في الحديدة.. أفراح تدق طبولها إيقاعات الموت!
الحديدة نيوز-الحديدة مصطفى بدير
ظاهرة إطلاق الرصاص الحي والألعاب النارية في الأعراس والمناسبات بمحافظة الحديدة أسرف مرتكبوها وتمادوا في غيهم دون خوف من الله أو قانون أو وازع من ضمير غير آبهين بأن هناك ناسا أبرياء يذهبون ضحايا أفراحهم ونظراً لما تمثله هذه الظاهرة من مآس ومخاطر وأضرار على حياة الفرد والمجتمع أولت قيادة أمن المحافظة القضية جل اهتمامها ووضعتها في المهام الأولى تنفيذاً لتوجيهات وزير الداخلية بمنع إطلاق الرصاص الحي والألعاب النارية وملاحقة وضبط مرتكبيها وخلال أقل من شهرين تم ضبط أكثر من ثلاثمائة شخص وإحالتهم إلى النيابة بتهمة إقلاق السكينة العامة وذلك بفضل تعاون المواطنين والعاملين بجهاز الشرطة.. الجمهورية تستطلع آراء العديد من المعنيين والمواطنين حول انتشار هذه الظاهرة وما تلحقه من أضرار ومآس.
ظاهرة سيئة وخطيرة
يحيى إبراهيم باجلي “عضو مجلس محلي” قال: إنها ظاهرة سيئة وخطيرة جداً كما أنها دخيلة على مجتمعنا المدني المسالم وأعتقد أنها انتشرت تقليداً لأبناء المناطق الجبلية، حين مارسها بعض سكان المناطق الجبلية القاطنين تهامة وقلدتها بعض الأسر المحلية، حتى صارت تقليداً عرائسيا يمارس من قبل الغالبية العظمى من أبناء المنطقة، عدا بعض الأسر الفقيرة التي تكتفي باحتفال بسيط جداً ومحدود بسبب ظروفها المادية، واللافت أن هذه الظاهرة تجتر خلفها الكثير من المشاكل والمآسي، وتقلق الأسر الآمنة في منازلها وبالنسبة لدورنا نحن كمجلس محلي أود أن أنوه إلى أننا لسنا جهة ضبط، ولكن لا يمنع ذلك من أن يكون لنا دور رئيسي وفعال؛ إذ يجب على عضو المجلس المحلي أن يتخذ من وجاهته في المجتمع وسيلة توعية وتنبيه للمواطنين حول تفشي هذه الظاهرة وأثر ارتدادها سلباً على الآخر خاصة الرصاص الراجع وهذا لا يتم إلا في ظل تفعيل قانون لمحاربتها وفرض هيبة رجل الأمن ثم التعاون الكلي من قبل أجهزة الأمن وعقال الأحياء والوجاهات والشخصيات الاجتماعية..
وبهذه المناسبة أحب أن أروي حادثة هزتني بحق فأنا أعمل رئيسا لقسم التمريض بمستشفى العلفي بالمحافظة؛ إذ صادف أثناء إحدى نوباتي إحضار طفلة لم تكد تكمل عاما من عمرها مصابة براجع طلقة نارية مجهولة المصدر، وقد لفظت أنفاسها قبل أن تصل إليها يد الطبيب المسعف.. إنها جريمة بشعة بكل المقاييس ويجب أن يتآزر المجتمع بكافة أطيافه الفكرية والثقافية لمحاربتها وللأسف الشديد أن معظم من يقوم بممارستها هم جماعات المتنفذين الذين لا يحترمون القانون ولا يأبهون بأرواح الناس.
مطلوب قانون يمنع هذه العادات
د. عبد الله الشيخ ـ طبيب عيون ـ من جانبه قال: من أسوأ العادات التي تواكب الأعراس اليمانية هي عادة إطلاق الألعاب النارية نحن كأطباء عيون نود أن نوصل صوتنا إلى كل الجهات المختصة لإصدار قانون يمنع مثل هذه العادات كونها تؤثر على أفراد المجتمع من خلال تأثيرها على الشخص المصاب تأثيراً مباشراً وغير مباشر.
وهي لا تؤثر على النظر فحسب ولكن لها تأثيرات أخرى أشد وأنكى فقد شاهدت حالات كثيرة في غرف الطوارئ بالمستشفيات عند استدعائي لإجراء عمليات أرى أناسا قد بترت أطرافها أو تشوهت وكل هذا سببه الألعاب النارية التي تسبب عاهات دائمة يعجز عن علاجها الأطباء.
