تصريحات سابقة تقول المديرة التنفيذية لليونيسف هنرييتا فور بأن ” عقود من تدني التنمية وسنوات من القتال الحاد أوصلت الخدمات العامة الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية الأساسية للأمهات في اليمن،إلى حافة الانهيار التام”.
تعيش فردوس اليوم نازحة في مدينة صنعاء،وتخشى من أن تتكرر ذات المعاناة مع شقيقتها المقبلة على الزواج في مدينة الحديدة مطلع العام القادم 2022،كما تقول خلال حديثها مع “الحديدة نيوز”.