|
الحديدة نيوز // كتب// عاصم الخضمي
خلال الحرب في اليمن، برزت العديد من النساء والفتيات اللواتي يمارسن هواية الرسم، واستطعن من خلال لوحاتهن وجدارياتهن إيصال رسائل قوية تعزز من السلام والتعايش المجتمعي ونبذ العنف والكراهية، في صورة تعكس إصرار الفتاة اليمنية على أخذ حقها في المشاركة في الحياة العامة، والوقوف ضد الحرب التي ضاعفت من معاناتهن بشكل أكبر.
معلمة الرسم بجامعة تعز، منار الشميري، جسدت في أعمالها ما تتميز به اليمن من تاريخ وعادات وتقاليد، وعبرت برسوماتها عن السلام والتعايش ضمن مشروع “ألوان السلام”في العام 2021. تقول الشميري في حديثها لهودج: “الرسم في زمن الحرب بالنسبة لي يعتبر هروبًا من الواقع وتوصيل هدف سلمي واجتماعي أستطيع خلاله التعبير عم ايدور بالنفس”.
وأضافت:”من أجل نشر السلام وبث الأمل والحب بين الناس وإخراجهم من الحالة النفسية السيئة التي خلفتها الحرب؛ شاركت بفعاليات السلام وتعزيز التعايش من خلال عمل جداريات في الشوارع”.
“السلام سوف يعود والحياة ستغدو مزهرة ومفعمة بالألوان المشرقة الموجودة في لوحاتي”.
رابط مشترك
تعد الموروثات والعادات والتقاليد والتاريخ المشترك من أهم القواسم المشتركة في تحقيق السلام والتعايش المجتمعي في كل زمان ومكان، ولعل الفن التشكيلي من أهم الوسائل التي يستطيع الفنان من خلالها إيصال رسائل سلام.
وشهدت اليمن العديد من فعاليات الفن التشكيلي التي تدعو للسلام والتعايش في زمن الحرب، وشاركت بتلك الفعاليات العديد من الرسامات، من أهمها معرض الرسم ضمن مشروع “أنشطتنا تعايش” في العام 2022، واليوم العالمي المفتوح للرسم بعدة محافظات من أجل السلام في العام 2018.
من جهتها، تقول الفنانة التشكيلية، صابرين الوتيري، إن “فن الرسم هو أداة ربط اجتماعي ووسيلة للسلام النفسي، وضمانة التماسك والتجانس بين أبناء المجتمع لما لديه من رسائل تحمل الحب والجمال، وهو أداة سهلة في إيصال مفاهيم السلام وتغيير نفسية الناس وتزرع فيهم السلام الذي هو الحل لكل المشاكل والصعوبات”.
اشتهرت الوتيري بالعديد من الرسومات الفنية التي تجسد السلام والتعايش، حيث أن لها خمسة أعمال تعبر عن السلام والتعايش، وشاركت في الكثير من المعارض المحلية أبرزها معرض”ريشة سلام” في العام 2019 بمدينة تعز الواقعة جنوب غرب اليمن، ومعرض”العالم يرسم” في نفس العام.
وترى الوتيري أن أعمالها تعطي بصيص أمل في الغد، مشيرة إلى أن “السلام سوف يعود والحياة ستغدو مزهرة ومفعمة بالألوان المشرقة الموجودة في لوحاتي”.
“الفن التشكيلي يحمل قيمة جمالية يرى فيها السوسيولوجيون وظيفة لايمكن تجاهلها، وقد ساهم الفنانون التشكيليون اليمنيون في إضفاء طابع جمالي على مرحلة ما بعد الأزمة”.
قضايا النساء والحرب
في الفترة الانتقالية بعد العام 2011، تشكلت حركة رسوم غرافيتية تزعمها الفنان اليمني الشاب مراد سبيع، وانخرطت فيها شابات وشبان، وأخذت طابعًا حقوقيًا، ونفذت الحركة أكثر من نشاط فني للحث على السلام والتعايش، والمطالبة بكشف أسماء بعض المخفيين على ذمة الصراع في اليمن.
وبعدها بسنوات قليلة، واصلت الفنانة التشكيلية هيفاء سبيع هذا النشاط برسومات على جدرانشوارع رئيسية في العاصمة صنعاء نادت خلالها بحقوق النساء. وقد حصلت الفنانة التشكيلية سبيع على جائزة الأمير كلاوس الهولندية “سيدز أوورد” للعام 2022 عن أعمالها الفنية وحملات الرسم على الجدران التي قامت بها، والتي كانت تناقش قضايا النساء والأطفال والحرب في اليمن.
يقول الأديب والفنان التشكيلي، ريان الشيباني، في حديثه لهودج: “أتحدث هنا عن دور الفن في خدمة السلام، إذ أن هناك العديد من الفنانات اليمنيات، وبعضهن متخصصات ومحترفات، اتخذن طرقًا أكثر رسمية في العمل على فنهن”.
ورغم عدم وجود سجل يوثق النشاط الشخصي لهؤلاء الفنانات، إلا أن أماكن مثل الكافيهات والمؤسسات الرسمية كبيت الثقافة قد استضافت معارض تشكيلية. هذه المعارض، بحسب الشيباني، جسدت توقًا شديدًا للحياة الطبيعية ونبذ الحرب والدمار.
وأضاف الشيباني: “الفن التشكيلي يحمل قيمة جمالية يرى فيها السوسيولوجيون وظيفة لايمكن تجاهلها، وقد ساهم الفنانون التشكيليون اليمنيون في إضفاء طابع جمالي على مرحلة ما بعد الأزمة”.
الفن في زمن الحرب هو أبلغ صورة توثق الحاضر للمستقبل، وتنقل ما يجري من أحداث من خلال الفرشاة واللوحات والألوان، وكل لوحة تحكي جزءًا من قصة حقيقية حسب حديث الفنان التشكيلي، محمد الباشق، لمنصة هودج.
ويضيف الباشق أن الرسم أو اللوحة الفنية أبلغ من الكلمات، وأن التوثيق للموروث التاريخي لأي بلد يستمر من جيل إلى آخر عبر الأعمال الفنية التي توثق اللحظات وتحافظ على إبراز الأماكن والمعالم التاريخية للأجيال القادمة.
وبحسب مديرة مكتب الثقافة بمديرية المنصورة بمدينة عدن، منى أحمد، فإن الفن التشكيلي يبرز شخصية الفنان من خلال التأمل والتفكير والإبداع وكيفية إيصال هذا الفن للمجتمع.
وتضيف في حديثها لمنصة هودج: “نحن بدورنا في مكاتب الثقافة نسعى لإقامة مخيمات صيفية ومسابقات في الرسم للطلاب لإبراز قدراتهم ومهاراتهم وإشغال فراغهم وإخراج طاقتهم؛ لكن للأسف نحن نفتقر للدعم من وزارة الثقافة، وفي الأيام القادمة سيكون معنا عدة أنشطة وفعاليات بحسب المتاح”.
تم نشر هذه المادة في منصة هودج