الحديدة : عايدة تواجة الحياة في زمن الحرب بمكنستها الخشبية!!
ياسمين الصلوي / الحديدة نيوز
منذ ثلاث سنوات والحديدة تتعرض للقصف ، ابرياء تستهدفهم تلك الطائرات ، منازل ، مواطنين ، اسواق ، مطارات ، مؤسسات وحصار لميناءها وشواطئها ….كل هذا ضيق الخناق على الإنسان هناك وتحولت حياته الى جحيم ووجع ، أطراف تتصارع مواطن يموت جوعا ، فقرا ، مرضا، وقهر .
أزمة مشتقات خانقة ، انعدام الغاز المنزلي فتحولت المدينة الى طوابير لسكان بحثا عن الغاز وارصفة ترتص عليها حزم الحطب وسماء ملبدة بالأدخنة جراء تجهيز الخبز والأكل في مواقد على النار ، وحر يلذع جسد المواطن صيفا في ظل غياب التيار الكهربائي …وجع في ظل صمت تحت راية الصبر جميل …وتحت مقولة شعبية تهامية بعد امصبر امفرج …. ترى كم يحتاج المواطنين في هذه المدينة اطنان من الصبر ؟!! غاب الراتب وتدهور حال الأسر التي كانت تعيش تحت ظل راتب ، ارتفعت اسعار المشتقات النفطية وضعفت حركة المواصلات فبات المواطن يقطع مسافات رجلا على الأقدام ، اصبحت الشوارع خالية من الضوضاء ، ماتت فيها ملامح الحياة … عايدة أرملة، اربعينية العمر أم لخمسة ابناء من سكان الحديدة الأصلين ، ترتسم على ملامحها اوصاف المرأة التهامية ، سمراء ، نحيلة الجسد ، تظهر على ملامح وجهها متاعب مواطن ووجع شعب.
تعمل عايدة في بلدية المحافظة ، قررت تنظيف الأزقة والحارات بحثا عن أمان لها ولأطفالها الخمسة ، من أجل حمايتهم من الفقر والموت جوعا والتشرد والضياع ، خمسة عشرة الفا ماذا عساها أن تعمل في ظل حرب عمياء أكلت الأخضر واليابس وقسمت ظهر المواطن … تعمل عايدة مع مجموعة من الرجال العاملين في صندوق النظافة والتحسين ، تعمل بأخلاص وتفاني ، تجمع مخلفات القمامة وتكنس ارصفة الحارات وامام المنازل ، تكافح من أجل البقاء ، تكسر بإصرارها عصا الموت الذي يحيط بالمواطن من كل الجهات ، بعيدا عن المناصب والجاه تعيش براتب بسيط ، تعيش ببساطة وسعادة تحت نيران حرب فر من اجيجها مئات المواطنين .
في صباح العيد ، تتجمع شتات الأسر المفرقة طول العام ، يعود المحبين لذويهم ومحبيهم ، يتوقف عمل المؤسسات والمنشأت وتغلق المحلات التجارية ويتفرغ الجميع ليعيش فرحة العيد وتفاصيله ، عايدة هي الوحيدة تتمرغ بأتربة الشارع والحارات من أجل مكافأة نذر بها صندوق النظافة والتحسين لمن يعمل اضافيا في فترة العيد ، لم تلبس جديد ولم تتطيب ، يكفي انها البست أطفالها جديدا وزرعت على شفتيهم ابتسامة مثل باقي الأطفال ، تتحرش الأتربة ملابسها وتحرم من سعادة ذلك اليوم مع أطفالها في منزلها .
الحرب سببت دمارا في نفوس المواطنين ، أحرقت فرحتهم وسلبت سعادتهم وحدها عايدة تشاجر ذلك الوجع بغية العيش بكرامة ، تصرخ بمكنستها في وجه الحرب …نحن شعب نريد البقاء.
متى تخمد نار الحرب ويعود السلام للوطن ويعيش المواطن بسهولة ونعيم وسلام ، وتعيش عايدة اجواء العيد مكرمة في منزلها ومع أطفالها ؟!