الحديدة نيوز — خاص — ياسمين الصلوي
القصص كثيرة في وطني ، كل يوم تخلق حكاية ، وطن موجوع ، وواقع مفخخ بالخيبات ، فماذا عسى ان يدون قلمي غير وجع الحرب وخيباته.
ينتقدني البعض: لماذا الحرب في كل كتاباتك؟ اكتبي عن الحب ، عن البطولات والمشاهير !.
يا سادتي الحرب هي وجعي وكلام قلمي ، لعلكم تدركون ماذا خلفت بعدها من دمار وآلم . قلمي يكتب وجع مواطن ، يرسم طفلاً تائهاً قتلت فرحته الحرب ، يوثق تفاصيل مأساة إمراءة تأرملت ،يصور مدرسة دمُرت ومشفى أُحرق ، ومنازلاً هُدّمت ، وطيوراً غادرت أعشاشها ،وزهوراً ذبلت .
أجدني مجبرة على أن اكتب عن جرحٍ لم يشفى بعد ، ونار حرب مصرة على ان تلتهم الأخضر واليابس، عن ازدهار تجار الحروب وتجارتهم ، عن أزمة الضمير ومجاعة الأخلاق، عن وطن باعوه في سوق بخس، عن حلمٍ لم ينضج بعد ،واهدافاً تنتظر فرصة صادقة لتتحقق ، اكتب عن أثار طمست، وتاريخ تم تشويهه في فصول من حروب متتالية .
سعادة طفلة تبلغ من العمر ١١ عاما ، عاشت طفله مع شقيقاتها الثلاث واخوهن الوحيد ، كانت امهم مبتسمة دائما رغم ظروفها القاسية وحاجتها لسعادة ، زوجها لا يعبد غير القات ولا يقدس سوء مجالسه ، لم يكتفي بان يعيشها في الفقر فقط ، بل تعدى عليها ، ضربها ، حرمها من النعيم التي تعيشة الزوجة في دار زوجها ، صبرت عليه طويلا حتى فارقت الحياة ، توفت والدتها أثناء ولادتها أثر نزيف فتك بها ، توفت والدتها وتركت ثلاث فتيات وشاب ، سعادة احداهن ، سعادة هي الوحيدة التي تلقت ضربات الضياع بعد الأم ، رفض والدها تسليمها لجدها الذي تكفل تربيتها مع شقيقاتها ، سعادة الأخت الوسطى ، زوّجها والدها وعمرها لا يتجاوز 12 عاماً لأبن عمها الذي لا يختلف كثيرا عن والدها الذي يتفنن في الظلم ، ويعرف تماما كيف يأخذ حقوق أبنائه ، هدفه فقط تزويجهن ونهب مهرهن وظلمهن دائما .
سعادة ليست محظوظه بوالدها الذي ظلم والدتها قبل أن يظلمها ، عيشها في فقر موجع ، حرمان دائم وصعوبة حياة وألم عيش وسعادة لا توجد قط ، قد ظلم كثير من النساء ويكون سبب ظلمها لنفسها الحب ، نعم تحب شريكها حد الجنون ولم ولأجل ذلك لم تشعر بذلك الظلم قط ، رحمة ربي تغشاكي عزية.
سعادة عاشت نفس الحياة التي عاشتها والدتها بل نفس الوجع ألا انها لم تمت ، لن تغادر الحياة ، زوّجها والدها بثمن بخس ، مائة وخمسين الف ريال ، سعادة طفلة جميلة تمتلك صفات اجمل من تلك الصفات في فتيات نالين حقوقهن جيدا ، لم يحافظ عليها والدها ، زوجها من أجل حزمة قات وكومة من اللحم ومن أجل الخلاص من مسؤولية طفلة ، ذهبت لزوجها بفستان وشنطة خاوية تتمرجح فيها علبة كحل وحمرة نست خالتها أكمال استخدامها ، لا توجد في عنقها تلك القلادة التي تلبسها فتيات العالم .
تخلصت سعادة من وجع ابيها وخالتها وانتقت الى ووجع زوجها وبطش اسرته، وظلمهم الذي يشبه ظلم والدها تماما ، تزوجها ، ظل ثلاث اشهر وغادر الى مدينة عدن حيث عمله ، ظلمها في كل الأوقات ، في مهرها وحين كان معها …وحين غادر نحو المدينة وتركها مع اخوانه ونسائهم ، كان حين تمطر عليه السماء يرسل لها مبلغ ليس بكافي ومع ذلك لا يصلها ، تكبدت كثيرا وحين قرر أخذها معه وجدت حياة اشبه بجحيم لا يحتمل ، يااااه لحظك الموجع ايتها السعادة ، ليس لك نصيب من أسمك بل العكس تماما ، سعادة ليست سعيدة ابدا فقط من يفهم حجم الجحيم التي تعيشها.
استأجر زوجها منزل مع أخوانه هناك ، كان يعمل سائق لتكسي ، لم يكف عن طبائعة ظلمه كما كان ويهملها كما كان ،كانت تظلم مع والدها وهاهي تظلم ، اختها الكبرى تعرضت ذات يوم لضرب مبرح من خالتها التي تشبه اباها كثيرا ، قبل مغرب ذلك اليوم وجدها شاب من قريتها وهي مرمية في الطريق تنزف دم من فمها ، اخذها خفية لبيت جدها القريبة ، في نفس القرية ، سلمها لخالها الذي يسكن في منزل جدها الكبير والذي يسكن اهله في احدى مدن البلاد ، طلبت منها جدتها في اتصال هاتفي السفر فجر ذلك اليوم تخوفا من معرفة ابيها ، ابيها الذي لم يحافظ على بناته ، والذي كان بإمكانه ان يسلمهن لجدتهن لامهن التي طالبت كثيرا بكفالتهن ، وهو يرفض ذلك العرض، تاركا زهراته يخدمن خالتهن ونساء القرية مقابل مايريد هو.
كان زوجها يتركها صباحا ولا يعود الا المساء ، يعمل طول النهار ليس حبا بها وإنما تلهفا بعد حزمة قات ومزة كما كان يرد عليها حين كانت تسأله لماذا تأخر ، اهملها كثيرا واوجعها بقسوة والله ليس بغافلا عما يعمل !.
عاشت مع زوجة اخوه الأكبر الذي كان لا يقصر معها ماديا ، أكلت وشربت مع زوجته ، تحملت قسوة زوجها ، خوفا من قسوة ابيها ، فجحيم ارحم من جحيم ، عاشا في نفس المنزل اثنان من اخوانه ، زوجاتهما في القرية ، عاشا هناك حيث أعمالهما ، احدهما سائق والأخر امام مسجدا وليته يصلح جوهره كنا يتقن اصلاح مظهره.
الأهل أما ان يعزوا الفتاة او يذلوها ، اللهم ارفع قدر كل أب رفع قدر بنته وحافظ على كرامتها، ووقف مع فتاة مستضعفه لا تستطيع ان تنال حقها الا بمساندة اهلها ……
للقصة بقية ……