سقطرى إطلانتس اليمن.. الأرخبيل المفقود! (تحقيق)

‏  7 دقائق للقراءة        1248    كلمة

سقطرى إطلانتس اليمن.. الأرخبيل المفقود! (تحقيق)

الحديدة نيوز/خـــــــــــــــاص

سقطرى.. أرخبيلنا المفقود، لؤلؤة الشعب المُفقر الذي حرم الاستقلال والاستقرار -شرط إنتاج الحياة وتعمير الوطن- هذا الأرخبيل التي نأت به الجغرافيا عن النزاعات الداخلية، لم يعد هادئاً تماماً، فضجيج (القراصنة الجدد) فيه بلغ مسامع كل اليمنيين وساءهم الخبر برغم انقساماتهم الموقفية في الأزمة الراهنة؛ فالكرامة الوطنية التي تُنتهك هي ما تبقى لشعب يُكابر بتاريخه، وبتنوع أرضه وجمالها ولن يبقى له اي قيمة مادية او معنوية اذ ما أقتطعت أجزاء من بلاده وزيف تاريخها.

ماذا تفعل الإمارات هنالك في سقطرى بعيداً عن أرضها، وبعيداً عن ذرائع التدخل العسكري، في جزر تخلوا من مظاهر الحرب وتحشيدتها؟ إن هناك ما هو ابعد من الذرائع والتبريرات التي أنطلت على بعض اليمنيين، فمن توهم التدخل العسكري الاجنبي العدواني حماية “للشرعية”، لم يكن في تصوره ان يترسخ احتلال اجنبي بديلاً عن خصمه الداخلي وأخوه في الأرض والتاريخ والتركيبة النفسية والمصير المشترك!

 

ليس انتهاءً بطرح مسألة الاستفتاء على سُقطرى، ولا بداية بالمساعدات اللاخيرية، والإغراءات المالية، وبيع حكومة هادي العميلة للأراضي فيها، يواجه الأرخبيل تدمير ونهب منظم لكنوزه، حتى غدت نباتاته وحيواناته وطيوره النادرة قطع للتباهي معروضة في حدائق الإمارات، وصخوره المنيعة قواعد للبحرية الأمريكية، والأرخبيل برمته حجر في رقعة شطرنج التنافس الدولي على طرق الجارة البحرية، ينبئ كل هذا بجولات صراع قادمة وبتوسع خليجي أكبر في سقطرى وسواحل الجمهورية تعددت التناولات الاعلامية والسياسية قضية سقطرى، وكانت معظمها محفوفة بدافع نشر الفضيحة ودافع الغير والتنافس في صفوف المرتزقة، وفرصة لإدانة الخصم السياسي، وهي تناولات ترتكز على راهنية ولحظة الخبر، ولا تهتم بمصير القضية، والتدقيق في معرفة الواقع كما هو على تلك المحافظة الأرخبيلية. ومن فرز كل تلك الاخبار وتدقيق المعومات والبناء على ما هو مُشترك في مختلف التناولات الاعلامية والتصريحات السياسية، وبالاستعانة بمصادر محلية والتوسع النظري في طبيعة الصراع العالمي في المنطقة، أمكننا إدراك واقع الممارسة الاماراتية طبيعتها، ووسائلها، وتطورها التاريخي، وأبعادها وتداعياتها على مستقبل اليمن أرضاً وهوية واقتصاداً.