عشرات الحالات المصابة
د. محمد الفقيه ـ رئيس قسم الطوارئ بمستشفى العلفي، يرى أن هذه الظاهرة تحمل مقدارا كبيرا من الأسى والضرر للآخرين بسبب ما يرتد عنها من أذى، يقول: فنحن هنا في قسم الطوارئ نستقبل وبشكل يومي عشرات الحالات المصابة بحروق شديدة أو بطلق ناري بسبب تواجدها في الأفراح أو قربها منها وعادة ما يوفقنا الله سبحانه وتعالى لإنقاذ بعض هذه الحالات وقد تشفى كلياً أو تتعرض لإعاقة وبعض هذه الحالات تفارق الحياة ولا نستطيع أن نفعل حيال إرادته شيئا والحقيقة أن هذا يرجع لعدم إدراك الجهات المختصة لواجباتها واستهتار المواطن باستخدام السلاح وأتذكر حادثة وردت أثناء وجودي في القسم أحضرها أهالي مصابة بحروق خطيرة في اليد اليمنى سببتها مفرقعة نارية وبسبب خطورة الحرق اضطررنا لنقله إلى غرفة العمليات ولم نكن نعلم بأن بطنه ممتلئة بالأكل وعندما قمنا بتخديره وبدأنا العملية كانت تراود المصاب حالة غثيان وقيء سببه المخدر فكان الغثيان والقيء يتسبب في إيقاف نبضات القلب أثناء إجراء العملية وبأعجوبة أنقذناه نتمنى من كافة شرائح المجتمع التكاتف لقطع جذور هذه الظاهرة وإنقاذ أرواح الناس منها ومن مرتكبيها.
قلق أمني كبير
مما لا شك فيه أن هذه الظاهرة السيئة باتت مصدر قلق أمني كبير وينتج عنها أضرار قاتلة وكثيراً ما تصلنا شكاوى من المواطنين المجاورين لأصحاب الأعراس من ارتفاع صوت المكبرات الصوتية التي تصدح عادة بعد منتصف الليل بشكل يقلق المرضى والأطفال وبعض الموظفين المرتبطين بأعمال مكتبية والبعض الآخر من الجيران يجاهد أن يتحمل ويصبر حياء وخجلاً من جاره حتى ينتهي من ممارسة طقوسه. هذا ما أكده عاقل حارة المواصلات – الحكيمي بمدينة الحديدة الأخ/ حاتم محمد إسماعيل وقال: فوجئنا في السنوات الأخيرة بتفشي ظاهرة الشباب المسلحين الغرباء عن الأحياء التي يقام فيها الاحتفال بالعرس ويقال عادة ما يتبعون أعراس الفنان الذي يحيي العرس أو أن لهم صديقا من الحي يتخذونه سبباً لتواجدهم وغالباً ما يتواجدون وهم سكارى أو مستخدمون لحبوب مخدرة….الخ وبهدف محاربة هذه الظاهرة والسيطرة عليها وردتنا توجيهات صارمة من قبل الأخ مدير أمن المحافظة العقيد ركن/ محمد أحمد المقالح تشدد على متابعة جهات إطلاق النار في نطاق الأحياء الواقعة في دائرة اختصاصنا وسرعة التواصل مع غرفة العمليات والإبلاغ عنها.. وأستغل هذه الفرصة لتوجيه جزيل الشكر لمدير الأمن الذي أولى هذه الظاهرة جل اهتمامه ومتابعته المستمرة لنا حول ما يتعلق بأمن وسلامة أبناء هذه المحافظة الآمنة والمسالمة.
– قلق نفسي يؤرق راحتنا
يوسف أحمد حسن غلاب ـ عاقل حي السلخانة، عضو مجلس محلي، يؤيد ما قاله زميله عاقل حارة الحكيمي وقال: أكبر قلق نفسي يؤرق راحتنا هو ظاهرة إطلاق الرصاص الحي والألعاب النارية في الأعراس والمناسبات أولاً أنها تسبب إقلاقا للسكينة العامة ثانياً تزعج السكان سكان الأحياء المجاورة وتثير الخوف والرعب في قلوب الناس وخاصة الأطفال عند سماع أزيز الرصاص وتقريباً صارت معظم القضايا التي نحيلها لجهات الاختصاص هي قضايا إصابات بحروق خطيرة وتشوهات سببتها قذيفة نارية أو وفيات لمواطنين أبرياء بسبب راجع رصاص مجهولة المصدر. يجب على الأجهزة الأمنية الضرب بيد من حديد وفرض هيبة رجل الأمن وصياغة قانون جنائي يجرم استخدام الألعاب النارية أو إطلاق الرصاص الحي في الأعراس والمناسبات وفرض عقوبة شديدة وقاسية لمن يخالف القانون مهما كان نفوذه وبدون تمييز وتنفيذ العقوبة فوراً، ليكون رادعاً للآخرين، وإننا على ثقة لو أن الأجهزة الأمنية قامت بواجبها وفرضت هيبتها ضد كل من يخالف التوجيهات فستنتهي مثل هذه الظواهر السيئة.
