الحديدة نيوز_ عبده الضحوي
أقبل رمضان.. وكأنه بائع خردوات يجرُّ وراءه كل مستلزمات المطابخ وصالات الطعام وغرف المعيشة ، سكاكين و ملاعق.. مواعين، أحجام مختلفة من المعلّبات والعصائر و أكياس الطحين ، وشاشات مسطحة وريسيفرات …يجرُّ رمضان المسكين كل هذه الأدوات على ظهره.. بينما يظل جزء منها يتدحرج على أرضية الإسفلت.. وأمامه تتسابق متدحرجة أسطوانات الغاز .. أصوات احتكاكها بالرصيف تصم آذان المارة .. وتبعث على الضيق والاختناق…
جلبة كبيرة يحدثها رمضان عند مجيئه.. كعادته، ومنذ أن عرفناه.. رمضان لا يأتي وحيداً.. أو لنَقُل هادئاً، يمكننا معه أن نلتفَّ حوله ونستمع لما يقول خلال شهر إقامته ..لكنني سمعتهم يقولون أنه كان يأتي وحيدا ، ولكن، منذ زمن غابر.. حينها كان الجميع يبتهج بحضوره، ويُسَرُّ بقدومه.. غير أن ّ فرحتنا به اليوم تبدو مخادعة تماماً ،
فقد انصرفت فرحتنا به نحو ما يجلبه لنا من روائح الأطعمة ومذاقات العصائر وصور الفضائيات.
ففي كل يوم نصنع من رمضان كرنفالا دنيويا محضاً.. وهكذا أصبحت صورته البهية عند كل العوام.. واختفت معها قدسيته كعبادة.. شأنه شأن كل العبادات التي تتخلى عن ملذات الدنيا وطيباتها…
لا يمكننا أبداً أن نحظى بروحانيته كعبادة دون أن نطلب من أنفسنا إلا أن يحضر وحيداً ، يمكننا وقتها أن نراه وحده فقط ،
ولا بأس بأن نمضي بقية ساعاته كما أمضيناها في سائر الأيام الماضية…
رمضان مبارك وكل سنة وأنتم بألف صحة وعافية..