تزوير التاريخ والهوية وسرقة الحاضر

تُظهر دولة الامارات مطامعها بطريقة فجة ومهينة للكرامة الوطنية اليمنية، كان اشدها خطورة وهزلية في آن حديث قناتها إسكاي نيوز العربية عن موضوع طرح الاستفتاء (تقرير المصير) لأبناء سقطرى وكأنهُ شعب دون دولة ولا تاريخ وهوية، ولحق التلويح بالاستفتاء مغالطة تاريخية طرحها الباحث الإماراتي «جمعة الجنيبي»، الذي حاول تحريف التاريخ بالقول “ان اصول الأسر السقطرية يعود للإمارات وان العلاقات بين الإماراتيين والسقطريين علاقات قديمة بسبب المصاهرة والنسب، وكثير من الاسر السقطرية هاجرت الى سقطرى قديما”. وهي دعاوي غبية تتجاهل حداثة ظهور دولة الامارات الذي لم يصل الى مئة عام، بالمقارنة مع قدم حضارية سقطرى المدونة في نقوش الفراعنة والاغريق، ومركزها السياسي الحالي كمحافظة في الجمهورية اليمنية، وكانت فيما قبل جزءً من ولاية اليمن العثمانية، وبعدها جزءً من جمهورية اليمني الديمقراطية الشعبية بعد ان اسقط مقاتلي الجبهة القومية في ثورة 14 اكتوبر 1967م السلطنة المهرية التي اتخذت من سقطرى عاصمة لها.. وفي تتبع الانساب فأهالي سقطرى قبائل حميرية تنتسب الى «مهره بن حمدان» كما جاء في كتاب «لسان العرب» للهمداني، وعلى العكس من الاوهام التوسعية الإماراتية ففي التاريخ القديم نجد ان جزر ما تسمى اليوم بالامارات كانت جزءً من المملكة الحميرية، ومن مملكة حضرموت إبان الدولة السبئية. الغزو السهل!

وجدت دولة الإمارات العربية المتحدة في جزيرة سُقطرى، لقمة سائغة، وفي دخولها انتصارا لم يكلفها جندي، على عكس ما لاقته قواتها في مارب وخاصة في ضربة توشكا صافر، في سقطرى كان دخول الامارات انتصاراً على السلام فقد نجت سُقطرى من نيران الحرب المتقدة في شمال البلاد وجنوبها، في لجة هذه الحرب التي بدأت قبل ثلاثة أعوام، حددت الامارات طريقها نحو سقطرى، ولم يكن التوجه الاماراتي نحو ذلك الأرخبيل القصي عفوياً بل تعزيز لدور اماراتي قديم ومشبوه إزاء جزيرة سقطرى اليمنية كان يقتصر على التجنيس، اتضحت معالمه في هذه الحرب.
أرض الاساطير وحورية بحر

ليس مستغرباً ان توجه الامارات اساطيلها باتجاه سقطرى، هذه الأرض العجيبة هبة الله وإبداع الطبيعة وأرض الأساطير وحورية البحر، تم تصنيفها من قبل منطمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة على أنها واحدة من مناطق الإرث الطبيعي للإنسان ومحمية طبيعية. مؤهلة ان تكون استثمارا سياحيا طبيعيا ورياضيا واستكشافيا وعلميا فريدا، لما تتمتع به من تنوع تظاريسي وحياتي نباتي وبحري وكائنات نادرة، وفي ذات الوقت موقع استراتيجي عسكري، فهي ارخبيل مكون من أربع جزر على المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الإفريقي بالقرب من خليج عدن، على بعد 350 كيلومترًا جنوبي الجزيرة العربية وبحيرة النفط العربي. كل هذه العوامل الطبيعية تجعل من سُقطرى، حورية، تسيل لعاب الطامعين والتوسعيين، وقد أسالت لعاب القوى الاستعمارية القديمة من الاحباش والفُرس والبرتغاليين والعثمانيين والبريطانيين.