إجراءات أمنية
العقيد قائد مساعد ـ مدير قسم شرطة البيضاء بدوره قال:
نحن نؤدي واجبنا نحو محاربة هذه الظاهرة، ونقوم بإشعار أهل الأعراس عن طريق عاقل الحي بالانضباط بالتعليمات وعدم السماح لأحد باستعمال الألعاب النارية أو إطلاق الرصاص أثناء الاحتفال وتوجيههم بضرورة التشديد على ضيوفهم احترام التوجيهات ما لم فإننا سنضطر آسفين لاتخاذ إجراءات قد تعكر صفو العرس في حال لم يلتزم أحدهم بذلك. كما أننا نقوم بتسيير دوريات يومية إلى الأسواق الشعبية، ونفتش البسطات والمحلات التجارية المشبوهة بحثاً عن مصادر بيع الألعاب النارية ومن نجدها لديه فإننا نعمل على مصادرتها فوراً وعمل محاضر ضبط حالة، ويتم إحالته إلى إدارة البحث الجنائي المكلفة بعملية استكمال التحقيقات. لكن للأسف الشديد هنالك صعوبات كثيرة تواجهنا، منها عدم استجابة المواطن لهذه التوجيهات، وعندما نقوم بدوريات ليلية ونصادف مثل هذه المظاهر نفاجأ بعنف منهم في التعامل معنا وخاصة بعض الشباب الطائش الذين يتشكلون في مجاميع كثيرة، ويقومون بإطلاق رصاص ضدنا، وللأسف الشديد صرنا نلمس مؤخراً تجاهل عقال الأحياء لهذه التوجيهات وعدم تعاونهم معنا، وقد أصبح دورهم شبه منعدم، خوفاً من تعرضهم لرد فعل انتقامي من هؤلاء الشباب الذين يحسبون أن يد القانون لن تطالهم.
وأخيراً يجب أن أنبه لدور العلماء وخطباء المساجد فهذه الشريحة هي الأكثر حضوراً وتأثيراً على المواطنين ومن خلال تفاعلهم في استخدام منابر المساجد لترشيد وعي الناس بما تسببه هذه الظواهر من أذى للآخرين وصل حد القتل وحصد الأرواح البريئة، دون معرفة الجاني.
بث الرعب في قلوب الآخرين
الشيخ محمد علي حسين الحاكم ـ علامة وخطيب مسجد قال:
إن ما يرتكبه بعض الناس في أفراحهم هو بث الرعب والفزع في قلوب الآخرين وإيذاء المؤمنين وقتلهم. كم أخافوا طفلاً، وكم آذوا مريضاً، كم قتلوا بريئاً آمناً وكم دعوة مظلوم نالتهم! إن هذا يدخل في قائمة التحريم، بسبب ما يسببه من أذى للناس وهو أمر لا يختلف على تحريمه اثنان, وقد عايشت حادثة قاسية في أحد الأعراس إذا اغتر أحد شباب الحي بقوته، ورفع سلاحا آليا رشاشا بيد واحدة ثم ضغط الزناد على السريع، ويبدو أن يده قد خذلته ولم تتحمل قوة دفع الطلقات فتهاوى السلاح من يده للأسفل فيما أصبعه ما يزال ضاغطاً للزناد، قتل البعض وأصاب عشرات المشاركين بالعرس وتبدل الفرح إلى عزاء.
لهذا يجب أن نتكاتف جميعا ضد هذه الظاهرة التي تفشت وصارت خطراً يهدد أمن وسكينة الآمنين ونحن ومن خلال مواقعنا في المساجد سوف نعمل بكل طاقاتنا لتوعية وترشيد المصلين بخطورة هذه الأمور وضرورة منعها، وعدم ممارستها في أفراحهم بسبب ما ينتج عنها من مآس وأحزان ينقلب أثرها على القائمين بالحفل وإن لم يكن لهم يد في فعله.
فزع وخوف
علي محمد جيلان.. تربوي قال: هذه الظاهرة أزعجتنا كثيراً بشكل قد خرج عن حدود العقل والمنطق أولاً لأنها غالباً ما تشتد بعد منتصف الليل إذ يطلق هؤلاء أزيزهم المخيف والمرعب من أسلحة متوسطة لم نعد نرى مسدسا أو آليا بقدر ما أصبحنا نجد قذائفR.B.Gو دوشكا و.. الخ.. غير آبهين بما يسببه ذلك من فزع وخوف في قلوب الأطفال وقلق لراحة المرضى وكبار السن. وبسببها تحدث عدة مشاكل مع الناس والمجتمع وتزرع الأحقاد والبغضاء إذا ما تسببت في قتل أحدهم أو إصابته فمنها ما يستطاع إنقاذه ومنها ما قد ينتهي بالوفاة وهذا يرجع لنقص وعي الناس وعدم تفعيل أجهزة الأمن وإصدار قانون يجرم ويعاقب بشدة مرتكبي هذه الظاهرة حتى يكونوا عبرة للآخرين. يجب على أجهزة الأمن ملاحقة المسئولين عن إدخال هذه المفرقعات وتجار السلاح من النافذين المدعومين من الحكومة نفسها وعدم التساهل بأرواحنا.
أضرار جسدية ونفسية خطيرة
إياد هندي معجم “مثقف” من جانبه قال:
ظاهرة الألعاب النارية بقدر ما هي بمثابة تعبير عن الفرح هي أيضاً ظاهرة سيئة ودخيلة على مجتمعنا التهامي المدني، للأسف الشديد أن البعض يعتبرها شكلا من أشكال التعبير عن الفرح، وأن هذه الفرحة لن تتم دون أن ينهمر رصاص المطر على رؤوس الناس ويسمع أزيز الرصاص في الحي والأحياء المجاورة دون أن يعبأوا بوجود مرضى أو أطفال.
وإنا على ثقة بأننا إن رجعنا لأخصائيات المستشفيات التي تستقبل الحالات المصابة أو المتوفاة نتيجة هذا الاستهتار واللامبالاة ربما فاجأتنا بأرقام مخيفة لضحايا لا ذنب جنوه إلا أنهم جيران أهل العرس أو تواجدوا في أماكن قريبة من موقع العرس. وعادة ما تؤدي هذه الأعراس إلى أضرار جسدية ونفسية خطيرة. وكم نتمنى من الجهات المعنية الاهتمام بالحد من هذه الظاهرة إن لم يكن منعها نهائياً.
ليل داحس والغبراء
هاني أحمد حسين عامر “مثقف” يتفق مع زميله إياد ويقول:
تقريباً أكاد أكون أكثر من عايش قلق ورعب هذه الظاهرة ومقدار ما تخلقه من مشاعر فزع قاتلة عند الأطفال وكبار السن؛ إذ أقيم ذات ليلة حفل زفاف في شارع مجاور للشارع الذي أسكنه وكان هذا الاحتفال لنجل أحد المتنفذين وأقسم بالله أن هذه الليلة لم تكن ليلة عادية لقد كانت ليلة حرب طاحنة أسميتها ليلة داحس والغبراء. استخدمت فيها أنواع متعددة من الأسلحة المتوسطة حتى مضادات الطائرات “م.ط” وكان دوي وازيز الرصاص يصج آذاننا في الحي ويدخل رجفة الرعب في قلوبنا نحن الكبار فما بالك بالأطفال الذين تعالت أصوات الخوف من حناجرهم وسامروني ليلتها ببكائهم، وبرغم بعدي عن المكان بمسافة كبيرة، إلا أن سماء بيتي أبت إلا أن تشارك في هذا العرس حين أمطرت وابل من الرصاص من فوق رؤوسنا “رصاصات الراجع” واشتد حينها خوفي على أطفالي و اضطررت لأن أدخل وهم إلى الغرفة وحين استيقظت في الصباح وجدت ما يقارب الخمسين طلقة مرمية على الأرض. قصة كهذه تغنيك عن أي كلام إنشائي قد تقوله؛ لأنها حكت معاناة ليلة طويلة من الخوف والرعب والموت الذي عايشناه في تلك الليلة التي كدت أن أفقد فيها نفسي أو أحد أفراد أسرتي ولن يستطيع مخلوق في هذه الأرض أن يعلم من أطلق هذه الرصاصة وحتى القاتل نفسه, إن هذه الظاهرة يجب أن تعدم ويعاقب كل من يرتكبها؛ لأنها ليست ظاهرة تعبير عن الفرحة والابتهاج بزفاف وإعلان ميلاد أسرة جديدة؛ بل هي ظاهرة قتل نفس بريئة حرم الله قتلها إلا بالحق وفقدان أسرة عائلها الوحيد أو طفلها الأوحد.
ضحايا أبرياء
فؤاد الجيلاني ..مثقف ..قال:
ظاهرة إطلاق الرصاص الحي التي يمارسها البعض في الأعراس والمناسبات يكون الضحايا فيها ابرياء ومرتكبو هذه الأعمال مجهولين؛ لأن الضحية يكون نتيجة (رصاص راجع) أضف إلى ذلك ظهور بعض الألعاب النارية شديدة الخطورة والانفجار وتتساوى في صوتها مع مدفعية (آر بي جي) فتسبب بترا للأطراف وتشوهات لها أو حروقا جلدية قد تصنف من الدرجة الأولى والمصيبة أن مثل هذه الألعاب نجدها سهلة التناول في أيدي الأطفال وتتواجد في محلات البيع العادية وتتزايد حالات الوفيات والإصابات والتشوهات من مختلف الأعمار.
نقلا" عن الجمهورية