الاحتلال كأمر واقع وممارسة يومية

فرضت الإمارات سيطرتها العسكرية على سقطرى بمساعدة قوات عسكرية جدندتها لحسابها،، وشرعت ببناء قاعدة عسكرية جوية لها غرب مطار سقطرى، بإشراف ضابط إماراتي يدعى «حسن العطار». وإلى جانب الهيمنة العسكرية، فهناك وسائل ناعمة أخرى من بينها شراء الأراضي من المواطنين، يقودها السمسار الإماراتي «خلفان بن مبارك المزروعي»، والملقب بـ”أبو مبارك”، وهو رئيس الوفد الإماراتي الزائر إلى سقطرى، يعاونه سمسار أمارتي اخر يدعى «محمود فتحي علي الخاجه»، والملقب بـ”أبو طارق”، وعملية الاستيطان بدأت بغطاء خيري من خلال مؤسسة “خليفة الخيرية”. ومن يومها غدت هذه الجزيرة النادرة قبلة للمستثمرين الإماراتيين المدعومين من أفراد من العائلات الحاكمة.
وتمارس الامارات سيادة احتلالية كاملة في الجزيرة، حيث تدير الإمارات مطار سقطرى وتتحكم فيه، وتسير رحلتين بينه وبين أبوظبي لا تخضعان لأي تفتيش أو رقابة من قبل السلطات اليمنية، سواء حكومة صنعاء الوطنية او حكومة هادي العميلة، وقد شغلت الإمارات شركة اتصالات إماراتية في سقطرى. كما فتحت مصنعا للأسماك دون تنسيق مع الحكومة اليمنية سواء الحكومة الوطنية في صنعاء او الحكومة العميلة في الرياض. وكأنها تمارس شئناً داخليا.

وكشف ضباط سابقون في أمن مطار سقطرى أن الإماراتيين يقومون أيضا بعمليات تهريب لثروة حيوانية وبيئية وشعاب مرجانية نادرة من سقطرى، ويقومون بأعمال وحفريات في مناطق أثرية بهدف بناء قصور لهم مطلة على البحر. شراء الأرض والعرض والضمير الوطني!

حسب مصادر محلية، اغدقت حكومة الامارات بالأموال الطائلة على اعضاء المجالس المحلية، والمشائخ والمسؤوليين الحكوميين والوجاهات، وأفاضت عليهم بالعطايا والهدايا، والشقق والسيارات رباعية الدفع، فاضعفت رابطة السُلطة المحلية بالحكومة اليمنية العميلة للسعودية، ويتصدر قائمة الخونة في هذا الأرخبيل، المحافظ السابق له «سعيد سالم بحقيبه»، ومدير الأمن وقائد اللواء مشاة بحري وقائد البحرية.
تُستكمل الاساليب المالية للسيطرة على سُقطرى، بعملية اخرى تتفادئ الرفض الشعبي للسيطرة الاماراتية، وهي عملية اعادة تشكيل الكيانات القبلية في الجزيرة لشراء ولاءات زعاماتها، يشير إليها الصحفي «عصام الهاشمي» في تحقيق لموقع «العربي الجديد» نشره ديسمبر العام الماضي.
تعمل الامارات على اعادة التشكيل القبلي، رغم هشاشة التنظيم الاجتماعي القبلي في أرخبيل سقطرى عما هو في شمال البلاد نظراً لطبيعة علاقات نشاطهم الاقتصادي القائم بشكل رئيسي على الصيد، وفي هذا الصدد فقد اصدرت محافظة أرخبيل سقطرى تعميم يحمل رقم 5 لسنة 2017 صدر في أكتوبر/تشرين الأول 2017، بشأن إعادة ترتيب وتشكيل العمل القبلي في محافظة أرخبيل سقطرى، والذي دعا فيه محافظ المحافظة أحمد عبدالله علي السقطري سكان الوحدات السكنية والقرى في سقطرى برفع أسماء شيوخ قبائلهم وقراهم ومناطقهم إلى أمناء عموم المجلس المحلي للمديريتين الوحيدتين في محافظة سقطرى (حديبو، وقلنسية) بغرض إعادة ترتيب الوضع القبلي في المحافظة وتشكيل كياناتها القبلية.

عن gamdan

شاهد أيضاً

“اليمن : قصة مأساوية لحياة الطفولة المهدورة وجرائم العنف القاتلة”

‏‏  3 دقائق للقراءة        550    كلمة الحديدة نيوز // اشراق الصبري صنعاء – اليمن  في بلد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *